يُشرَعُ السّواكُ للصَّائمِ مُطلقًا: قبلَ الزَّوالِ وبعده
السّواكُ مشروعٌ للصَّائم مطلقًا، قبل الزَّوال وبعده [1]، ويُكره في المذهب بعد الزَّوال [2]؛ لحديثٍ وردَ في هذا: (إذا صُمتم فاستاكوا بالغداةِ ولا تستاكوا بالعشيِّ؛ فإنَّه ليسَ مِن صائمٍ تيبَّس شفتاهُ بالعشيّ إلّا كانتا نورًا بين عينيهِ يوم القيامةِ) [3]
ولكنَّ الحديثَ ضعيفٌ، ومعارضٌ بِما هو أقوى منه، وهو حديث عامر بن ربيعة، قال: "رأيتُ رسولَ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- ما لا أحصي، يتسوِّك وهو صائمٌ" [4]
ويدلّ لهذا القول -أعني القول الرّاجح- إطلاقات الحديث: (السّواكُ مطهرةٌ للفمِ مرضاةٌ للرَّبِّ) [5]، (لولا أنْ أشُقَّ على أمَّتِي لأمرتُهُمْ بالسِّوَاكِ عندَ كلِّ صلاةٍ) [6]، (لأمرتهم بالسّواكِ مع كلِّ وضوءٍ) [7] وهكذا، فهذا دليلٌ على أنّ السّواك للصَّائم لا يتقيَّد بأوّل النَّهار . [8]
وأخرجه الدارقطني 2372، وعنه البيهقي 8336 بهذا الإسناد عن علي موقوفًا من قوله.
قال الدارقطني: "كيسان أبو عمر ليس بالقوي، ومن بينه وبين علي غير معروف"
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 3696، والدارقطني 2373، والبيهقي 8337 من طريق كيسان، عن عمرو بن عبد الرحمن، عن خباب مرفوعًا مثله.
والحديث ضعفه الدارقطني، والبيهقي، والذهبي، وابن الملقن، والعراقي، وابن حجر، والألباني، وغيرهم .. ينظر: "البدر المنير" 5/707، "التلخيص الحبير" 2/442، رقم 908، "فيض القدير" 1/395، رقم 736، "إرواء الغليل" 1/106، رقم 67.
وعلَّقه البخاري في "باب سواك الرطب واليابس للصائم" 3/31، قبل حديث 1934 بصيغة التمريض؛ فقال: "يذكر عن عامر بن ربيعة، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم «يستاك وهو صائم» ما لا أحصي أو أعد"
وعاصم بن عبيد الله، وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب، ضعفه الجمهور. ينظر: "ميزان الاعتدال" 2/353، رقم 4056
وقال ابن خزيمة: " وأنا بريء من عهدة عاصم، سمعت محمد بن يحيى يقول: عاصم بن عبيد الله ليس عليه قياس، وسمعت مسلم بن حجاج يقول: سألنا يحيى بن معين , فقلنا: عبد الله بن محمد بن عقيل أحب إليك أم عاصم بن عبيد الله؟ قال: لست أحب واحدا منهما، وكنتُ لا أخرِّج حديث عاصم بن عبيد الله في هذا الكتاب، ثم نظرت, فإذا شعبة والثوري قد رويا عنه, ويحيى بن سعيد, وعبد الرحمن بن مهدي - وهما إماما أهل زمانهما - قد رويا عن الثوري عنه, وقد روى عنه مالك خبرًا في غير الموطأ"
ولذلك حسنه الترمذي، واختلف فيه قول الحافظ في "التلخيص"، فقال في 1/229: "إسناده حسن"، وقال في 1/243: "وفيه عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف" وينظر: "إرواء الغليل" 1/107، رقم 68
وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند أحمد، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.
وللحديث طرق وشواهد: انظرها في "البدر المنير" 1/ 684، و"التلخيص الحبير" 1/225، رقم 63، و" إرواء الغليل" 1/105، رقم 66
وهو في "الموطأ" 2/89، رقم 215 من طريق ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة أنه قال: لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك، مع كل وضوء ومن طريقه أخرجه: أحمد 9928، و النسائي في "الكبرى" 3043، وابن الجارود 63، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 234، والبيهقي في "السنن" 146، وابن عبد البر في "التمهيد" 7/196
قال ابن عبد البر: "هذا الحديث يدخل في المسند؛ لاتصاله من غير ما وجه؛ ولما يدل عليه اللفظ، وبهذا اللفظ رواه أكثر الرواة عن مالك". وللحديث طرق كثيرة، وشواهد عن جماعة من الصحابة، انظرها في "إرواء الغليل" 1/108، رقم 70