الرئيسية/شروحات الكتب/فتح الرحيم الملك العلام/علم الاخلاق/(4) الصدق في الأقوال والأفعال وجميع الأحوال
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(4) الصدق في الأقوال والأفعال وجميع الأحوال

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
علم الأخلاق 
الدَّرس: الرَّابع

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللَّهمَّ اغفرْ لشيخِنا وللحاضرينَ والمستمعينَ. قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بن ناصر السَّعديُّ -رحمه الله تعالى وأسكنَه فسيحَ جِنانِه- في كتابِهِ "فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلَّامِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ":

الصدقُ في الأقوالِ والأفعالِ وجميعِ الأحوالِ:

قدْ أمرَ اللهُ بالصِّدقِ ومَدَحَ الصادقين، وأخبرَ أنَّ الصِّدقَ ينفعُ أهلَهُ في الدُّنيا والآخرةِ، وأنَّ لهمْ المغفرةَ والأجرَ العظيمَ.

قالَ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [الزمر:33]، قال: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ [محمد:21]، هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة:119]، والآياتُ في مدحِ الصِّدق كثيرةٌ جدًا.

والصِّدقُ يَهدي إلى كلِّ بِرِّ وخيرٍ، كما أنَّ الكذبَ يَهدي إلى كلِّ شرٍّ وفجورٍ، والصادقُ حبيبٌ إلى اللهِ، حبيبٌ إلى عبادِ اللهِ، مُعتبرٌ في شرفِ دينِهِ ودنياهُ، بل عنوانُ الشَّرفِ والاعتبارِ وعلوِ المنزلةِ الصدقُ.

وللصدقِ فوائدُ عظيمة: منها هذه الأمورُ العظيمةُ التي أشرْنَا إليها مِن امتثالِ أوامرِ اللهِ وحصولِ الأجرِ والثوابِ العظيمِ والمغفرةِ، وأنَّ الصادقَ ينتفعُ بصدقِهِ في الدُّنيا والآخرةِ، وأنَّه يدعو إلى البِرِّ، والبِرُّ يَهدي إلى الجنةِ، ولا يَزالُ الرجلُ يصدقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتى يُكتَبَ عندَ اللهِ صديقًا في أعلى الدرجاتِ وأرفعِ المقاماتِ.

ومَن عُرِفَ تحرّيهِ للصِّدقِ ارتفعَ مقامَهُ عندَ الخَلقِ، كما كانَ مرتفعًا عندَ الخالقِ واطمأنَ الناسُ لأقوالِه وأفعالِه، وصارَ لَهُ مرتبةً عاليةً في الشَّرفِ، وحُسْنُ الاعتبارِ والثناءِ الجميلِ، وأمَنَ الناسُ مِن بوائقِهِ ومكرِهِ وغدرِهِ.

ففي جميعِ المقاماتِ الدينيةِ والدنيويةِ لا تجدُ الصادقَ إلا في الذِّروةِ العُليا، إنْ كانَ في مقامِ الإفتاءِ والتعليمِ والإرشادِ لمْ يَعدلِ الناسُ بقولِه لقولِ أحدٍ، واطمأَنُّوا إلى إرشاداتِه وتعليمِه وتفهيمِه، لأنَّه مُؤسَّسٌ على الصِّدق، وإنْ شَهِدَ شهادةً عامَّةً أو شهادةً خاصَّةً ثَبتتُ الأحكامَ بشهادتِهِ، وإنْ أخبرَ بخبرٍ خاصٍّ أو عامٍّ وَثِقَ الناسُ لخبرِهِ وعظَّمُوهُ واحترمُوهُ، حتَّى لو أخطأَ في شيءٍ مِن ذلكَ وجدُوا لَه محملًا صالحًا، وإنْ عاملَ الناسَ معاملةً دنيويةً ببيعٍ أو شراءٍ وإجارةٍ أو تجارةٍ أو حَقٍّ مِن الحقوقِ الكبيرةِ والصغيرةِ، تسابقَ الناسُ إلى معاملتِهِ واطمأنُّوا لذلكَ غيرَ مُرْتَابِين.

وحسبُكَ بهذا الخُلُق الذي يخضعُ لحسنِهِ وكمالِهِ أَلِبَّاءُ الرجالِ، ويعترفُ بكمالِهِ أهلُ الفضلِ والكمالِ، فهو مِن جملةِ البراهينِ على صِدْقِ الرسولِ، وكمالِ ما جاءَ بِهِ مِن هذا الدِّينِ القَيِّم الذي هذا الخُلقُ العظيمُ مِن أخلاقِهم، وكلُّ أخلاقِهِ على هذا النَّمَطِ،

– الشيخ : كان -عليه الصلاة والسلام- كان يُعرَف قبلَ النبوةِ بهذا العنوانِ: "الأمين"، وهذا تعبيرٌ عَن صدقِه في أقوالِه وأفعالِه، مأمونٌ فيما يُخبِرُ به، وفيما يُؤتمَن عليه، صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فتبوَّأ المنزلةَ العاليةَ في الصِّدقِ فكانَ هو أصدقَ العالمين عليه الصلاة والسلام، وهو وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر:33]

– القارئ : وكلُّ أخلاقِه على هذا النَّمطِ، والله أعلم.

– الشيخ : صلَّى الله عليه وسلَّمَ

– القارئ : الشجاعةُ

– الشيخ : حسبُك. الصدقُ مُعتبرٌ ومطلوبٌ في الأقوالِ والأفعال، وأعظمُ الصِّدق وأولُه الصِّدقُ في الإيمان، في الشهادتين، وضدُّ ذلك النفاقُ، فالمنافقونَ هم أكذبُ الناسِ يكذبون في أصلِ الدِّين، والمؤمنُ الصادق هو الذي يُصَدِّق فِعلُهُ قولَه، فهو يشهدُ الشَّهادتين ويعملُ بموجبِها إخلاصًا لله وتحقيقًا لـمُتابعةِ الرسول عليه الصلاة والسلام.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة