السؤال: كيف الجمع بين حديث: "إني خلقت عبادي حنفاء كلهم" وقوله تعالى عن الإنسان: إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ [هود: 9] إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب: 72]، وما في معناهما من الآيات؟
الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فإن حديث إني خلقت عبادي حنفاء كلَّهم[1] نظير قوله -صلى الله عليه وعليه وسلم-: ما من مولود إلا يُولَد على الفطرة[2]. وأما الآيات الواردة في وصف الإنسان بصفات الذَّمِّ؛ كالظلم والجهل والهلَع والكفر والخُسر، فكل ذلك راجع إلى حاله بعد تغيير الفطرة التي خلقه الله عليها، كما نبَّه عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه[3]، وبقوله في الحديث المذكور في السؤال: وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمتْ عليه ما أحللتُ لهم، وأمرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا[4]، وأما قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا [المعارج: 19]، فليس معناه أنه خُلق على هذه الحال، بل هذه حالٌ مقدَّرة، كما قال المفسرون والمعربون[5]، ومعنى الحال المقدَّرة أي: سيكون كذلك. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 24 رجب 1444هـ
[1] أخرجه مسلم (2865) عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري (1358)، ومسلم (2658) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[3] تتمة حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق وهذا لفظ البخاري.
[4] تتمة حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه.
[5] ينظر على سبيل المثال: مشكل إعراب القرآن (2/ ٧٥٨)، الكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد (6/222)، والدر المصون (10/458).