الرئيسية/الاختيارات الفقهية/تقديم السعي على الطواف

تقديم السعي على الطواف

 

تقديم السَّعي على الطَّواف

وفي سؤالٍ وجِّه إلى شيخنا: هل صحيح أنَّ الشَّيخ عبدالرَّحمن البرَّاك يرى جواز تقديم السَّعي -سعي الحج- قبل طواف الإفاضة ؟
فأجاب شيخنا: الحمدُ لله ؛ إنَّ مِن المعلوم بالتَّواتر مِن هدي النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- تقديم الطَّواف على السَّعي في حجه وعمره، ولمَّا قدم النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- مكة في حجة الوداع بدأ بالبيت فطاف للقدوم، ثم سعى بين الصَّفا والمروة، وكذلك فعل أصحابه، أما طوافه للإفاضة عليه الصَّلاة والسلَّام فلم يكن معه سعي ؛ لأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قد سعى سعي الحج والعمرة بعد طواف القدوم.
والأصل وجوب ترتيب العبادات على وفق هديه -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلا ما دلَّ الدَّليل على الرخصة فيه، كما في مناسك الحج يوم النَّحر: الرَّمي ثم النَّحر ثم الحلق ثم الطواف، لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لِمَن قدَّم وأخَّر:
(افعلْ ولا حَرَجَ). [1]
ومِن أهل العلم مَن لا يجيز ذلك إلا لِمَن قدَّم وأخَّر خطأ أو نسيانًا، وكذلك جاء في تقديم السَّعي على الطواف حديث أسامة بن شريك أن الناس كان يأتون النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحج، فمَن قال: يا رسول الله سعيتُ قبل أن أطوف، أو قدَّمتُ شيئا أو أخرَّتُ شيئًا، فكان يقول: (لا حَرَجَ) الحديث [2] .
ومع ذلك أقول: إنَّه لا ينبغي تقديم السَّعي قبل الطواف إلا لعذر، لا في حج ولا في عمرة، وأما ما يفعله بعضُ النَّاس مِن تقديم سعي الحج على الوقوف بعرفة مِن غير أن يطوف للقدوم فأرى أنه غير مجزئ ؛ لأنَّ السَّعي مبني على الطواف، والمقصود بالحج والعمرة هو الطواف بالبيت.
ومما يدل على بناء السَّعي على الطواف أن عائشة رضي الله عنها لمَّا حاضت ومُنعت مِن الطواف لم تسعَ، فكيف يترك المسلم المقصود ويبدأ بغيره ؟!  فلابدَّ أن يكون السَّعي بعد الطواف، أو مع الطواف، كما في حال الجاهل والناسي إذا قدَّم السَّعي على الطَّواف، ومِن النَّاس مَن إذا أخَّر طواف الإفاضة إلى وقت خروجه ولم يكن سعى يبدأ بالسَّعي متأوّلاً أن يكون الطواف آخر عهده بالبيت، وهذا خطأ لا يصدر إلا عن جاهل.
فلا ينبغي تعمّد تقديم السَّعي على الطَّواف ؛ لأنَّه خلاف هديه -صلَّى الله عليه وسلَّم- المطرد، ولما علََّّم النَّبي -صلَّى الله عليه وسلّم- النَّاس المناسك قال:
(لتأخذوا عني مناسككم) [3] ، وقال في الصَّلاة: (صلوا كما رأيتموني أصلي) [4] ، والله أعلم [5] .


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1   أخرجه البخاري 83 ، ومسلم 1306؛ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
2   أخرجه أبو داود 2015، وصححه ابن خزيمة 2774.
3   أخرجه مسلم  1297؛ من حديث جَابِر رضي الله عنه.
4   أخرجه البخاري 631؛ من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.
5   فتاوى أركان الإسلام – مخطوط –