الرئيسية/الاختيارات الفقهية/تدرك الصلاة بمقدار ركعة

تدرك الصلاة بمقدار ركعة

 

تُدرَكُ الصَّلاةُ بمقدارِ ركعةٍ

تدركُ الصَّلاةُ بمقدارِ ركعةٍ على الصَّحيح  [1] ، هذا ما دلَّت عليه السُّنَّة، ففي الحديث الصَّحيح -متَّفق على صحَّته-: (مَن أدركَ ركعةً مِن الصَّلاةِ: فقد أدركَ الصَّلاةَ)  [2] . ومفهومُه: أنَّ مَن لم يدركْ ركعةً لم يدركِ الوقتَ، ولم يدركِ الجماعة، مفهومُ هذا الحديث واضحٌ: "مَن أدرَكَ"، هذا عام: (مَن أدْرَكَ رَكعةً مِنَ الصَّلاة: فَقَد أدْرَكَ الصَّلاة)، هذا عام؛ في الوقت، وفي الجماعة.
وهناك حديث مطابق له في الوقت:
 (منْ أدرَكَ ركعةً مِن العصرِ قبلَ أن تغربَ الشَّمسُ: فقد أدركَ العصرَ، ومَنْ أدرَكَ ركعةً مِنَ الفجرِ قبلَ أنْ تطلعَ الشَّمسُ؛ فقد أدركَ الفجرَ)  [3] والأول عام، وهذا خاص.
وفي المذهب: تُدرَكُ الصَّلاة بتكبيرة الإحرام 
[4] ، مَن كبَّر قبل أن ينتهي الوقت بقدر التَّكبيرة؛ فقد أدرَكَ الصَّلاة، وهذا شيء دقيق جدًا، ومَن يضبط هذا !؟ كيف تُدرك بتكبيرة الإحرام !؟ يقول: الله أكبر: خرج الوقت !
ويقولون مثل ذلك في أوَّل الوقت 
[5] ، فمَن أدرَكَ مِن أول الوقت تكبيرة الإحرام: وجبَتْ عليه الصَّلاة، ويظهرُ ذلك: في امرأة دخلَ عليها الوقت لحظة -بقدر تكبيرة الإحرام- ثم حاضت، وجبت عليها الصَّلاة، فيجب عليها القضاء إذا طهرت؛ لأنَّه وجبت عليها الصَّلاة، يطبقون هذا في أوَّل الوقت، وفي آخر الوقت.
وبالنّسبة للجماعة، يقولون: لأنَّه أدرك جزءًا مِن الصَّلاة، لكن لم يذكروا عليه أيَّ دليلٍ، إلاَّ التَّعليل هذا: أنَّه جزءٌ مِن الصَّلاة، لكن الصَّحيح: ما دلَّت عليه السُّنَّة:
(مَن أدرَكَ ركعةً مِن الصَّلاةِ: فقد أدرَكَ الصَّلاةَ).
لكنهم مع قولهم "إنَّ الصَّلاة تُدرَكُ بتكبيرة الإحرام" قالوا: إلّا الجمعة، فلا تُدرَك إلّا بركعة 
[6] ، فمَن لم يدرك مِن صلاة الجمعة ركعة: فقد فاتته، وعليه أن يصلّي ظهرًا، وهذا هو الصَّحيح.
وبناءً على هذا: مَن أدركَ مقدار ركعة مِن آخر الوقت: فقد أدركَ الوقت، بإمكانه أن يصلّي، فصلاته في الوقت تكون أداءً، والمرأة إذا طهرت ولم يبق إلّا مقدار ركعة: وجبت عليها الصَّلاة؛ لأنَّها أدركت مقدار الرَّكعة، يعني طهرت قبل خروج الوقت بمقدار ركعة.
أمَّا بالنَّسبة لأوَّل الوقت: فعلى المذهب: أنَّها متى دخل الوقت بمقدار التَّحريمة، ثم حاضت: وجبت عليها الصَّلاة؛ فعليها القضاء إذا طهرت. 
[7]
والقولُ الآخر: أنَّها إذا أدركت مقدار ركعة وجبَتْ عليها الصَّلاة.  [8]
والقولُ الثَّالث -وهو الصَّحيح-: أنَّه لا يجب عليها  [9] ؛ لأنَّ الوقت واسعٌ، فلا تجبُ عليها الصَّلاة؛ لأنَّ تعذُّر الصَّلاة ليس مِن قِبَلِها، وقد زال تكليفها، وزال وجوب الصَّلاة عنها، ولم يكن منها تفريط، وإذا قضت -احتياطًا- كان ذلك حسنًا، لكن لا نقول: يجبُ عليها القضاء؛ لأنَّ الوقت موسع، فيجوز لها التَّأخير.
لكن لو تأخَّرت المرأة حتى ضاق الوقتُ، ولم يبقَ إلا مقدار الصَّلاة، وتهاونت، ثم حاضت، نقول: نعم؛ هذه مفرَّطة، وضاقَ الوقتُ، ولم تؤدّي الصَّلاة، فعليها أن تصلّي، لأنَّه قد ضاق الوقت، ومع ذلك تراخت ثم حصل لها المانع، فإذا طّهُرَتْ: وجبَ عليها قضاء هذه الصَّلاة. 
[10]

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 وهذه الرواية الثانية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ينظر: " الإنصاف" 3/170، و"مجموع الفتاوى" 23/330-331
2 أخرجه البخاري 580، ومسلم 607 من حديث أبي هريرة.
3 تقدم تخريجه قريبًا.
4 ينظر: " الإنصاف" 3/177، "المنتهى" 1/154، و"الإقناع" 1/129
5 ينظر: ما سبق.
6 ينظر: "الإنصاف" 3/172
7 ينظر: "المنتهى" 1/156، و"الإقناع" 1/130
8 ينظر: "الإنصاف" 3/180
9 وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ينظر: مجموع الفتاوى 23/334-335، والإنصاف 3/180
10 شرح "زاد المستقنع- كتاب الصلاة" درس رقم /6/