التَّرتيبُ والموالاةُ واجبان في التَّيمّمِ للحَدثِ الأصغرِ والأكبرِ
يجبُ التَّرتيبُ والموالاة في التَّيمّم بين مسحِ الوجه واليدين: في الحَدثِ الأصغر والأكبر [1] ، بأن لا يُؤخِّر مسحَ اليدين، بحيث يجفّ الوجهُ لو كان مغسولًا [2] ؛ لأنَّ التَّيمّم صفتُه واحدة، ويُستدلّ له بفعله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في أكثر الرّوايات، أو في بعض الرّوايات؛ لأنَّه مسحَ وجهه وكفَّيْه [3] ، وفي كتاب الله: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:٤٣]
وفي حديث جابر عند النّسائي، لمّا أتى النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- الصفا ليسعى، قال: (أبدأُ بِمَا بدأ اللهُ به) [4] ، وفي رواية عند النّسائي، قال: (ابدءوا بِمَا بدأ الله به) [5] ، وهذا مِن الأدلَّة القوية على حجيَّة التَّرتيب.
فليبدأ المُتَيمّم بِمَا بدأ الله به، أمَّا أنّه يتعمَّد التنكيس، فيمسحُ وجهَه، ثم يمسحُ يديه: فلا ينبغي له، مع أنَّ الرّوايات ما أطبقت على تقديم اليدين على الوجه، فمنها: ما فيه ذكر الوجه [6] ، و"الواو" لا تقتضي ترتيبًا، لكنَّ الله تعالى ذكرَ "الوجه" قبل "اليدين" في التَّيمّم: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:٤٣] كما قدمها في الوضوء: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:٦] [7]
الحاشية السفلية
↑1 | والمذهب اشترطوا الترتيب والموالاة في الحدث الأصغر دون الأكبر. قالوا: لأن التيمم عن حدث أصغر: بدل عن الوضوء، أما التيمم عن الحدث الأكبر: فيحذو فيه حذوه, يعني: فلا يجب فيه ترتيب ولا موالاة. ينظر: "الإنصاف" 1/288 و"المنتهى" مع شرحه 1/194 و"الإقناع" مع الكشاف 1/413 |
---|---|
↑2 | "الروض المربع" 1/377 |
↑3 | كما في حديث عمَّار المخرَّج في الصحيحن، وهو أصلٌ في بيان صفة التيمم، وتقدم تخريجه. |
↑4 | أخرجه مسلم 1218 من حديث جابر بن عبد الله. |
↑5 | أخرجه النسائي 2962 والدارقطني 2577-2580 والبيهقي 400 من طرق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، به. قال الحافظ في "التلخيص" 2/542، رقم 1034: "وقد اجتمع: مالك، وسفيان، ويحيى بن سعيد القطان، على رواية "نبدأ" بالنون التي للجمع، وهم أحفظ من الباقين" وينظر: "إرواء الغليل" 4/316، رقم 1120 |
↑6 | كما في رواية البخاري 338 من حديث عمار. |
↑7 | شرح "زاد المستقنع" درس رقم /18/ |