الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فعقدك مع الجهة التي تعمل فيها عقد إجارة، وعقد الإجارة يكون على المنفعة المطلوبة من الأجير، والأجرة في مقابل المنفعة التي يقدمها الأجير[1]، فإن وفَّى الأجير ما شُرط عليه استحق الأجرة كاملةً، وإن نقص لم يستحق من الأجرة إلا بقدر ما أدَّى من المنفعة، هذه قاعدة عقد الإجارة[2]، وقد ذكرتَ – أيها الأخ – أن الجهة التي تعمل فيها تعاملك على هذا الأساس، لكن إذا سمحت الجهة التي تعمل فيها عن شيء من الواجب عليك، فذلك إليها، وموجَب ذلك أنك إذا تأخَّرت عن بعض الساعات فلها الحق في أن تنقص أجرتك، وتأخُّرك في آخر الدوام في مقابل تأخُّرك في الحضور لا يفيدك شيئًا إلا إذا كان العمل يحتاجك، ويكون لتأخرك ثمرة في العمل المعهود به إليك.
وقول المدير لك: “إذا تأخَّرتَ فاكتب موعد حضورك الحقيقي”، هذا هو الواجب عليه وعليك، لكن ضمان المدير كمال الراتب ليس بصواب إلا أن يكون مخوَّلًا من الجهة نفسها في ذلك، أي: بأن يُسمح لبعض الموظفين في التأخُّر، وبناءً على ما تقدَّم فالساعات التي تأخَّرتَ فيها لا تستحق أجرتها، حتى ولو تأخَّرتَ بعد وقت الدوام تعويضًا عن الوقت الذي تأخَّرت فيه من وقت الدوام، فإن بقاءك بعد وقت الدوام ليس وقت عملٍ، فلا يعوِّض عن الساعة التي تأخَّرت فيها من ساعات العمل، ولعلَّ الحل يكون بأن تَرفع للمسؤول الأعلى في الجهة ما قد حصل منك من التأخُّرات، فيتخذ في شأنك ما تقتضيه مصلحة الجهة المعنيَّة. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 21 شوال 1446ه
[1] ينظر: طِلَبة الطلبة (ص134)، وأنيس الفقهاء (ص96).
[2] والقول باستحقاق جزء من الأجرة قول جماعة من أهل العلم. ينظر: مواهب الجليل (5/389)، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج (6/121)، (6/187)، والمحلى (8/190).