الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب الزكاة من زاد المستقنع/كتاب الزكاة (3) “باب زكاة بهمية الأنعام” قوله تجب في إبل وبقر وغنم

كتاب الزكاة (3) “باب زكاة بهمية الأنعام” قوله تجب في إبل وبقر وغنم

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الزكاة)
– الدّرس الثّالث

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلِّ الّلهمَّ وسلِّم على نبيّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، أمّا بعد:
قال المصنِّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
[بابُ زكاةِ بهيمةِ الأنعامِ]

– الشيخ: الحمدُ لله، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله، تقدَّم في المقدِّماتِ أنَّ الأموالَ الزَّكويَّةَ أربعةُ أنواعٍ: "بهيمةُ الأنعامِ": وهي الإبلُ والبقرُ والغنمُ، "والأثمانُ": وهي الذّهبُ والفضّةُ وما قامَ مقامَهما كالنَّقدِ الورقيِّ كما سيأتي، و"والخارجُ من الأرضِ": وهي الحبوبُ والثّمارُ، "وعروضُ التّجارةِ". وهذا هو البابُ الأوَّلُ من أبوابِ الأموالِ الزكويِّةِ، وهو بابُ زكاةِ بهيمةِ الأنعامِ، وهي الإبلُ والبقرُ والغنمُ.
– القارئ: (تجبُ في: إبلٍ، وبقرٍ، وغنمٍ)
– الشيخ: الإبلُ والبقرُ والغنمُ هي بهيمةُ الأنعامِ دونَ سائرِ الحيواناتِ، فسائرُ الحيواناتِ ليس فيها زكاةٌ لا الخيلُ ولا الحُمُرُ، إلّا ما كان للتّجارةِ كما سيأتي.
– القارئ: (إذا كانتْ سائمةً الحولَ أو أكثرَه)
– الشيخ: "إذا كانت سائمةً" وهذا شرطٌ خاصٌّ، وهناك شروطٌ عامَّةٌ وقد تقدَّمَ ذكرُها وهي خمسةٌ، فنقولُ عنها بأنّها شروطٌ عامَّةٌ. والشروطُ المتقدّمةُ في الحقيقةِ شروطٌ تتعلَّقُ بالمكلَّفِ وهي: الإسلامُ، والحريّةُ، ومِلْكُ النّصابِ، وتمامُ الملكِ، ومضيُّ الحولِ، فهذه شروطٌ عامَّةٌ تشملُ كلَّ أصنافِ المالِ.
وهناك شروطٌ خاصَّةٌ تتعلَّقُ بالأموالِ نفسِها، وهذا منها، بهيمةُ الأنعامِ شرطُ الزّكاةِ فيها أن تكونَ سائمةً، لِمَا جاءَ في السنّةِ من هذا القيدِ. والسَّومُ معناهُ: الرَّعيُ، واللهُ تعالى يقول: وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ [النحل:10]، يعني ترعونَ البهائمَ ممّا يأكلُ النّاسُ والأنعامُ. والبهائمُ تارةً يكون طعامُها بالرَّعي، وتارةً بالعَلَفِ الذي يُجلَبُ إليها. فشرطُ وجوبِ الزَّكاةِ في بهيمةِ الأنعامِ أن تكونَ سائمةً مدَّةَ الحولِ أو أكثرَه، ومعنى أكثرَه: أنّه ما زادَ على النّصفِ؛ كسبعةِ شهورٍ مثلًا، فهذه سائمةٌ ولو عُلفِتْ بقيّةَ السنَّةِ، ومن باب أولى ثمانيةِ أشهرٍ وتسعةِ أشهرٍ، بخلافِ ما إذا كان سومُها خمسةَ أشهرٍ أو ستَّةَ أشهرٍ على كلامِهم فإنَّها لا تُعتبرُ سائمةً، وهذا جارٍ على القاعدةِ التي يُراعيها الفقهاءُ وهي: "للأكثرِ حكمُ الكاملِ".

– القارئ: (يجبُ في خمسٍ وعشرينَ من الإبلِ: بنتُ مخاضٍ، وفيما دونَها: في كلِّ خمسٍ شاةٌ)
– الشيخ: 
شَرَعَ في ذكرِ زكاةِ الإبلِ لأنّها أهمُّ الأموالِ في بهيمةِ الأنعامِ، كانت معظمُ أموالِ العربِ هي الإبلُ، وكانوا يتنافسونَ في تملُّكِها، وأيضًا من جهةِ دِلالةِ السنّة؛ فكانت تُذكرُ الإبلُ قبلَ غيرِها لأهمّيتها في المالية، ففي كتابِ أبي بكرٍ لأنسٍ رضي اللهُ عنهما كتبَ له نُصُبَ الزَّكاةِ في الإبلِ والغنمِ وفي الفضَّةِ، فبدأَ بالإبلِ.
يقولُ المصنِّفُ: "يجبُ في خمسٍ وعشرينَ من الإبلِ بنتُ مخاضٍ" وهي التي لها سنةٌ، وفي الاختصارِ قالوا: وفي ما دونَ ذلك الغنمُ في كلِّ خمسٍ شاةٌ، هكذا جاءَ في كتابِ أبي بكرٍ، في خمسٍ من الإبلِ شاةٌ، وفي العشرةِ شاتان، وفي الخمسةِ عشرَ ثلاثٌ، وفي العشرينَ أربعُ شياهٍ، وفي الحديث الصحيح: "ليس فيما دونَ خمسِ ذودٍ من الإبل صدقةٌ"، فمن لم يكن له إلّا أربعٌ من الإبلِ فلا زكاةَ عليه، فأقلُّ عددٍ من الإبلِ تجبُ فيه الزكاةُ هو خمسُ ذودٍ. ويُلاحظُ في كلِّ خمسٍ شاةٌ، يعني هناك بين النّصَابين قَدْرٌ لا تجبُ فيه الزَّكاةُ؛ لا تزيدُ الزّكاةُ بزيادتِه ويُسمّى: "الوقصُ"، يعني هذا ساقطٌ من وجوبِ الزّكاةِ، ففي التّسعِ شاةٌ، وفي أربعة عشرَ شاتان، وفي تسعة عشرَ ثلاثٌ، وفي أربعٍ وعشرينَ أربعٌ، فالوقصُ في كلِّ هذهِ المواضعِ أربعةٌ.

– القارئ: (وفي ستٍّ وثلاثينَ: بنتُ لبونٍ)
– الشيخ: بنتُ الّلبون: هي ما لها سنتان، قالوا: لأنَّ أمّها تكونُ ذات لبنٍ، يعني حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ في الغالبِ، وليس هذا بشرطٍ، لكنْ هكذا العربُ يُسمّونَ ما لها سنةٌ بنتَ مَخَاضٍ، ومالها سنتينِ بنتَ لَبونٍ.
يقولُ المصنّفُ: "في ستٍ وثلاثينَ: بنتُ لبونٍ"، إذًا هناك وقصٌ كثيرٌ، في خمسٍ وعشرينَ بنتُ مخاضٍ، وفي ثلاثينَ بنتُ مَخَاضٍ، وفي أربعٍ وثلاثينَ بنتُ مخاضٍ، وكذلكَ في خمسٍ وثلاثينَ بنتُ مخاضٍ أيضًا، فالوقصُ هنا تسعٌ، هذا كلُّه لا تزيدُ الزَّكاةُ فيها.
– القارئ: (وفي ستٍّ وأربعينَ: حِقَّةٌ)
– الشيخ: 
الحِقَّةُ: ما لها ثلاثُ سنينَ، وجاءَ في كتابِ أبي بكرٍ: "حِقَّةٌ طروقةُ الجملِ"، وهذا وصفٌ توضيحيٌّ، وسمّوها حِقَّةً لأنَّها استحقَّت أنْ يَطْرُقَها الفحلُ. فالواجبُ في ستٍ وأربعينَ من الإبلِ حِقّةٌ، والوقصُ هنا مثلُ الذي قبلَه، بعدَ ستٍ وثلاثينَ إلى ستٍ وأربعين الفرقُ بينهما تسعٌ، هذا وقصٌ.

– مداخلة: الوقصُ من ستٍ وثلاثينَ إلى ستٍّ وأربعين أليسَ عشرة؟
– الشيخ: لا، احسبْ.
– مداخلة: ابن عثيمينَ يقولُ: عشرةٌ؟
– الشيخ: يظهرُ واهمٌ الشيخ، وهذا حسابٌ قد يغلطُ الإنسانُ فيه.
– مداخلة: من ستٍ وعشرينَ إلى خمسةٍ وثلاثينَ: عشرةٌ؟
– الشيخ: سبحانَ اللهِ! جزاكم اللهُ خيرًا، صدقَ الشّيخُ وأخطأنا، أنا توهَّمتُ، نعم صحيحٌ، عشرةٌ بيقين.

– القارئ: (وفي إحدى وستينَ: جَذَعَةٌ)
– الشيخ: والجذعةُ: ما تمَّ لها أربعُ سنينٍ، فالوقصُ هنا يبدأُ من سبعةٍ وأربعينَ إلى ستين، فيكونُ أربعةَ عَشَرَ، لأنَّ العدَّ يبدأُ من سبعةٍ وأربعينَ، وفي التي قبلها التي وقعَ فيها الإشكالُ من ستٍ وعشرينَ، أمّا هنا يبدأُ الفرقُ والوقصُ الذي بين النّصابين يبدأُ من سبعةٍ وأربعينَ، فالوقصُ هنا: أربعةَ عَشَرَ بيقينٍ.
– القارئ: (وفي ستٍّ وسبعينَ: بنتا لبونٍ)
– الشيخ: 
بنتُ الّلبون عرفناها من قبلُ، لكنْ هنا اثنتين، فالوقصُ هنا يبدأُ من اثنتينِ وستّينَ إلى خمسةٍ وسبعينَ، فيكونُ المجموعُ أربعةَ عَشَرَ. كلُ هذا مأخوذٌ من كتابِ أبي بكرٍ، وهذه التّقديراتُ مفصّلةٌ في حديثِ أنسٍ عن أبي بكرٍ رضي الله عنه.
– القارئ: (وفي إحدى وتسعينَ: حِقتانِ)
– الشيخ: طروقتا الجملِ: وهي ما لها ثلاثُ سنينَ كما تقدَّمَ، وحينئذٍ يبدأُ الوقصُ من سبعةٍ وسبعينَ، فيكونُ أربعةَ عَشَرَ أيضًا، يبدأُ من سبعةٍ وسبعينَ إلى تسعين.
– القارئ: (فإذا زادتْ عَنْ مائةٍ وعشرينَ واحدةً: فثلاثُ بناتِ لبونٍ، ثم في كلِّ أربعينَ: بنتُ لبونٍ، وفي كلِّ خمسينَ: حِقَّةٌ)
– الشيخ: فإذا زادت الإبلُ بلغتْ إحدى وعشرينَ ومئةً، ففيها ثلاثُ بناتِ لَبون، ثمَّ تستقرُّ الفريضةُ في كلّ أربعينَ بنتُ لبون، وفي كلِّ خمسينَ حِقّةٌ. والوقصُ في هذه المرّةِ الأخيرةِ يبدأُ من اثنينِ وتسعينَ إلى مئةٍ وعشرينَ، فيكونُ تسعةً وعشرينَ هذا كلُّه وقصٌ، وهو أكثرُ الأوقاصِ في الإبلِ، ثمَّ يقولُ المؤّلفُ: "وتستقرُّ الفريضةُ بعدها في كلِّ أربعينَ بنتُ لبون، وفي كلِّ خمسينَ حِقّةٌ"، فيستقرُّ الوقصُ على الظّاهرِ بتسعٍ، ففي مئةٍ وثلاثينَ حِقّةٌ وبنتا لَبون، وفي المئةِ وأربعينَ بنتُ لبونٍ وحِقَّتان، وفي مئةٍ وخمسينَ ثلاثُ حِقَاقٍ، وفي المئتينِ أربعُ حِقَاقٍ أو خمسُ بناتِ لبون.

– مداخلة: هو قال: إذا زادتْ عن مئةٍ وعشرينَ واحدةً، يعني مئةً وواحدًا وعشرين: ثلاثُ بناتِ لبون، طيّب وفي مئةٍ واثنين وعشرين تستقرُّ الفريضةُ؟
– الشيخ: قالَ لكَ كيفَ تستقرُّ الفريضةُ؛ في كلِّ أربعينَ بنتُ لبون، وفي كلِّ خمسينَ حِقّةٌ. فنقولُ لك: الآنَ مئةٌ وخمسٌ وعشرون كم فيها؟، ثلاثُ بناتِ لبون، وفي مئةٍ وتسعٍ وعشرين كم فيها؟، ثلاثُ بناتِ لبون، وفي مئةٍ وثلاثينَ؟ حِقَّةٌ وبنتا لبون.
– مداخلة: طيب ثمانيةٌ وثمانين كيفَ تكونُ الفريضةُ؟
– الشيخ: هذه مسألةٌ حدّدناها فيما قبل، يعني في ثمانٍ وثمانونَ بنتا لَبون، فالذي يجبُ فيها هو ما يجبُ في ستٍ وسبعينَ، فالثّمانِ وثمانينَ داخلٌ في الوقصِ، وفي تسعينَ بنتا لبون، وفي إحدى وتسعينَ حِقّتان.
جاءَ في كتابِ أبي بكرٍ، تضمَّنَ زكاةَ الغنمِ لكن أجّلها المؤلّفُ لأنَّه يمشي على منهجٍ وترتيباتٍ، وجاءَ فيه مثلًا أنّه من وجبتْ عليه بنتُ لبون وليس عندَهُ إلّا بنت مخاضٍ فإنَّ المصدِّقَ يأخُذَها ويدفعُ فرقَ تعويضٍ وهي شاتين أو عشرينَ درهمًا، وهذا التّقديرُ في يومِها، أمَّا اليومَ فتقدَّرُ بقدرِها. يعني من وجبت عليه بنتُ لبونٍ وليس عندَه إلّا بنت مخاضٍ فإن المصدِّقَ يأخُذُها ويدفعُ الفرقَ بين بنتِ الّلبون وبنتِ المخاضِ.
أمّا ما جاءَ في الحديثِ أنّه يُعطي شاتينِ أو عشرينَ دِرهمًا، أو إذا كان العكسُ يعني وجبتْ عليه بنتُ لَبونٍ وليس عنده إلّا حِقّة فإنَّ المصدِّقَ يأخذُ منه الحِقّةَ ويدفعُ له الفرقَ ما بين الحِقّةِ وبنتِ الّلبون. وجاءَ تقديرُ الفرقُ بشاتينِ أو عشرينَ دِرهمًا، والظّاهرُ أنَّ هذا تقويمٌ وليس تعبديًا على وجهِ التَّحديدِ، ولعلَّ من العلماءِ من يعتبرُه تعبُّدًا، لكن َّالذي يظهرُ من سياقِ الحديثِ أنّه تقويمٌ، تقويمٌ للفرقِ بين الواجبينِ، بين بنتِ المخاضِ وبين الّلبونِ، أو بين بنتِ الّلبون والحِقَّةِ.
– مداخلة: ابنُ عثيمين ذكرَ المسألةَ هذه فقال: العشرونَ تقويمٌ أو تعيينٌ؟ قال: والظَّاهرُ أنَّها تقويمٌ واللهُ أعلم، وبناءً عليه فلو كانت قيمةُ الشاتين مئتي درهمٍ وأرادَ أن يعدلَ عنها فلا يكفي أن يعطيَه عشرين درهمًا؟
– الشيخ: تعيينٌ: يعني تعبُّديٌّ، ومثلُ ما قال الشيخُ، الظَّاهرُ أنَّها تقويمٌ، بل لابدَّ أن يعطيه مئتي درهمٍ، هذا هو الظّاهرُ.  

– القارئ: [فصلٌ في زكاةِ البقرِ]
(ويجبُ في: ثلاثينَ منْ البقرِ: تبيعٌ أو تبيعةٌ، وفي أربعينَ: مُسِنَّةٌ)

– الشيخ: هذا هو نصابُ البقرِ، نصابُ البقرِ ثلاثون. والأصلُ في هذا حديثُ معاذٍ عندما بعثَهُ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى اليمنِ، أمرهُ أن يأخذَ من كلِّ ثلاثينَ من البقرِ تبيعٌ أو تبيعةٌ، وفي الأربعينَ مُسنّةٌ، وبناءً عليه يكونُ نصابُ البقرِ ثلاثونَ، بمعنى أنَّه لا تجبُ فيها الزّكاةُ حتى تبلغَ ثلاثينَ، فليس في تسعٍ وعشرينَ من البقرِ شيءٌ. والتَّبيعُ: ما له سنةٌ، والمُسنّةُ: ما لها سنتان.
– القارئ: (وفي ستينَ: تبيعانِ)
– الشيخ: 
ثمَّ تستقرُّ الفريضةُ، في كلِّ ثلاثينَ تبيعٌ أو تبيعةٌ، وفي كلِّ أربعينَ مُسنّةٌ، إذًا نقولُ في سبعينَ من البقرِ تبيعٌ ومُسنّةٌ، وفي ثمانينَ مُسِنتان، وفي تسعينَ ثلاثةُ أتبعة، وفي المئةِ تبيعانِ ومُسِنّةٌ.
– القارئ: (ثم في كلِّ ثلاثينَ: تبيعٌ، وفي كلِّ أربعينَ: مُسِنَّةٌ، ويُجزئُ الذكرُ هنا، وابنُ لبونٍ مكانَ بنتِ مخاضٍ، وإذا كانَ النصابُ كلُّه ذكورًا)
– الشيخ: الأصلُ في زكاةِ بهيمةِ الأنعامِ هو إخراجُ الأنثى "بنتُ مخاضٍ، بنتُ لبونٍ، حِقّةٌ" فيخرجُ الإناثُ، ولا يجزئُ الذكرُ. قال: "ويُجزئُ الذكرُ هنا"، يجزئُ التَّبيعُ: وهو الذَّكرُ، يعني يجزئُ الذَّكرُ في زكاةِ البقرِ، وابنُ لبونٍ مكانَ بنتِ مخاضٍ. من وجبتْ عليه بنتُ مخاضٍ يجزئُه أنْ يُخرجَ عنها ابنَ لبونٍ ذكرٍ. يقولُ المصنِّفُ: "وإذا كانَ النّصابُ كلُّه ذكورًا"، يعني النّصابُ الذي عندَهُ كلُّه جمالٌ أو ثيرانٌ من البقرِ فيجزئُ، وإن كان النّصابُ كلُّه ذكورًا كما لو كان نصابُ الإبلِ أربعينَ كلُّه جمالٌ يجزئُ أنْ يُخرجَ واحدًا منها، فيجزئُ الذّكرُ هنا.

– مداخلة: بالنَّسبةِ للجاموس؟
– الشيخ: الجاموسُ من نوعِ البقرِ. كما أنّ الغنمَ صنفان: معزٌ وضأنٌ، والإبلُ صنفان: عِرابٌ وبَخَاتي؛ وهي ذات السّنامين، وكذلك البقرُ.
– مداخلة: المُسِن يجزئُ عن المُسِنّة؟
– الشيخ: هذا هو الظَّاهرُ، فيه إطلاقٌ.

القارئُ يقرأُ من الشّرح الممتعِ:
قولُه: «ويجزئُ الذّكرُ هنا» أي: في زكاةِ البقرِ، ففي ثلاثينَ من البقرِ يجزئُ تبيعٌ. قولُه: «وابنُ لبونٍ مكانَ بنتِ مَخَاضٍ، وإذا كان النّصابُ كلُّه ذكورًا». فالذَّكرُ يجزئُ في ثلاثةِ مواضعَ وهي:
1 ـ التبيعُ في ثلاثينَ من البقرِ.

– الشيخ: سواءٌ أكانَ النّصابُ الأوَّلُ أو النّصابُ الثّاني، يعني مثلًا: في السّتين تبيعان أو تبيعتان.
– القارئ:
2 ـ ابنُ الّلبونِ مكانَ بنتِ المخاضِ، إذا لم يكن عندَه بنتُ مخاضٍ.

3 ـ إذا كان النّصابُ كلُّه ذكورًا، فإنّه يجزئُ أنْ يُخرَج منها ذكرًا، كما لو كان عندَه خمسٌ وعشرونَ من الإبلِ كلّها ذكور، فعليه ابنُ مخاضٍ؛ لأنَّ الإنسانَ لا يُكَلَّفُ شيئًا ليسَ في مالِه؛ ولأنَّ الزَّكاةَ وجبتْ مواساةً، فالذّكرُ له ذكرٌ، والأنثى لها أنثى، وهذا أقربُ إلى المعنى والقياسِ؛ إذ لا يُلزمُ الإنسانَ إلّا بمثلِ مالِه. وقال بعضُ العلماءِ: إذا كان النّصابُ ذكورًا، فيجبُ ما عيَّنَهُ الشَّارعُ، فلو كان عنده خمسٌ وعشرونَ من الإبلِ كلُّها ذكورًا وَجَبَ عليه بنتُ مخاضٍ، فإن لم يجدْ فابنُ لبونٍ ذكرٍ، وإنْ كانَ عنده ستةٌ وثلاثونَ جملًا ففيها بنتُ لَبون، ولا يجزئُ ابنُ لَبون. وهذا القولُ أقربُ إلى ظاهرِ السنَّةِ، لأنَّ السنّةَ عيَّنتْ فقال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: «بنتُ مخاضٍ أنثى فإنْ لم تكن فابنُ لبونٍ ذكرٍ… بنت لبون… حقة… جذعة…» فَنَصَّ الشَّارعُ على الذّكورةِ والأنوثةِ، فيجبُ اتّباعُ الشّرعِ. وهذا القولُ أحوطُ، فلا نعدِلُ عمّا جاءَ به الشّرعُ لمجردِ القياسِ، والأقيسُ ما مَشَى عليه المؤلّفُ. وقولنا: إنَّ ما مشى عليه المؤلّفُ أقيسُ، مع أنَّه لا يتعارضُ النّصُّ والقياسُ؛ لأنَّ السنّةَ ليست صريحةٌ في الدّلالةِ هنا.
– الشيخ:
الرّسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: "في خمسٍ وعشرينَ بنتُ لبونٍ، ستٍّ وثلاثين بنتُ مخاض …"
في الحقيقةِ لا ينبغي العدولُ، الرّسولُ عليه الصَّلاةُ والسّلامُ أطلقَ؛ في خمسٍ وعشرينَ من الإبلِ، في ستٍ وثلاثينَ من الإبلِ، في ستٍّ وأربعينَ كلّها ينصُّ على الأنثى، فالأوّلُ: هو ما يليقُ بمذهبِ بالظّاهرية، والثّاني: رأيٌ واجتهادٌ، يعني الرّأيُ الثّاني مقطوعٌ بإجزائِه، لأنَّه لا عدولَ، والأوّلُ فيه نظرٌ محلُّ اجتهادٍ، والظَّاهرُ: القولُ الثّاني وهو الّلائقُ بمذهبِ الظّاهريةِ. الظّاهريةُ يتمسّكونَ بظاهرِ الأدلّةِ ولا ينظرونَ إلى قياسٍ، وإن كان القياسُ له محالٌّ، لكنْ ما دامَ النصُّ هكذا فلا يُعارَضُ النصُّ بالقياسِ.
 
– القارئ: [فصلٌ في زكاةِ الغنمِ]
(ويجبُ في: أربعينَ من الغنمِ: شاةٌ)

– الشيخ: هذا هو نصابُ الغنمِ: أربعون، وهو النّصابُ الأوّلُ. فلا تجبُ الزَّكاةُ فيما دونَ الأربعين، فتسعٌ وثلاثون لا يجبُ فيها شيءٌ، وهذا جاءَ في كتابِ أبي بكرٍ لأنسٍ رضي اللهُ عنهما، جاءَ في ذكرِ زكاةِ الغنمِ وتحديدِ نُصُبِها، فالنّصابُ الأوَّلُ أربعونَ وفيه شاةٌ.
– مداخلة: عمرُ الشَّاةِ كم من الضّأنِ والماعزِ؟
– الشيخ: قد يظهرُ ما يُجزي في التّضحيةِ.

– القارئ: (وفي مائةٍ وإحدى وعشرينَ: شاتان)
– الشيخ: 
انظروا إلى الوقصِ الكبيرِ، من أربعينَ إلى مئةٍ وإحدى وعشرينَ، يعني الوقصُ كم؟ ثمانون، ففي خمسينَ شاةٌ، وفي تسعينَ شاةٌ، وفي مئةٍ شاةٌ، وفي مئةٍ وعشرةٍ شاةٌ، وفي مئةٍ وعشرينَ شاةٌ، وفي مئةٍ وإحدى وعشرينَ شاتان، سبحانَ الله، آمنّا بالله، للهِ الحكمةُ البالغةُ.
– القارئ: (وفي مائتينِ وواحدةٍ: ثلاثُ شياهٍ)
– الشيخ: 
فيكون الوقصُ في هذه الحالةِ تسعةٌ وسبعونَ، وفي مائتين وعشرةٍ ثلاثُ شياهٍ، وفي مائتينِ وخمسينَ ثلاثٌ أيضًا، وفي مائتين وتسعينَ ثلاثُ شِياهٍ أيضًا، وفي ثلاثمئةٍ ثلاثٌ، وفي ثلاثمئةٍ وخمسينَ ثلاثٌ، وأربعمئةٍ ثلاثُ شِياهٍ، فكم يكون الوقصُ هنا؟ مئةٌ وثمانيةٌ وتسعون.
– القارئ: (ثمّ في كلِّ مائةِ شاةٍ شاةٌ)
– الشيخ: 
ثمَّ في كلِّ مئةِ شاةٍ شاةٌ، شاةٍ: مضافٌ إليه، وشاةٌ: مبتدأٌ مؤخَّرٌ، فالأولى: مضافٌ إليه، والثّانيةُ: مبتدأ مؤخَّر.

– مداخلة: 
– الشيخ: … يعني ما تستقرُّ الفريضةُ إلّا عند الأربعِ مائةٍ، في كلِّ مئةٍ شاةٌ.
– مداخلة: بالنّسبةِ للشّاةِ هل هي متعيّنةٌ؟ يعني عنده معزٌ، وعنده ضأنٌ؟
– الشيخ: لابدَّ أنّه يُخرجُ من الجنسِ، والشاةُ في مصطلحِنا خاصٌ بالضّأنِ، وهو ليس كذلك.

– القارئ:
(والخُلْطَةُ تُصيِّرُ المالين: كالواحدِ)
– الشيخ: هذه المسألةُ وردت في كتابِ أبي بكرٍ لأنسٍ، وهي أن يكونَ للاثنينِ غنمٌ مشتركةٌ. والخُلطةُ نوعان: خُلطةُ أوصافٍ وخُلطةُ أعيانٍ، وخُلطةُ الأعيانِ: أن يكونَ للاثنينِ غنمٌ شركاءُ فيها دونَ تميزٍ، وخُلطةُ الأوصافِ: أن يكونَ كلٌّ من المالَين متميّزٌ، هذا له عشرينَ وهذا له عشرين متميّزةً، يعني معروفةً، كلُّ واحدٍ يعرفُ غنَمَه، لكن بينهم خُلطةٌ بالأوصافِ في المُرحِ والمحلَبِ والمرعَى والرّاعي، فهذه خلطةُ أوصافٍ. أمّا خُلطةُ الأعيانِ فلا إشكالَ فيها؛ تجبُ الزَّكاةُ عليهما من المالينِ ويشتركانِ فيما يُخرجَانِه، إذا أخرجوا شاةً يتقاسمانِها بقدرِ المالين، فإذا كان لواحدٍ أربعونُ شاةً، والثّاني لهُ واحدٌ وثمانون وخَلَطا فعليهما شاتان، لكنْ على كلِّ واحدٍ بقدرِ نصيبِه من المالِ إمّا مُناصَفةً أو أثلاثًا أو أقلَّ أو أكثرَ، فأربعُ أشخاصٍ لكلِّ واحدٍ عشرينَ من ثمانينَ شاةٍ، فتجبُ عليهم الزّكاةُ شاةً واحدةً يتحاصّان قيمتَها، كلُّ واحدٍ عليه ربعُ القيمةِ.
بعضُ هذهِ الأحكامِ والتّقديراتِ في الواجبِ من هذهِ الأموالِ منها ما يُعَدُّ تعبُّديًا: يعني ما تظهرُ فيه الحكمةُ كثيرًا واللهُ أعلم، مثلُ هذهِ الأوقاصِ والفرقُ الكبيرِ، يعني بالنّظرِ العاديِّ تقولُ: الثّمانينَ فيها شاتان، وكذلك الغنمُ من مائتين إلى ثلاثمئةٍ، يعني الفرقُ كبيرٌ. لكنَّ هذه التّعديداتِ شرعيّةٌ ولا تُخالَفُ بالنّظرِ القاصرِ، فعقولُ العبادِ قاصرةٌ عن إدراكِ حِكَمِ الشّريعةِ تفصيلًا، نؤمنُ بأنَّ اللهَ حكيمٌ، فما جاءتْ به السنَّةُ وجبَ الوقوفُ معها، كما تقدَّم في ترجيحِ ما ذكرهُ الشيخُ فيما إذا كان النّصابُ كلُّه ذكورًا فالواجبُ إخراجُ ما دلَّ عليه النّصُّ واللهُ أعلمُ.

– مداخلة: هل هذا تعبّدي؟
– الشيخ: هذا هو الظَّاهرُ، يعني ما تظهرُ لي الحكمةُ في هذهِ الفروقِ الكبيرةِ، أمَّا الوقصُ في مثلِ الإبلِ يعني أقلَّ بكثيرٍ من الغنمِ، وكذلك البقر، لكنْ أكثرُ ما يكونُ الوقصُ يكونُ في الغنمِ.
– مداخلة: شخصٌ إذا كان عنده واحدًا وستينَ من الإبلِ، يُخرِجُ جذعةً أم قيمتَها؟
– الشيخ: الواجبُ إخراجُها هي، لكن هذا يرجعُ إلى المصدِّقِ، إذا رأى أنَّ مصلحةَ الفقراءِ لا تكونُ بالإبلِ بمعنى أنَّهم لا يحتاجونَها وليس لهم فيها تصرّفٌ، إمّا أنْ يأخذَه المصدّقُ ويتصرَّفُ به على حسابِ بيتِ المالِ، وإلّا يقبُل من المصدّقِ. والآنَ ما أظنُّ السُّعاةَ يأخذونَها لأنَّه ليس لديهم أمكنةٌ مُعدَّةٌ لمثلِ هذهِ الأشياءِ، أمَّا في أيامِ الرَّسولِ وبعده فقد كانت هناك إبلُ الصّدقةِ، ولها مراعي ولها حِمىً.
– مداخلة: الذي عندَهُ أربعينَ من الغنمِ، لو أخرجَ زكاتَها أصبحتْ تسعًا وثلاثينَ، يعني لو كانت كلُّها من الذّكورِ من السنّةِ القادمةِ يمكن ما يُزكّي، فهل يشتري من الخارجِ يعني من السّوقِ، أم يزكّي منها؟
– الشيخ: الظاهرُ الغنمُ كلُّه شاةٌ، ما في كلمةِ "طِلي"، ذكرًا كان أم أنثى، فكلمةُ شاةٍ: تشملُ الذَّكرَ والأنثى. مسألةُ الذّكورِ والإناثِ فقط في الإبلِ والبقرِ، ولا يُراعى هذا الشيءُ في الغنمِ. 
– مداخلة: ذكرَ في الخُلطةِ تصيرُ في المالين كالواحِد، قال في الإفصاحِ: واتّفقوا على أنَّ الخُلطةَ لها تأثيرٌ في وجوبِ الزّكاةِ في المواشي، إلّا أبا حنيفةَ قال لا تأثيرَ لها في ذلك؟
– الشيخ: قولُ أبي حنيفةَ مردودٌ، لأنَّ كتابَ أبي بكرٍ فيه النصُّ: "وما كان من خليطينِ فإنّهما يتراجعان بسويّةٍ".
– مداخلة: من مئةٍ وواحدٍ وعشرينَ من الإبلِ إلى مئةٍ وتسعٍ وثلاثين فيها ثلاثُ بنتِ لبون؟
– الشيخ: لا، فيها حِقّةٌ وبنتا لبون.
– مداخلة: لو أنَّ شخصًا عنده ستينَ من الماعزِ، وواحدًا وستينَ من الغنمِ؟
– الشيخ: كلُّها اسمُها غنمٌ، وزكاتُها واحدةٌ.


الأسئلة:
س1: إذا كان لدى الشّخصِ غنمٌ نادرةٌ وثمينةٌ فهل يجبُ عليه أنْ يخرجَ من عينِها، أم يجوزُ له شراءُ الواجبِ عليه من الزّكاةِ من النّوعِ العاديِّ وإخراجُ ذلك؟
ج: يُخرِجُ من الثّمينةِ إذا كان كلُّ ما لديه من الثّمينِ، أمّا لو كان عنده من الثّمينِ والعاديِّ فإنّه يُخرجُ من المتوسِّطِ.
……………………………………
س2: من كان عنده إبلٌ تساوي قيمةُ الواحدةِ بالملايينَ من مزاينِ الإبلِ، هل له أن يزكّيَ من خارجِ هذه الإبلِ ليدفعَ الزّكاةَ من إبلٍ قيمتُها عاديّةٌ أم يُخرجُ من إبلِهِ غاليةِ الثّمنِ؟
ج: الأفضلُ أن يُخرجَ من الإبلِ غاليةِ الثّمنِ، لكنّه إن لم يكن مُخرجًا فإنّه يُخرجُ من المتوسّطِ. وأثمانُ مثلُ هذهِ الإبلِ ليست طبيعيّةً، أثمانُها نتاجٌ لعقولٍ ممكن أسمّيها سفيهة، فالإبلُ تُقصدُ للدرِّ والنّسلِ والأكلِ، أمّا هذهِ فلا، فالمنظورُ فيها ليس لمنافِعِها من حملٍ وأكلٍ ودرٍّ ونسلٍ، وهي من سفاهاتِ النّاس.
………………………………………
س3: مزارعُ الخضرواتِ التي تنتجُ لتبيعَ إنتاجَها بالأسواقِ، كيف تُزكّي محصولَها؟
ج: هذا سيأتي الكلامُ فيها في البابِ الآتي.
……………………………………..
س4: ما الفرقُ بين البقرِ والجواميس؟
ج: كلّها بقرٌ تجبُ فيها الزّكاةُ، وهي متميّزةٌ عن البقرِ بأنَّها كبيرةٌ وتوجدُ في بعضِ البلدان.
………………………………………
س5: ما القولُ الصّحيحُ في زكاةِ العسلِ؟
ج: ليس لديَّ فيه تحقيقٌ، ولعلّه سيأتي وله مناسبةٌ إن شاءَ اللهُ.
…………………………………….
س6: عنده مئةٌ وخمسٌ وثلاثون من الإبلِ، فقال أنا أُخرجُ فيها ثلاثُ بناتِ لبون، والباقي وقصٌّ؟
ج: لا، غلط، فيها حِقّةٌ وبنتا لبون، ومسألةُ تقليلِ الوقصِ وتكثيرِه ليس بيدِه، والوقصُ في مئةٍ وخمسةٍ وثلاثينَ هو خمسةٌ فقط.
…………………………………….
س7: بالنسبةِ لمانعِ الزّكاةِ الذي مات وتركَ وَرَثَةً لا عائلَ لهم سواهُ، فهل يجوزُ لهم أخذُ الزّكاةِ إذا كانت متراكمةً منذ أعوامٍ، وهم يتضرّرونَ جَرَّاءَ أخذِها منهم؟
ج: هذه مسألةُ خلافٍ، بعضُ أهلِ العلمِ يقولون: إن كان مَنَعَهَا متعمّدًا فإنَّها لا تُخرجُ منها لأنَّها تؤدّي إلى حرمانِ الورثةِ، وبعضُ أهلِ العلمِ يقولُ: تُخرَجُ، افرِضْ أنَّه ماتَ ولا مالَ له، عليه ديونٌ وهذهِ الزّكاةُ دينٌ عليه، أرأيتَ لو ماتَ وعليه ديونُ لنَّاسِ، الورثةُ لهم حقٌّ؟ الوارثُ ليس له نصيبٌ إلَّا بعد الدَّين، قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]، فالميراثُ بعدَ الدَّينِ والوصيّةِ، والزَّكاةُ دينٌ كما مَشَى عليه المؤلّفُ: "والزَّكاةُ كالدَّين في التّركةِ"، والمشهورُ من مذهبِ الإمامِ أحمد كما في كتبِ المتأخّرين هذا هو: "الزّكاةُ كالدَّين في التّركة".
……………………………………….
س8: مالُ الميراثِ كان مجتمعًا في مكانٍ واحدٍ غنمًا، وكلٌّ من الورثةِ مالهُ مختلفٌ عن الأخرِ، ولا يبلغُ النّصابُ إلّا إذا كان سويًّا، فما حكمُ الزّكاةِ هنا؟ كأنّه إذا تفرّقَ مالُ الورثةِ لا يبلغُ النّصابَ، تسعةُ عشر للأوّل، وواحدٌ وعشرون للثّاني؟
ج: السؤالُ غيرُ واضحٍ، لكن ما دامَ أنَّ مالَهم متفرّقٌ فهو بحسبِ المالِ، لا زكاةَ على واحدٍ منهم، ليس عليهما زكاةٌ.
…………………………………..
س9: أنا مسافرٌ إلى بلدي، هل يجوزُ لي أن أضعَ مبلغًا من المالِ بالرّيالِ السعوديِّ عند أحدِ الإخوةِ هنا، وأستلمَ المبلغَ في بلدي بعملةِ بلدي من وكيلِه؟
ج: هذه هي العمليّاتُ التي تَجري في المصارفِ الآنَ، تحتاجُ إلى تأمُّلٍ، لكنَّ الأصلَ إذا أرادَ الإنسانُ يحوّلَ مبلغَ النَّقدِ السعوديِّ يحوّلُه على المصرفِ في البلدِ الآخرِ، بحيثُ أنَّه إذا ذهبَ هناك صاحبُ المالِ يُجري المصارفةَ هناك. يكونُ الفرعُ الذي هناك مَدينٌ للمُحوّلِ بنقدِ المملكةِ، لكنَّه يُصارِفُه ويعطيهِ بحسبِ السّعرِ هناك. من هنا يعمِّدْ وكيلَه هناك أنّه يعطيَهُ مبلغَ كذا بالنّقدِ السّعودي، ثمَّ إذا ذهبَ ذاك يريدُ المالَ يتّفقُ معه بمعنى يصارِفُه بالعملةِ التي هناك، تكونُ المصارفةُ الفعليّةُ في البلدِ الآخرِ. يعني مثلًا: قال له الذي في الرّياضِ قال لوكيله: أعطِهِ عشرةَ آلافٍ من نقدِ المملكةِ، يأتي هذا يطلبُ، يقولُ له: ما عندي، فيقولُ: إذًا أعطني من نقدِ البلدِ بحسبِ السّعرِ، كم سعرُ العملةِ هناكَ بالنّقدِ السّعوديّ مثلًا، ويصارفُه على هذا الأساس، تكونُ المصارفةُ في البلدِ الآخرِ فقط.
…………………………………..
س10: إنْ قيلَ أنَّ زكاةَ المالِ تتبعُ المالَ، وصدقةَ الفطرِ تتبعُ البدنِ، فما قولُكم في الصّدقةِ عن المريضِ، هل تكونُ في بلدِ المريضِ أم ترسلُ إلى فقراءِ مكّة؟
ج: تصدَّقْ عنه في أيِّ مكانٍ بحسبِ الأفضلِ عندك.                

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله