الختانُ: واجبٌ في حقِّ الرّجالِ، مُستحَبٌٌ في حقِّ النِّساءِ
مِن أهل العلم مَن قال بوجوب الختان مطلقًا، على الرّجال والنّساء [1]، ومنهم مَن قال بوجوبه على الرّجال دون النّساء [2]، ومنهم مَن قال: بل هي سنَّة مطلقًا [3]؛ لأنّ حديث "خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ"[4] لا يدلّ على الوجوب.
والصَّحيح: أنّ الفطرة قد تكون واجبة، وقد تكون مستحبّة، فإعفاء اللحية مِن الفطرة، وإعفاؤها واجب [5]، وكذلك قصّ الشَّارب، أو إحفائه؛ لأنَّه ورد الأمر بهما: (جزُّوا الشَّواربَ، وأرخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا المَجُوسَ)[6] (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وأَحْفُوا الشَّوَارِبَ)[7]، يعني جاء الأمرُ بها وفيه: (خَالِفُوا المَجُوسَ، خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ) ممّا يؤكّد الوجوب.
فالصَّواب: أنّ ختان الرّجال واجبٌ؛ لأنّه سنّة إبراهيم [8] وسُنَّة محمّد -عليهما الصَّلاة والسَّلام- وسُنَّة المسلمين.
أمّا ختان النّساء: فالظَّاهر أنَّه مستحبٌّ، وقد جاء في الأثر: أنَّ الرَّسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال للخاتنة: (اخْفِضِي ولا تُنْهِكِي، فإنَّهُ أنْضَرُ للوَجْهِ، وأحْظَى عند الزَّوْجِ) [9]، اخفضي: يعني شيء خفيف، ختانٌ يسيرٌ [10]؛ لأنَّه يُخفف الغُلمة [11] عند المرأة، وأمّا المضاعفة: فيضعِّف الشّهوة كثيرًا.
والظَّاهر أنَّ ختان النّساء ينفرُ منه كثير مِن النَّاس، وبعضُ الجهات المسئولة في بلاد المسلمين عندها شيء مِن المنع منه، ولا أدري إن وصل الأمر إلى درجة التقنين، فجعلوه قانونًا، أو أنّه ممنوع منعًا شبه توجيه، وشفهي، وما أشبه ذلك ! [12]
وأخرجه أبو داوود 5271 من طريق محمد بن حسان، قال عبد الوهاب الكوفي: عن عبد الملك بن عمير، عن أم عطية الأنصارية، أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل»
قال أبو داوود عقبه: "ليس هو بالقوي وقد روي مرسلًا، ومحمد بن حسان مجهول، وهذا الحديث ضعيف"
وقد اختلف فيه على عبد الملك بن عمير على وجوه!
والحديث ضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" 1/168، وقال ابن المنذر – كما في الفيض 1/216، رقم 297-: "ليس في الختان خبر يعول عليه ولا سنة تتبع" وحسنه الألباني بمجموع طرقه وشواهده. ينظر: "التلخيص الحبير" 4/225، رقم 1807، و"الصحيحة" 2/344، رقم 722