الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فالأظهر -عندي- أن الشرك الأصغر داخلٌ في عموم قوله تعالى: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[النساء:48]؛ لأن أول الآية وهو قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ[النساء:48] في الشرك الأكبر خاصَّة، كنظائرها في وعيد المشرك كقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، وقولِه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [المائدة:72]، فمَن يُدخِل الشرك الأصغر في وعيد نفي الغفران يلزمه أن يُدخِله في الآيتين الأخريين، وهم لا يقولون بذلك؛ فإن الشرك الأكبر يختص بثلاث خصائص عن الشرك الأصغر:
الأولى: أنه يحبط جميع الأعمال.
الثانية: أنه يوجب الخلود في النار.
الثالثة: أنه لا يُغفر إلا بالتوبة، كما دلَّت على ذلك الآيات الثلاث.
وإذا لم يَدخُل الشرك الأصغر في الوعيد بحبوط العمل ولا في الوعيد بحرمان دخول الجنة؛ لم يدخل في الوعيد بنفي الغفران.
وما ذُكِر عن شيخ الإسلام من أن الشرك الأصغر تسقط عقوبته بالموازنة؛ فمآله وحقيقته أنه مغفور، لكن بسبب من العبد، وهو رجحان حسناته، والله تعالى يغفر لمن يشاء بسبب من العبد أو بمحض كرمه تعالى، هذا هو القول المشهور عن ابن تيمية رحمه الله، ولا أعرف له قولًا آخر، [1] والله أعلم.
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في 12 صفر 1443 هـ
الحاشية السفلية
↑1 | ينظر: تفسير آيات أشكلت لابن تيمية (1/364)، ويُقارَن بما في: تلخيص الاستغاثة (1/301)، والفروع لابن مفلح -ت التركي-(6/66). |
---|