الحمدُ لله ، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أمَّا بعد:
فإنَّ أخصَّ خصائص يوم عرفة هو الوقوفُ بعرفة الذي هو الرّكنُ الأعظمُ مِن أركان الحج ، وهو الذي استفاضت الأحاديثُ في فضله وفضل أهل الموقف ، كما جاء في صحيح مسلم [1] عن عائشة أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (ما مِنْ يومٍ أكثرُ من أن يَعْتِقَ الله فيه عبدًا مِن النار مِن يوم عَرَفَة، وإنه لَيَدْنو يَتَجَلَّى، ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟) ، وهذا صريح الدلالة بأنَّ الوعد بالعتق مِن النَّار وإجابة الدّعاء المناسب لذكر الدنو ، الذي هو مِن نوع النزول الإلهي ثلثَ الليل الآخر مِن كلِّ ليلة ، لكنَّ النزول الإلهي كلّ ليلةٍ عامٌّ لكلّ المسلمين مَن كان منهم داعيًا في ذلك الوقت ، وأما دنو الرَّب تعالى عشية عرفة فهو مختصٌّ بأهل الموقف ؛ فما اقتضاه الحديث مِن العتق مِن النار وإجابة الدعاء ، هو مختصٌّ بِمَن قَبِل اللهُ عملَهُ مِن أهل الموقف ؛ ولهذا لا يذكر أهلُ العلم حديثَ: (خيرُ الدّعاءِ دعاءُ يومِ عرفة) إلا عند ذكر الوقوف بعرفة، ولا يذكره أحدٌ في فضائل الأيام مطلقًا.
وعليه: فهذا الحديث المسؤول عنه -والله أعلم- مختصٌّ بأهل الموقف مِن الحجاج ، تقبَّل الله منهم ، ورزقنا سبحانه مِن فضله ، ولكنَّ الله عز وجل تفضَّل على أهل سائر الأقطار بفضيلةٍ في هذا اليوم ، وهي صيامُه ، فهو لهم دون أهل عرفة ، فقد سُئل -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن صوم يوم عرفة ، فقال: (يكفِّرُ السَّنةَ الماضية والباقية) رواه مسلم [2] . والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبيّنا محمَّد .
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في السابع من ذي الحجة لعام 1439هـ