لا حدَّ لأقلِّ سنِّ الحيضِ، ولا لأكثرِهِ، ولا لأقلّ الطُّهْرِ
* لا حدّ لأقلِّ سنٍّ تحيضُ فيه المرأةُ، ولا لأكثرِه، ولا لأقلِّ الطُّهر بين الحيضتين: على الصَّحيح [1] ؛ لعدمِ ورودِ دليلٍ يُقيِّد ذلك.
ومشهورُ المذهب أنَّه: "لا حيضَ قبلَ تسعِ سنين، ولا بعدَ خمسينَ، ولا مع حملٍ" [2]
وليس لهذا دليلٌ؛ إلاَّ ما رُوِي عن عائشة: (إذا بَلَغَتِ الجاريَةُ تِسْعَ سِنِينَ فهي امرأةٌ) [3] وضعّفَ هذا القولَ بعضُ أهلِ العلمِ، كشيخ الإسلام ابن تيميّة [4] .
والواقعُ أنَّ ضبطَ الحيضِ بسنٍّ معيَّنٍ: فيه إشكالٌ؛ فلو أنَّها حاضَتْ -مثلاً- وهي بنتُ ثمانِ سنينَ ونصفٍ، أو بنتُ تسعٍ إلّا شهرًا، أو شهرين، أو ثلاثة، فما المانع ! ؟
إذا كانَتْ بعد التّسعِ يمكنُ أن تحيضَ، فقبل التّسع بشهرٍ، أو شهرين، أو ثلاثة: جائزٌ أن تحيض أيضًا !
فعلى قولهم: لو حاضَتْ قبلَ تمامِ التّسع: كان دمَ فسادٍ، وعلى القول الرَّاجح: دمُ حيضٍ بشرطِ أن تكون تتوفَّر فيه مواصفات دمِ الحيض.
* كذلك أعلى سِنّ تحيض فيه المرأةُ: لا حَدَّ له، فيمكنُ أن تحيضَ وهي بنتُ ستين، متى ما جرى معها الدَّمُ الطَّبيعيُّ المعتادُ، وأمرُ التَّحديدات يحتاج إلى توقيف.
وكذلك الحامل قالوا: لا تحيض، وهذا قولُ الجمهور [5] ومِن الدَّليل على ذلك: أنَّ الحيض جُعِلَ أمارةً على براءة الرَّحم، فلو كانت الحاملُ تحيضُ: ما صَارَ في الحيضِ دلالة، ولا يكون علامةً على براءة الرَّحم: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:٢٢٨]
وفي المسألة قولٌ آخر: أنَّه إذا جرى مع الدَّم الطَّبيعي فهو حيْضٌ [6] وقالوا: إنَّ الحاملَ قد تحيضُ، ولكن لابدّ -على قولهم- أن الحيضة علامةٌ على براءة الرَّحم.
الحاشية السفلية
↑1 | وهو اختيار شيخ الإسلام وجماعة من الأصحاب. ينظر: "الاختيارات" ص45 و"الاختيارات الجلية" 8/216 و"الاختيارات الفقهية" لابن باز ص41 و"الشرح الممتع" 1/467 |
---|---|
↑2 | ينظر: " المغني 1/447 و"الإنصاف" 1/355-358 و"المنتهى" 1/121 و"الإقناع" 1/101 |
↑3 | أخرجه الترمذي بإثر حديث 1109 والبيهقي 1531 معلَّقًا بغير إسناد. وقد روي مرفوعًا ولا يصح. وينظر: "إرواء الغليل" 1/199، رقم 185 |
↑4 | ينظر: "مجموع الفتاوى" 19/237، 240 "الاختيارات" ص45 |
↑5 | ينظر: "المغني" 1/443 |
↑6 | وهذه الرواية الثانية عن الإمام أحمد، وحكي أنه رجع إليها. قال في "الإنصاف" 1/357: "وعنه: أنها تحيض، ذكرها أبو القاسم، والبيهقي، واختارها الشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق، قال في الفروع: وهي أظهر، قلت: وهو الصواب". وينظر: "الفروع" 1/267 و"الاختيارات" ص47 |
↑7 | شرح "زاد المستقنع" درس رقم /21/ |