السؤال: هل رفع المأموم صوته بـ"آمين" بعد دعاء الإمام في القنوت يُعدُّ من رفع الصوت المنهي عنه في الدعاء؟

الجواب: الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فقد أمر الله بإخفاء الدعاء والذكر، فقال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف:55]، وأثنى على عبده زكريا بإخفاء دعائه، قال تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا [مريم:2-3]، فالأصل إخفاء الدعاء إلا ما خصَّه الدليل، كالجهر في دعاء الفاتحة في الصلاة الجهرية، وكالجهرِ في التأمين بعد الفاتحة من الإمام والمأمومين، وكذا القنوت في النوازل، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو لقوم، ويدعو على قوم، ويرفع صوته،^[1] والصحابة خلفه يؤمنون،^[2] وعلى قياس قنوتِ النوازل قنوتُ الوتر، وكلُّ هذا مخصوصٌ من قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف:55]، لكن الإفراط في رفع الصوت في الدعاء والتأمين من الإمام والمأمومين مذموم، ولعله يدخل في الاعتداء في الدعاء، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55]، فينبغي التوسط في ذلك، فيُسمِع الإمامُ المأمومين الدعاء والتأمين، ويُسمِع المأمومون بعضهم بعضًا إذا أمَّنوا جميعًا، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا أمَّن الإمام أمَّنوا وكان لهم في المسجد لجَّة،^[3] وجاء عن عطاء أنه قال: أمَّن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد لَلجَّةً. رواه البخاري معلقًا،^[4] وروى البيهقي في السنن ^[5] عن خالد بن أبي أيوب،^[6] عن عطاء قال: أدركت مئتين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا المسجد إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ سمعت لهم رجَّة بآمين. والله أعلم.

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 18 رمضان 1443 هـ