الرئيسية/فتاوى/حكم قولهم أوصيك يا ربي بفلان
share

حكم قولهم أوصيك يا ربي بفلان

السؤال :

تجري على ألسن بعض النّاس دعاء هذا نصّه: "أوصيك يا ربي بفلان، أحسن إليه" وما أشبه ذلك؟ فما مدى صحة هذا الدعاء بهذه الوصية؟ جزاكم الله خيرًا.
 

الحمدُ لله، وصلّى الله وسلّم على رسول الله، أمّا بعد:
فهذا دعاء مبتدع؛ فلم يرد في الكتاب ولا في السّنّة ولا عن أحد مِن السّلف الوصية مِن العبد لربّه أن يفعل كذا، أو لا يفعل، وإنّما الذي ورد هو الوصيّة مِن الله لعباده بما يحبّ منهم أن يفعلوه، ووصيته تعالى هي أمرٌ منه، وقد ورد لفظ الوصيّة مسندًا إلى الله في تسع أو عشر آيات؛ ومِن ذلك قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ﴾[النساء:11]، وقوله: ﴿وَصِيَّةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٞ﴾[النساء:12]، وقوله: ﴿ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾[الأنعام:153]، وقوله: ﴿ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾[الأنعام:152]، ﴿ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾[الأنعام:153]، ﴿وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ﴾[العنكبوت:8]، إلى غير ذلك من الآيات.

والمفهوم مِن لفظ "الوصية": أنّ الموصي أبرُّ وأرحمُ بالموصَى به، وأكملُ عناية به مِن الموصَى، وهذا المعنى لا يليق بالعبد مع ربّه؛ فإنّ الله تعالى أرحمُ بعبده مِن والديه به، ولهذا قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ﴾[النساء:11]، وإنّما الذي يليق بالعبد أن يسأل رّبه المغفرة والرحمة وغير ذلك مِن المطالب لِمَن يحبّ مِن الناس؛ ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾[الحشر:10]، ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ﴾[إبراهيم:41]، ﴿رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا﴾[الإسراء:24]، ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ﴾[إبراهيم:40]، إلى غير ذلك مِن الآيات، والله أعلم. حرر في: 6-9-1437هـ
 

 أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك