يحرمُ تعدُّد الجمعة في البلد لغير حاجة، فإن فعلوا: فيأثمُ الذي أنشأ الجمعة الثَّانية، وتصحُّ صلاة الأفراد
يحرمُ تعدُّد الجمعة في البلد لغير حاجة؛ لأنَّها ما كانت تُصلَّى في عهدِ النَّبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وعهدِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ إلَّا في موضعٍ واحدٍ مِن البلدِ، بخلافِ صلاةِ الجماعةِ فإنَّها تُصلَّى في كلِّ المساجدِ، وهذه هي السُّنّةُ، لا يجوزُ إقامتُها في أكثرِ من موضعٍ إلّا لحاجةٍ أو ضرورةٍ؛ كضيقِ المسجدِ مثلًا، أو بأن يكونَ المسجدُ بعيدًا كثيرًا، أو إذا كان بين أصحابِ الأحياءِ شقاقٌ ويمكنُ أن يعتدي بعضُهم على بعضٍ، فيُجعلُ لكلٍّ مِن الطَّرفينِ مكانٌ تقامُ به الجمعةُ سدًا لذريعةِ الشرّ . [1]
وإذا خالفَ النَّاسُ وأقاموا الجمعةَ في موضعين مِن غيرِ حاجةٍ: فالذي يأثم هو الذي أنشأ الجمعة الثَّانية، أمَّا الأفرادُ فصلاتهم صحيحة [2] ؛ كما قال الشيخُ السعدي: "وأمَّا المصلّونَ فإنَّ صلاتَهم في أيِّ جمعةٍ كانت: أكانَ التّعدادُ لعذرٍ أم لغيرِ عذرٍ، وسواءٌ وقعتا معًا أو جهلَ ذلك، أو صلّوا مع الجماعةِ المتأخّرةِ: فلا إثمَ عليهم ولا حرجَ ولا إعادةَ، ومَن قال "يعيدُ في مثل ذلك" فقد قالَ قولًا لا دليلَ عليه، وأوجبَ ما لم يوجبْهُ اللهُ ورسولُه، وأيُّ ذنبٍ للمصلّي وقد فعلَ ما يلزمُهُ ويقدرُ عليه، وهذا القولُ الذي يُؤمرُ فيه بالإعادةِ قولٌ مخالفٌ للأصولِ الشَّرعيةِ في كلِّ وجهٍ وذلك بيّنٌ بحمدِ اللهِ" [3] . وهو كلامٌ وجيهٌ، وهو الذي تقتضيه قاعدةُ التَّيسيرِ ورفعِ الحرجِ . [4]
الحاشية السفلية
↑1 | ينظر: الروض المربع 3/384 |
---|---|
↑2 | والمذهب: إن فعلوا: فجمعة الإمام هي الصحيحة، فإنْ استويا – أي الجمعتان- في إذْنٍ أو عَدَمِهِ: فالثانيةُ باطلةٌ، وإنْ وقعتا معًا أو جُهِلَتِ الأُولى: بَطَلتَا. ينظر: الروض المربع 3/385 |
↑3 | المختارات الجلية – ضمن مجموع مؤلفات الشيخ- 8/242 |
↑4 | شرح "زاد المستقنع، كتاب الصلاة" درس رقم /48/ |