التَّيمُّمُ يقومُ مقامَ الماءِ مُطلقًا
التَّيمّمُ رافعٌ لا مبيحٌ على الصَّحيح [1]؛ لأنّه بدل الماءِ، والبدلُ يقومُ مقامَ المُبدلِ منه، والله تعالى يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:٤٣]
وفي حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (الصَّعيدُ الطيِّبُ وُضوءُ المُسْلمِ، وإنْ لم يجدِ الماءَ عشرَ سنين) [2]
فمادام أنّه عادمٌ للماءِ: فليتيمَّم في أي وقتٍ، ويصلّي به ما شاءَ مِن الفرائضِ والنَّوافل.
والمذهب: أنَّ التَّيمُّمَ مبيحٌ لا رافعٌ . [3]
وفرَّعوا على هذا جملة مِن المسائل:
- اشتراطُ تعيينِ ما يُتيمَّمُ له، فلا يكفي أن ينوي التَّيمّم مطلقًا كما ينوي في الوضوء، بل لابدَّ أن ينوي ما يتيمَّم له: لِمَ تتيمَّم؟ لأقرأ. لِمَ؟ للصَّلاة. صلاة ماذا؟ صلاة الضّحى، أو أي صلاة فريضة !
- وقالوا: إذا نوى ما تستحب له الطَّهارة كالقراءة: فلا يصلِّي به؛ لأنَّ الصَّلاة -ولو نافلة- تجبُ لها الطَّهارة، وهو إنَّما تيمَّم لِمَا تُستحبُّ له الطَّهارة !
- وهكذا إذا نوى ما تجبُ له الطَّهارة كالصَّلاة، لكنّها صلاة نافلة: فلا يصلّي بها فريضة؛ لأنَّ الفريضة أعلى، وهو إنَّما نوى صلاة النَّافلة[4]
- وفرَّعوا على هذا أيضًا: إبطال التَّيمم بخروج الوقت، بناءً على أنَّ التَّيمّم مبيحٌ لا رافعٌ، وأنَّه طهارة ضرورة، والضَّرورة تقدَّر بقدرها، فلا يصلّي به إلا في الوقت، فإذا خرج الوقتُ وجبَ عليه أن يستأنف التَّيمّم، فيبطلُ التَّيمّمُ بخروج الوقت . [5]
والصَّواب: إذا نوى الطَّهارة تيمَّمَ مطلقًا [10]، وهو يريدُ الطَّهارة، فإنَّ ذلك يجزئه لتلاوة القرآن، للنَّافلة للرَّاتبة، للفريضة، قبل دخول الوقت وبعده، فهو كالماء: فيُستحبُّ لِمَا تستحبُّ له الطَّهارة، ويجبُ لِمَا تجبُ له الطَّهارةُ: مِن الصَّلاة، والطَّواف، على القول المعروف، ومسِّ المصحف، ويجوزُ قبل دخول الوقت وبعد خروجه.
- وفرَّعوا على هذا أيضًا: أنَّ دخول وقت الفريضة، وإباحة النَّافلة -بأن لا يكون وقت نهي عن فعلها-: شرطٌ للتَّيمّم . [11]
والصَّحيح: أنَّه لا يُشترطُ للتَّيمّمِ دخولُ وقت الفريضة، فيصحُّ قبل الوقت وبعده [13]؛ لأنَّ التَّيمّم بدلٌ عن الطّهارة بالماء، والبدلُ يقومُ مقام المُبدل منه [14]، والله تعالى يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: ٤٣]
وفي حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (الصَّعيدُ الطيِّبُ وُضوءُ المُسْلمِ، وإنْ لَمْ يجدِ الماءَ عشرَ سنين) [15]
فمادام أنَّه عادم للماء: فليتيمَّم في أيّ وقت؛ لأنَّ التَّيمّم بدلٌ عن الماء، فكما أنَّ الوضوء يصحّ مطلقًا، في أيّ وقتٍ يفعله المكلَّف: فكذلك التَّيمّم، لا يشترطُ له دخولُ الوقت، فمتى تيمَّم -مريدًا الطَّهارة-: أجزأه ذلك.
ويصحُّ تيمُّمه، في أيّ وقتٍ، سواء في وقت النَّهي، أو قبل دخول وقت الفريضة، فيتيمَّم قبل المغرب، لصلاة المغرب، أو قبل الفجر، لصلاة الفجر. [16]
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه إذ لم نجد لعمرو بن بجدان راويًا غير أبي قلابة الجرمي وهذا مما شرطت فيه، وثبت أنهما قد خرجا مثل هذا في مواضع من الكتابين"
وصححه ابن حبان والدارقطني!
قلت: عمرو بن بجدان لم يوثقه غير العجلي وابن حبان، وتفرد بالرواية عنه أبو قلابة.
قال الذهبي في "الميزان" 3/247، رقم 6332: "حسنه الترمذي ولم يرقه إلى الصحة للجهالة بحال عمرو... وقد وثق عمرو مع جهالته"
وقال الحافظ في "التقريب" رقم 4992: "تفرد عنه أبو قلابة، لا يعرف حاله".
وضعفه ابن القطان في "الوهم والإيهام" 3/327
وله شاهد من حديث أبي هريرة. ينظر: "نصب الراية" 1/148 و"البدر المنير" 2/650 و"التلخيص الحبير" 1/407، رقم 209 و"صحيح أبي داوود" 2/148، رقم 358
قال الترمذي: "حديث أبي أمامة حديث حسن صحيح، وسيار هذا يقال له: سيار مولى بني معاوية، وروى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن بحير، وغير واحد"
قلت: وليس له عند الترمذي إلا هذا الحديث، ولم يوثقه غير ابن حبان 4/335، رقم 3206 وابن خلفون كما في "إكمال التهذيب" لمغلطاي 6/189، رقم 2323