لا يؤخِّر الصَّلاة عن وقتِها لتحصيلِ شَرطِها
ذهبَ بعضُ أهل العلم إلى إباحة تأخير الصَّلاة عن وقتها لمشتغلٍ بشرطِهَا الذي يحصِّلُه قريبًا [1] ؛ كأن يشتغل بتحصيل السّترة، كمَن يخيط ثوبًا خياطة مستعجلة ليستر بها عورته، فيجوزُ له أن يتأخَّر ولو أدَّى ذلك إلى خروج الوقت؛ لأنَّ ستر العورة مِن شروط صحَّة الصَّلاة.
وكذلك مَن يؤمِّل أن يحصِّل على الماء قريبًا، ليس عنده ماء يتوضَّأ به لكن يؤمِّل أن يحصِّله قريبًا، فيجوز له كذلك أن يتأخَّر ولو أدَّى ذلك إلى خروج الوقت؛ لأنَّ الطَّهارة شرطٌ لصحَّة الصَّلاة.
وفي المسألة قول آخر: وهو أنَّه لا يؤخِّر الصَّلاة عن وقتها، ولو كان فاقدًا لشرطها مِن الطَّهارة [2] ، والطَّهارة إن كانت لعدم الماء: فليتيمَّم، التَّيمُّم بديل، وكذلك في ستر العورة، فإذا كان اشتغاله بتحصيل السّترة يضفي به إلى خروج الوقت: فإنَّه لا يؤخِّرها، يصلّي بحسب حاله، ولا يخرج الوقت، فشرطُ الوقت أهمّ مِن سائر الشّروط وآكدها، فلا يجوز تأخير الصَّلاة عن وقتها، ولم يذكروا -فيما أعلم- لهذا دليلًا على ما قالوه.
ثم إنَّ تأخيرها عن وقتها، سواء أكان كثيرًا، أو قريبًا، أو قليلًا: لا يختلف، فإنَّه قد حصلت المفسدة، وهي تأخير الصَّلاة عن وقتها، وهي متحققة، سواء أخَّرها عن وقتها لخمس دقائق، أو بساعة، فالمفسدة جارية وحاصلة، وخرج وقت الصَّلاة المحدود.
فالقولُ الثَّاني هو الصَّواب، وأنَّه لا يؤخِّر الصَّلاة عن وقتها لتحصيل شرطها، فإن كانت الطَّهارة لعدم الماء فبدلاً عنه: التَّيمم، يتيمَّم ويصلَّي.
ومَن نام واستيقظ قبيل طلوع الشَّمس، نقول: توضَّأ، لأنَّك معذور، وهذا وقت صلاتك.
أمَّا لو فرضنا أنَّ واحدًا فرّط: فهو آثم، ففرَّط حتى كاد الوقتُ أن يخرج، نقول: يجبُ عليه أن يبادر، فيصلّي في الوقت، ويكون آثمًا في التَّفريط؛ لأنَّه فرَّط حتى ضاع الوقت.
فالوقتُ آكدُ مِن الطَّهارة، لكن النَّائم معذور، و(مَن نامَ عَن صلاةٍ أو نسيها: فليصلِّها إذا ذكرها، لا كفارةَ لها إلا ذلك) [3] [4] .