الرئيسية/فتاوى/معاملة اليهود والنصارى
sharefile-pdf-ofile-word-o

معاملة اليهود والنصارى

السؤال :

 ما معنى قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا مررتم باليهود والنّصارى في طريق فاضطروهم إلى أضيقه)؟ وبالقياس: هل يجوز إيذاؤهم في أمور أخرى؟
 
 الحمد لله؛ المراد بهذا الحديث، وهو قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تبدؤوا اليهود والنّصارى بالسّلام وإذا لقيتموهم في الطّريق فاضطروهم إلى أضيقه)، أخرجه مسلم في صحيحه مِن حديث أبي هريرة، المراد به: اليهود والنّصارى المقيمون في بلاد المسلمين، مِن أهل الذّمّة أو غيرهم مِن المعاهدين والمستأمنين، فهؤلاء لا يجوز ظلمهم ولا الاعتداء عليهم، لكن مع ذلك لا يجوز الاحتفاء بهم ومعاملتهم كالمسلمين، فلا يجوز ابتداؤهم بالسّلام، لكن إذا سلموا رُدَّ عليهم، كما قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم) أخرجه البخاري ومسلم مِن حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
ولا مانع مِن سؤالهم عن حالهم وبعض أمورهم، كذلك لا يتفسّح لهم في المجالس احتفاءً بهم، وإذا لقي المسلمُ الواحدَ منهم في الطريق: فلا يؤثره بوسط الطّريق، بل على المسلم أن يسير في طريقه ويترك جانبه لهذا الكافر، اليهودي أو النّصراني أو غيرهما، وهذا معنى قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وإذا لقيتموهم في الطّريق فاضطروهم إلى أضيقه). وليس المقصود مِن هذا أنّك تلجئه أن يلصق بالجدار؛ فليس الأمر في هذا الحديث مِن قبيل الأمر بإيذائهم، بل مِن قبيل الأمر بعدم إكرامهم.

وبهذه المناسبة نُذكِّر أنّه لا يجوز للمسلم أن يحتجّ بهذا الحديث على مضايقة الكافر في حال السّير على الخط بالسّيارة، بحيث "يحدّه" كما يُقال، أيّ يضايقه حتى يُضطر إلى الخروج عن الطريق، مما قد يفضي إلى الإضرار به أو بسيارته، فإنّ هذا حرام وظلم، ولكن هذا لا يعني أن تكرمه بفتح الطّريق له، أمّا إذا كان فتْحُ الطريق يقُصد به درء خطر فإنّ هذا مطلوب للمسلم والكافر، وهذا حقّ مِن حقوق السّير للمسلم والكافر.
وحاصل الجواب أنّ الظلم حرامٌ، كما أنّ إكرام الكافر حرامٌ، إلّا مَن جعل الله له حقّ الإحسان إليه، كما في قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُم ْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِم}(الممتحنة:8)، وكَذلك في حقّ الوالدين، قال الله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَي َّالْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَي}(لقمان:14-15)، وكما شرع مِن صلة الرّحم سواء كان مسلماً أو كافراً، هذا والله أعلم.