على كلِّ حالٍ هذا قريبٌ، يعني يُحتمَلُ أنَّهم على هذا المذهبِ، ويُحتمَلُ أنَّهم على مذهبِ الجبريَّة فقط، والحقُّ أنَّ اللهَ رفعَها بقدرتِهِ ومشيئتِهِ بالأسبابِ الَّتي قدَّرَها وخلقَها، فاللهُ رفعَها يُنسَبُ الرفعُ إلى اللهِ باعتبارِ أنَّه هو الخالقُ لك والخالقُ ليدِك وهو الَّذي جعلَ في قلبِكَ إرادةَ ذلك، فهو الَّذي رفعَها، وأنتَ رفعْتَها باعتبارِكَ أنتَ باشرْتَهُ.
ويأتي أشياءٌ مِن هذا القبيلِ، اللهُ لمَّا ذكرَ التوفِّي أضافَ التوفِّي -توفِّي الأرواحِ والنفوسِ- إليه، اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا [الزمر:42]، وأضافَه للمَلَك: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ[السجدة:11]، وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ[الأنعام:93]، الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ[النحل:28] الآية، أضافَ التوفِّي إلى الملائكةِ وإلى المَلَكِ وإلى نفسِه، فأضافَ التوفِّي لأنَّه هو الَّذي كان التوفِّي بمشيئتِه وبإقدارِه.
لكن الشَّيء الَّذي لا يليقُ بالله لا يُضافُ إليهِ وإن حصلَ بقدرتِهِ، مثل أكْلِ الإنسان، أكلَ الإنسانُ، تقولُ: أكلهُ، وأكلُكَ لما تأكله هو بإقدارِ اللهِ لكَ وبتيسيرِ ذلك المأكولِ، وبما جعلَ فيك مِن شهوةِ الطعامِ، ولكن هذا الفعل لا يُضافُ إلى الله، لأنَّ الأكلَ نقصٌ بحقِّ الله، لأنَّه يقتضي الافتقار، الآكلُ مفتقرٌ إلى ما يأكلُه، ولهذا جعلَ مِن الدَّليلِ على بطلانِ إلهيَّة المسيحِ وأمِّه أنَّهما يأكلانه الطَّعام، أنَّهما يأكلان الطَّعامَ، والَّذي يأكلُ لا يصلحُ أن يكون إلهاً لأنَّه ناقصٌ ومفتقرٌ، واللهُ تعالى لا يَطعمُ ولا يُطعَمُ .