لا يَجِبُ الغُسْلُ مِنَ المنيّ إلّا بِخروجِهِ

إذا انتقلَ المنيُّ مِن الصّلبِ، وصارَ في الذَّكَرِ، لكنَّه لم يخرج: إمّا لنوع مِن الإكسال، أو كما قد يفعلُ بعضُ النَّاس: يُمسكُ بذكَرِهِ فيمنع خروجه.
فالمذهبُ: إذا انتقلَ وَجَبَ الغُسْلُ .
[1]
وعلَّلوا هذا: بأنَّه  قد باعدَ  موضعه، وفارقَ  موضعه، وهذا  معنى "الجنابة"؛ لأنّ الماءَ يفارقُ ويجانبُ موضعه مِن الإنسان، فصدقَ عليه اسم "الجُنُب"[2]
ثمّ إنّه -كما يقولون- سيخرجُ بِلا دفقٍ ولا لذّةٍ، في مثل هذه الحال: غايةُ الأمرِ أنّه يسيلُ مِن المكانِ الذي وصلَ إليه في مجراه.
وقال بعضُ أهلِ العلمِ -وهو اختيار شيخ الإسلام وغيره-: أنّه لا يغتسلُ له إلّا إذا خرجَ
[3]؛ لأنّ الأحكامَ منوطةٌ في مثل هذه الأحداث: بخروجِ الشَّيء، والنَّجاسةُ لا حكم لها في موضعها.
وكذلك المنيّ والمذي: لا حكم لهما إلاّ بالخروج، ثم قد يتوهَّمُ الإنسانُ أنَّه انتقلَ، ولم ينتقل، فلا ينضبطُ إلّا إذا خرجَ.
فالصَّحيحُ: أنَّه لا يجبُ الغُسلُ إلّا بخروجهِ، وبرؤيته، وفي حديث أمّ سلمة:
(إذا رأتِ الماءَ)[4] فعلَّقَ وجوبَ الغُسْلِ بالرّؤية، بالوجودِ، بالخروجِ الفعليّ .[5]
 
[1] ينظر: "المنتهى" 1/78 و"الإقناع" 1/66
[2] ينظر: "الروض المربع" 1/328
[3] وهو اختيار الموفق، وابن أبي عمر، وشيخ الإسلام، وجماعة من الأصحاب.  ينظر: "الاختيارات" ص30 "الإنصاف" 1/230 "الشرح الممتع" 1/337
[4] أخرجه البخاري 130 ومسلم 313
[5] شرح "زاد المستقنع" درس رقم /15/