الرئيسية/الاختيارات الفقهية/الدين لا يسقط الزكاة

الدين لا يسقط الزكاة

 

الدَّينُ لا يُسقِطُ الزَّكاة

هناك خلاف بين الفقهاء في إسقاط الدَّين لزكاة المال الذي في يد المكلّف، أي المال الذي يُقابل الدَّين مِن حيث مقداره، ولهم في ذلك مذاهب:
وأشهرها في مذهب الإمام أحمد هو سقوط الزَّكاة عمَّا يُقابل الدَّين، فقالوا: لا زكاة في مال مَن عليه دينٌ يُنقِصُ النِّصاب، والدَّين عندهم يُسقِطُ الزَّكاةَ دونَ فرقٍ بين الأموالِ الظّاهرةِ والباطنةِ، والأموالُ الظّاهرةُ يريدون بها الماشيةَ وكذلك الزّروعَ كالثّمارِ والحبوبِ . 
[1]
 ورجَّح آخرون مِن العلماء وجوبَ الزَّكاة وأنَّ الدَّين لا يُسقِطُها  [2] ، وهذا ما رجَّحه مِن علمائنا الشَّيخان: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز [3] والشَّيخ محمد بن صالح بن عثيمين [4] رحمهما الله، وهو ما أفتي به، تبعًا لهما، ولقوة أدلَّة هذا القول، ولأنَّ الذي في يدهِ مالٌ هو غنيٌّ به، فعليه أنْ يُزكّي المالَ الذي في يده.
ومما يُقوِّي هذا: أنَّ الرّسولَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يبعثُ البُعوثَ لجبايةِ الصَّدقات مِن المواشي ومِن الزُّروعِ والثِّمارِ، ولم يكونوا يسألونَ "هل عليكَ دينٌ؟" .
والأموالُ التي يقولون عنها باطنة تكونُ في كثيرٍ من الأحوالِ ظاهرةٌ مثلُ عروضِ التّجارةِ، فإنْ صحَّ أنَّ الأثمانَ تكونُ باطنةً وخفيّةً في الصَّناديقِ فإنَّ عروضَ التّجارةِ تكونُ ظاهرةً كالدّكاكينِ وما في داخِلِها فإنَّه يشاهدُها الفقراءُ.
والرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال:
(تُؤخذُ مِن أغنيائِهم فتردُّ في فقرائِهم)  [5] وهذا الذي عنده مالٌ يتصرَّفُ به فإنَّه غنيٌّ به، فالرّاجح هو أنَّ الدَّينَ لا يُسقِطُ الزَّكاةَ، وعلى المسلم أن يحتاط لدينه، ويأخذ بما فيه براءة ذمَّته، وهذا مِن تحقيق التَّقوى، وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [سبأ: 39]، ولا يجوز للمسلم أن يجعل مجرَّد الخلاف حجَّةً له في التَّرخّص في استباحة محرَّم، أو إسقاط واجب، والله أعلم .  [6]

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 ينظر: المنتهى 1/ 441، والإقناع 1/392
2 وهي رواية عن الإمام أحمد. ينظر: الإنصاف 3/24
3 ينظر: "فتاوى نور على الدرب لابن باز" رقم الفتوى:  103 15/ 241
4 ينظر: الشرح الممتع 6/ 35
5 أخرجه البخاري 1496، ومسلم 19 من حديث ابن عباس.
6 فتاوى العقيدة وأركان الإسلام ص1079، وشرح زاد المستقنع، كتاب الزكاة، الدرس رقم /2/