بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الزكاة)
– الدّرس السّادس
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلّمَ على نبيّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، أمّا بعد:
قال المصنّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
(وإذا أخذَ من مُلْكِهِ أو مواتِه من العسلِ مائةً وستينَ رَطْلًا عراقيًا ففيهِ عُشْرُهُ)
– الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، في هذه الجملةِ يذكرُ المؤلّفُ أنَّه إذا أخذَ من العسلِ من أرضِه أو من مواتِه، ففي الحالةِ الأولى تكونُ النّحلُ تَرعَى من أرضِه، مما ينبتُ في أرضهِ ومن شجرِه، وفي الثّانيةِ تكونُ تَرعَى من المباحِ. فالمؤلّفُ يقولُ: إذا أخذَ من العسلِ من ملكِه أو من مواتِه مئةً وستينَ رِطلًا ففيه عُشْرهُ، فدلَّ ذلك على وجوبِ الزكاةِ في العسلِ، وأنَّ نصابَه مئةٌ وستونَ. وقد اختلفَ العلماءُ في وجوبِ الزكاةِ في العسلِ، والجمهورُ على أنَّه لا يجبُ، والمشهورُ من مذهبِ الإمامِ أحمدَ هو هذا، وهو وجوبُ الزكاةِ في العسلِ، وأنَّ نصابَه مئةٌ وستونَ رِطلًا، وربّما قالوا: نصابُه ستمئةِ رطلٍ؛ على خلافِ في مقدارِ الفرقِ هل هو ستةُ عشرَ رِطلًا، أو ثلاثةٌ وستونَ رِطلًا، أو ستّونَ رِطلًا، وأصلُ المسألةِ المهمُّ هل تجبُ الزكاةُ في العسلِ أو لا؟ والجمهورُ على أنَّها لا تجبُ، والمشهورُ من مذهبِ الإمامِ أحمد أنَّها تجبُ كما هنا.
وأصلُ الذين يقولون أنَّها لا تجُب بأنَّه لا يصحُّ في وجوبِ العسلِ شيءٌ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وما هنالك إلّا آثارٌ وأحاديثٌ ضعيفةٌ. وفي البخاري أنَّه لم يصحَّ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- شيءٌ في وجوبِ الزكاةِ في العسلِ، وكذلك في الترمذيِّ وغيرِه كابنِ المنذرِ، فالمسألةُ فيها خلافٌ واسعٌ وليس هناك دليلٌ يجبُ المصيرُ إليه، وعمدةُ من قال بوجوبِ الزكاةِ هو الأخذُ بمجموعِ ما وردَ من الآثارِ والأحاديثِ وإن كانت ضعيفةً عند أهلِ الشّأنِ.
وقد عرضَ ابنُ القيّمِ المسألةَ في زادِ المعادِ عرضًا حسنًا ولكنّه لم يخرجْ فيه برأيٍ، فكأنّه متوقفٌ، وكذلك شيخُه شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ فيما يظهرُ. وعلى هذا واللهُ أعلمُ لا يمكنُ الجزمُ بوجوبِ الزكاةِ فيه، ولكنْ يُقالُ: الأحوطُ للمسلمِ في هذا الخلافِ أنَّه يُخرجُ الزكاةَ، فإنَّه على المسلمِ أنْ يحتاطَ لدينِه بما يُكمِّلُه وبما يحصلُ له فيه، فإخراجُ الزكاةِ فيه خيرٌ لهُ آجلًا وعاجلًا واللهُ أعلمُ. يقولُ الشيخُ محمدُ ابنُ عثيمينَ: إنَّ هذا النّصابَ بهذا التّقديرِ يقربُ من اثنينِ وستينَ كيلو.
– القارئ: (والرِّكازُ: ما وُجِدَ من دِفْنِ الجاهليةِ، فيهِ: الخُمسُ في قليِله وكثيره)
– الشيخ: والرِّكازُ جاءَ فيه حديثٌ صحيحٌ، وهو حديثٌ متَّفقٌ على صحّتِه: "وفي الرِّكازِ الخُمسُ" فيجبُ على من وجدَ الرّكازَ أنْ يُخرِجَ منه الخمسُ، ومعنى ذلك أنَّ أربعةَ أخماسِهِ له. ويُلاحَظُ هنا وفيما تقدَّمَ وما سيأتي أنَّ من حكمةِ الشريعةِ مراعاةُ الأموالِ في نمائِها وفي مُؤنةِ تنميتِها، في نمائها: فالأموالُ تختلفُ بالنّماءِ، وكذلك بالجهدِ الذي يبذلُ في التّنميةِ، ففي الذّهبِ والفضّةِ كما سيأتي ربعُ العشرِ لأنَّ نمائَها ليس سريعًا، فهي وإن كانت أموالًا ناميةً لكنّها تنمو ببطءٍ، وهذا هو الأغلبُ، ويليها الحبوبُ والثمارُ؛ فيه العشرُ أو نصفُ العشرِ بحسبِ المؤنةِ، وأيسرُها مؤنةً الرّكازُ وهذا هو الشّاهدُ؛ فإنَّه كنزٌ، مالٌ مجموعٌ يحصِّله الإنسانُ من غيرِ كبيرِ كُلفةٍ.
يقولُ المؤلّفُ: "في كثيرِه وقليلِه" وهو عملٌ بإطلاقِ الحديثِ. ويفسرون الرِّكازَ بأنَّه ما وُجدَ من دِفْنِ الجاهليةِ، والجاهليةُ: يفسّرونَها بما قبلَ الإسلامِ. وأقولُ أنَّ هذا لا يكادُ يوجدُ، فتفسيرُه بالكنزِ الذي يجدُهُ الإنسانُ ويغلبُ على الظَّنِّ أنَّه ليس له مالكٌ، إمَّا في أرضٍ مملوكةٍ وصاحبُها لا يدّعيه أو في أرضٍ مواتٍ، فمن وجدَ كنزًا في مواتٍ أو في أرضٍ مملوكةٍ ولا يدّعيهِ صاحبُها ويغلبُ على الظّنِّ أو يُقطعُ بأنَّه ليس له مالكٌ فهذا هو الرِّكازُ، ففيه الخمسُ في قليلهِ وكثيرِه من أيِّ نوعٍ من المالِ كان من ذهبٍ أو فضةٍ أو مجوهراتٍ أو غيره، ثمَّ إنَّ هذا الخمسَ الذي يُخرَجُ هل هو زكاةٌ يصرفُ في مصارفِ الزكاةِ الثّمانيةِ، أو هو من نوعِ خمسِ الغنيمةِ فيكونُ فيئًا؟ والتَّعبيرُ بالخُمسِ محتمَلٌ أن يكونَ المرادُ إلحاقَه بالغنيمةِ، ويحتملُ أنَّه زكاةٌ من جملةِ الخارجِ من الأرضِ واللهُ تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة:267]، وهذا خارجٌ من الأرضِ. والأظهرُ أنَّه زكاةٌ، ويصرفُ في مصارفِ الزكاةِ واللهُ تعالى أعلم.
– مداخلة: يُشترطُ في الركازِ أن يكونَ مدفونًا، يعني مثلَ المعادنِ الآنَ كالذهبِ والفضّةِ؟
– الشيخ: لا، المعادنُ لها شأنٌ آخرُ فيما يظهرُ.
– القارئ: (بابُ زكاةِ النقدينِ)
– الشيخ: هذا هو النّوعُ الثالثُ من الأموالِ الزّكويّةِ، الأوّلُ: بهيمةُ الأنعامِ، والثاني: الخارجُ من الأرضِ كالحبوبِ والثمارِ، والثالثُ: النّقدان، ويُعبّرُ عنهما بالأثمانِ، والأصلُ في النّقدينِ: الذهبُ والفضةُ؛ هما الأصلُ، جعلَهُما اللهُ أثمانًا للسِّلَعِ، وهذا هو الذي مضى عليه النَّاسُ في التأريخ، ولكنَّ الذي حدثَ في هذا العصرِ هو استبدالُهما بالوَرَقِ القرطاسِ الذي لا قيمةَ له في ذاتِه، وإنّما قيمتُه بقوّةِ الدولةِ التي تصدّرُه وتكونُ علامتُها عليه واسمُها عليه. والآنَ تُلاحظونَ ماذا يجري على العملاتِ عند انهيارِ الحكوماتِ المصدِّرةِ لهذا النّوعِ من العملةِ، وهذا من صنعِ الكفّارِ، هم الذين صنعوا هذا وابتُليَ المسلمونَ به.
وهذا النّوعُ من الوَرَقِ قيمتُه ترتبطُ بالذَّهبِ، فعُلمَ أنَّ الذّهبَ هو الأصلُ، يرتفعُ وينخفضُ بحسبِ قيمةِ الذّهبِ في العالمِ. وكانت النّقودُ تُسبَكُ إمّا من الذّهبِ أو الفضّةِ إلى وقتٍ قريبٍ، أدركْنَا التَّعاملَ بالذّهبِ والفضّةِ، كلَّما قامتْ دولةٌ أصدرتْ عملةً من ذهبٍ أو فضةٍ، ويقالُ أنَّ أوّلَ عملةٍ سُبِكَتْ في الدّولِ الإسلاميةِ في عهدِ عبدِ الملك، وأمّا من قبلُ فكانت الدَّراهمُ يظهرُ أنّها من سبكِ الدّولِ الخارجيةِ إمَّا من فارسٍ أو الرّومِ، أمّا الدّرهمُ الإسلاميُّ ففي عهدِ عبدِ الملكِ بن مروان.
والدّليلُ على وجوبِ الزكاةِ في النّقدينِ قولُه تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34]، وقولُه تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103].
وجاءَ في الحديثِ الصّحيحِ: "ما من صاحبِ ذهبٍ ولا فضةٍ لا يؤدّي زكاتَها، إلّا صُفّحْت له يومَ القيامةِ صفائحَ من نارٍ فتُكوى بها جبهتُه وجبينُه وجنبُه وظهرُه" وهذا مطابقٌ لمعنى الآيةِ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:35] فدلّ على وجوبِ الزكاةِ الكتابُ والسنّةُ والإجماعُ القاطعُ.
– القارئ: (يجبُ: في الذَّهبِ إذا بلغَ عشرينَ مثقالًا)
– الشيخ: هذا بيانٌ لنصابِ الذَّهبِ وهو عشرونَ مثقالًا، لِمَا جاءَ في الحديثِ عن عليٍّ رضي اللهُ عنه: "إذا كان لأحدِكم عشرونَ دينارًا ففيه نصفُ دينارٍ" يعني التَّعبيرُ بالمثقالِ هو من تعبيرِ العلماءِ، وإلّا فالذي وردَ هو التّعبيرُ بالدّينارِ، لكن لمّا كان الدّينارُ وزنُه مثقالًا صارَ العلماءُ يقولون: نصابُ الذّهبِ عشرونَ مثقالًا، ففيها نصفُ دينارٍ، يعني ربعُ العُشرِ.
– القارئ: (وفي الفضةِ: إذا بلغتْ مائتيْ دِرهمٍ رُبعُ العُشرِ منهُما)
– الشيخ: أمّا نصابُ الفضّةِ ففي كتابِ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنه وأخبرَ أنَّها فريضةَ الزكاةِ التي فرضَها رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في الإبلِ والغنمِ والفضّةِ، تضمَّنَ الكتابُ ذكرَ أنصبةِ الزكاةِ ووجوبِ الزكاةِ في هذهِ الثّلاثةِ، في الإبلِ والغنمِ والفضّةِ، وفيه إذا كان للرّجلِ مائتي درهمٍ ففيها خمسةُ دراهمٍ، وهذا ربعُ العشرِ، أمّا من لم يملكْ إلّا مئةً وتسعينَ فليس فيها زكاةٌ، فعُلِمَ بذلك أنَّ نصابَ الذَّهبِ عشرونَ مثقالًا، ونصابَ الفضةِ مائتي درهمٍ. ولكن وردَ في حديثِ أبي سعيدٍ في الصّحيحين: "ليس فيما دونَ خمسِ أواقٍ من الوَرِقِ صدقةٌ".
إذًا يمكنُ أن نعبّرَ ونقولَ: نصابُ الفضّةِ خمسُ أواقٍ، والأوقيةُ: أربعونَ درهمًا، فتطابقَ الحديثان؛ حديثُ أبي سعيٍد مطابقٌ لحديثِ أبي بكرٍ، فنردُّ حديثَ أبي سعيدٍ لحديثِ أبي بكرٍ، ونردُّ حديثَ أبي بكرٍ لحديثِ أبي سعيدٍ، فنجدُ أنَّ النّصابَ إذا كان بالوزنِ ففيه خمسُ أواقٍ، وإن كان بالعدِّ فمئتي درهمٍ. ولكنَّ العدَّ يختلفُ لأنَّ العملاتِ تختلفُ بحسبِ سَبكِها؛ فمنها ما يُسبَكُ ثقيلًا، ومنها ما يُسبَكُ صغيرًا، كبيرًا.
الذي يظهرُ هو ردُّ حديثِ أبي بكرٍ لِمَا في حديثِ أبي سعيدٍ وأنَّ المعيارَ هو الوزنُ، وهذا هو الذي عليه أكثرُ أهلِ العلمِ؛ أنّ المعوَّلَ في معرفةِ النّصابِ هو الوزنُ وهو خمسُ أواقٍ. وقدّرَ العلماءُ الأواقَ بمئةٍ وأربعينَ مثقالًا، ولهذا قررَ مشايخُنا في هذا العصرِ أنَّ نصابَ الفضّةِ بالريالِ السعوديِّ وهم يقدّرونَه بمثقالينِ ونصف بأنَّه ستٌّ وعشرون ريالًا، وبالغراماتِ قالوا إنَّ مئةً وأربعين مثقالًا -والمثقالُ: أربعُ غراماتٍ وربعٍ أو أربعُ غراماتٍ ونصفٍ- يبلغُ ستمئةٍ وثلاثينَ غرامًا من الفضّةِ، أو خمسمائةٍ وخمسٍ وتسعينَ غرامًا؛ حسبَ الخلافِ، منهم من يقولُ أنَّ المثقالَ أربعُ غراماتٍ وربعٍ وهذا الذي مشى عليه الشيخُ محمدٌ فيما يظهرُ، يعني اضربْ أربعًا وربعَ في مئةٍ وأربعينَ؛ فتبلغُ خمسمائةٍ وخمسٍ وتسعينَ. أمّا شيخُنا الشيخُ عبدُ العزيزِ فالذي يظهرُ من فتاويه أنَّه يرى المثقالَ أربعةَ غراماتٍ ونصف، ولهذا نصابُ الذّهبِ عنده تسعون غرامًا، والفضّةُ على قولِه تكونُ ستمائة وثلاثينَ غرامًا.
"ربعُ العُشرِ منهما": ربعُ العشرِ من الفضّةِ: خمسةُ دراهمٍ من المئتانِ، وبالمثاقيلِ حسبَ ما تقدَّمَ ربعُ العشرِ من مئةٍ وأربعينَ: ثلاثةُ مثاقيلَ ونصف.
وهنا مسألةٌ عرضَ لها الشيخُ محمد وهي: هل يعتبرُ النّصابُ بالوزنِ أو بالعدِّ؟ والجمهورُ على أنَّ النّصابَ يعتبرُ بالوزنِ على ما جاءَ في حديثِ أبي سعيدٍ، وذُكِرَ عن شيخِ الإسلامِ أنَّه يرى النّصابَ بالعدِّ. وهذا يختلفُ لأنَّ الدّراهمَ يختلفُ سبكُها؛ تارةً تكونُ ثقيلةً وتارةً تكونُ خفيفةً، فيقولُ: إنَّ العبرةَ بالعدِّ. والأظهرُ عندي أنَّ العبرةَ بالوزنِ لأنّه هو الذي ينضبطُ، وما جاءَ في حديثِ أبي بكرٍ أنَّ نصابَ الفضّةِ مائتي درهمٍ راجعٌ إلى قولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: "ليس فيما دونَ خمسِ أواقٍ من الوَرِقِ صدقةٌ" وقد ذكروا أنَّ الأوقيّةَ أربعون درهمًا، اضربْ أربعينَ بخمسةٍ يكونُ النّاتجُ مئتان، فالحديثانِ مُتطابِقانِ.
– القارئ: (ويُضَمُّ الذّهبُ إلى الفضّةِ في تكميلِ النّصابِ)
– الشيخ: إذا كان عند الإنسانِ ذهبٌ وفضّةٌ، كلٌ منهما لا يبلغُ النّصابَ، فيُضّمُّ الذّهبُ إلى الفضّةِ في تكميلِ النّصابِ. فإذا كان عنده مئةُ درهمٍ وعشرةُ دنانيرٍ أو عشرةُ مثاقيلَ من الذّهبِ وجبتْ عليه الزكاةُ فيهما، ويُخرجُ من كلِّ واحدٍ ربعَ العشرِ، يُخرجُ من المئتينِ اثنان ونصف، ومن العشرةِ مثاقيلَ رُبُعَ مثقال. لكن يقولون هل يكونُ الضمُّ بالأجزاءِ كما ذكرتُ، أو بالقيمةِ؟ إذا كان بالأجزاءِ فكما ذكرتُ من كان عنده نصفُ النّصابِ من الذّهبِ والنّصفُ الآخرُ من الفضّةِ فيكونُ عليه ربعَ العشرِ من كلِّ واحدٍ منهما، وإذا كان الضمُّ بالقيمةِ حتى ولو لم يكن عنده عشرةُ مثاقيلَ بل بحسبِ قيمةِ الذّهبِ، فإذا كان الذهبُ مثلًا خمسةُ مثاقيلَ تساوي مئةَ درهمٍ وعنده مئةُ درهمٍ فتجبُ عليه فيهما الزكاةُ، فالضمُّ هنا بالقيمةِ، وعلى الطّريقةِ الأولى بالأجزاءِ.
– القارئ: (وتُضَمُّ قيمةُ العروضِ إلى كُلٍّ منهُما)
– الشيخ: إذا كان عندَ الإنسانِ ثمانونَ درهمًا من الفضّةِ، وعنده خمسةُ مثاقيلَ من الذّهبِ، وعنده قيمةُ عروضٍ تعادلُ ثلثَ النّصابِ نصابِ الذّهبِ والفضةِ، فإنّها تُقوَّمُ بالذّهبِ أو الفضةِ بحسبِ ما هو الأحظُّ للفقراءِ كما سيأتي، فإنّه يضمُّ بعضَها إلى بعضٍ في تكميلِ النّصابِ، هكذا يقولُ المؤلّفُ، والقولُ الآخرُ أنَّه لا يَضمُّ الذهبَ إلى الفضةِ في تكميلِ النّصابِ. أمّا قيمةُ العروضُ فلابُدَّ من ضمِّها لأنَّها ليست محدّدةً قد تكون ذهبًا وقد تكون فضّةً.
القارئُ يقرأُ من الرَّوضِ المربعِ:
(ويُضَمُّ الذّهبُ إلى الفضّةِ في تكميلِ النّصابِ) بالأَجزاءِ فلو ملكَ عشرةَ مثاقيلَ، ومائةَ درهمٍ، فكلٌّ منهما نصفُ نصابٍ، ومجموعُهما نصابٌ ويجزئُ إخراجُ زكاةِ أحدِهما من الآخرِ لأنَّ مقاصدَهما وزكاتَهما متّفقةٌ، فهما كنوعي جنسٍ ولا فرقَ بين الحاضرِ والدَّينِ (وتضمُّ قيمةُ العروضِ) أي عروضُ التّجارةِ (إلى كلٍّ منهما) كمن له عشرةُ مثاقيلَ، ومتاعٌ قيمتُه عشرةٌ أُخرى، أَو له مائةُ درهمٍ، ومتاعٌ قيمتُه مثلُها ولو كان ذهبٌ وفضةٌ وعروضٌ ضمَّ الجميعَ في تكميلِ النّصابِ. ويضمُّ جيّدُ كلِّ جنسٍ ومضروبُه، إلى رديئِه وتبرِه ويخرجُ من كلِّ نوعٍ بحصّتِه والأفضلُ من الأَعلى ويجزيءُ إخراجُ رديءٍ عن أعلى مع الفضلِ.
– الشيخ:
يعني خلاصةُ القولِ أنَّه يُضمُّ الذَّهبُ إلى الفضّةُ أو قيمةُ العروضِ إلى كلٍّ منهما. والمعتمدُ عندهم أنَّ ضمَّ الذّهبِ إلى الفضّةِ باعتبارِ الأجزاءِ لا باعتبارِ القيمةِ، وأمّا العروضُ فليس لها إلّا القيمةُ لأنَّ المتعلّقَ بالزكاةِ في العروضِ هو القيمةُ، ثمَّ يقولُ: "إذا حصلَ التّفاوتُ" يعني بين الجيّدِ والرّديءِ "فإنّه يُخرجُ من كلِّ واحدٍ بقدرِه" يخرجُ من الجيّدِ بقدرِ ربعِ العشرِ، ومن النّاقصِ بقدرِه، وإن أخرجَ من الجميعِ من الجيّدِ كان أفضلَ، كما قالوا في إخراجِ الزكاةِ من الحبوبِ والثّمارِ المختلفةِ في الجودةِ فإنّه يخرجُ من كلِّ نوعٍ مثلًا السكري والتمرُ العادي مثلًا الرّخيصُ، يخرجُ من كلِّ واحدٍ بِحَسَبِه أو يُخرجُ من الجيّدِ، ولا يُخرجُ عن الجميعِ من الرّديءِ لأنَّ هذا فيه إجحافٌ في حقِّ الفقراءِ.
– مداخلة: …
– الشيخ: واللهِ هم يقولون يُطرَحُ الغشُّ هكذا يقولون، حتى أنَّهم يقولون إنَّ الذّهبَ لابدَّ أنْ يكونَ فيه شيءٌ من أجلِ أن يتماسكَ، وإلّا فالذّهبُ الخالصُ فيه ليونةٌ ولا يتماسكُ جيدًا.
– مداخلة: يقولون: الذّهبُ عيارُ أربعٍ وعشرينَ هو الذَّهبُ الخالصُ، وإذا أردتَّ أن تشتري ما يعطونَه إلا قوالبَ؟
– الشيخ: لأنَّه لا يُصاغُ وهو بهذا كذا يزعمون، وإذا كان كذلك لماذا لا يكونُ الدَخلةُ والغشُّ اليسيرُ يعني لعلَّه يكونُ تابعًا فلا يُلتفتُ إليه، أمَّا لو كانت النسبةُ عاليةٌ؛ الآن الريالُ السعوديُّ الفضةُ يقولونَ فيها نسبةُ الغشِّ أو النّحاس، يقولون: النّحاسُ نسبتُه العشرُ، يعني نسبيًا متوسّطةٌ، أمّا الريالُ الفرنسيُّ وربّما أكثرُكم لم يرهُ، فيقولُ الذين سَبَروهُ والصاغّةُ: أنَّه عبارةٌ عن خمسةِ مثاقيلَ فضةٍ، السُّدُسُ منه نحاسٌ. ولهذا مشايخُنا يقولون: إنَّ النّصابَ من الرّيالِ الفرنسيِّ ثمانٌ وعشرونَ، اضربْ خمسةً بثمانٍ وعشرينَ يساوي مئةً وأربعين، فيقولون: إنّ النَّصابَ بالريالِ الفرنسيِّ ثمانٌ وعشرون، ومن الريالِ السعوديِّ ستةٌ وخمسون ريالًا.
القارئُ يقرأُ من الشرح ِالممتعِ:
بَابُ زَكَاةِ النَّقدَينِ
قولُه: «النّقدين»: تثنيةُ نقدٍ، بمعنى منقودٍ؛ لأنَّ النّقدَ هو الإعطاءُ، والذّهبُ والفضّةُ ليسا إعطاءً بل هما معطيان، فهما ينقدانِ في البيعِ والشّراءِ.
– الشيخ: يعني أصلُ كلمةِ النّقدِ، يعني النّقدُ أصلُها مصدرٌ، واسمُ المصدرِ كثيرًا ما يطلعُ على اسمِ المفعولٍ، ونَقَدَه: أي أعطاهُ، يعني أعطاهُ الشيءَ حاضرًا، ولهذا البيعُ إمَّا يكونُ نقدًا أو نسيئةً، فإذا اشتريت السّلعَ بالحاضرِ فلابدَّ أن تنقدَه الثّمنَ، فإعطائُك له الثّمنَ اسمُه نقدٌ، نَقَدَه الدّراهمَ: ينقدُه نقدًا فهو مصدرٌ، ونفسُ الدّراهمِ تُسمّى نقدًا؛ من إطلاقِ المصدرِ على اسمِ المفعولِ، هذا معنى كلامِ الشيخِ.
– القارئ: والمرادُ بالنّقدينِ الذّهبُ والفضةُ، وعلى هذا فالفلوسُ ليست نقدًا في اصطلاحِ الفقهاءِ؛ لأنَّها ليست ذهبًا ولا فضّةُ.
– الشيخ: الفلوسُ: يريدُ بها العملةَ الورقيّةَ، وكانوا يسمّونَ الفلوسَ: الدّراهمَ أو النّحاسيّةَ التي تُصنَعُ منها القروشُ. فكأنَّ الشيخَ تعبيرُه هذا يسمونَ القطعَ التي تُتَدَاولُ في الأثمانِ يُسمّونّها فلوسًا، وما كانَ من الفضّةِ يُسمّونَه دراهمَ، وما كان من الذّهبِ دنانيرَ. فالعملاتُ في كلامِ الفقهاءِ: دنانيرُ أو دراهمُ أو فلوسُ، والفلوسُ: هي المسبوكةُ من المعادنِ الأخرى الرّخيصةِ من غيرِ الذهبِ والفضةِ.
– القارئ: ومن ثمَّ اختلفَ العلماءُ هل فيها ربًا أو ليس فيها ربًا؟ وهل فيها الزكاةُ مطلقًا؟ أو هي عروضُ، إن نوى بها التّجارةَ ففيها الزكاةُ وإلّا فلا؟ فهاهنا مسألتان، كلتاهُما مسألتانِ عظيمتانِ تحتاجانِ لتحليلٍ عميقٍ.
ومن المعلومِ أنَّ الأوراقَ النّقديةَ تعتبرُ من الفلوسِ؛ لأنَّها عوضٌ عن النّقدينِ، يُصرَفُ بها النّقدان: الذهبُ والفضةُ.
– الشيخ: يعني ليست ذهبًا ولا فضةً، فحكمُها حكمُ الفلوسِ، حكمُ المسبوكِ من غيرِ الذّهبِ والفضةِ.
– القارئ: فقال بعضُ العلماءِ: إنَّ الفلوسَ عروضٌ، وعليه فلا تجبُ فيها الزّكاةُ ما لم تُعَدُّ للتّجارةِ.
– الشيخ: أولُّ ما صدرت الأوراقُ كانت إصداراتٌ كسندٍ، وكان مكتوبٌ عليها: تتعهّدُ مؤسسةُ النّقدِ لحاملٍ هذه الورقةٍ أو هذه البطاقةٍ، تتعهّدُ له بكذا من الرّيالِ، يعني من الفضّةِ، ومشت إلى وقتٍ ما، ثمَّ رُفعَ هذا التّعهدُ وبقيتْ مجرّدَ تعبيرٍ، ثمَّ اتبعوا فيها الأمرَ الآخرَ وهو التّصويرُ على هذه الأوراقِ التي لا قيمةَ لها في ذاتِها كما تقدَّمَ.
– القارئ: وعلى هذا فلو كانَ الإنسانُ عنده مليون قرشٍ فليس عليه زكاةٌ، ولو أنَّه أبدلَ عشرةً بعشرينَ من هذه الفلوسِ فهو جائزٌ، سواءٌ قبضَها في مجلسِ العقدِ أو تأخّرَ قبضُها، كما لو أبدلَ ثوبًا بثوبين، فإنّه جائزٌ ولو تأخرَ القبضُ.
– الشيخ: عندَ من يقولُ بأنّها عروضٌ.
– القارئ: لكنَّ هذا القولَ لو قلنا به لكانَ أكثرُ التّجارِ اليومَ الذين عندهم سيولةُ دراهمٍ لا زكاةَ عليهم، ولكانت البنوكُ ليست رُبويّةً؛ لأنّها غالبًا تتعاملُ بهذهِ الأوراقِ، ولقد قرأتُ رسالةً عنوانُها: «إقناعُ النفوسِ بإلحاقِ عملةِ الأنواطِ بعملةِ الفلوسِ».
الأنواطُ: الوَرَقُ.
لكنَّ هذا القولَ لا أظنُّ أنَّ قدمَ عالمٍ تستقرُّ عليه، لما يلزمُ عليه من هذا اللازمِ الباطلِ، ألّا ربا بين الناسِ اليومَ؛ لأنَّ غالبَ تعاملَهم بالأوراقِ النّقديةِ، وألّا زكاَة على من يملكُ الملايينَ من هذه الأوراقِ ما لم يعدُّها للتّجارةِ.
القولُ الثاني: أنّها بمنزلةِ النّقدِ في وجوبِ الزكاةِ، لدخولِها في عمومِ قولِه تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة:103]، والأموالُ المعتمدةُ الآنَ هي هذه الأموالُ.
وقولُ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لمعاذِ بن جبلٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ: «أعلِمْهُم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهم»، فهي مالٌ، والنّاسُ يجعلونَها في منزلةِ النقدِ، فالزكاةُ فيها واجبةٌ ولا إشكالَ في ذلك، والمعتبرُ فيها نصابُ الفضّةِ؛ لأنّها بدلٌ عن ريالاتِ الفضةِ السعوديةِ، وهذا بالنّسبةِ للريالاتِ السعوديةِ، ولكلِّ قطرٍ حكمُهُ.
– الشيخ: فلكلِّ قطرٍ حكمُهُ: فمن أصدرَ عملةً ورقيةً وكانت عملتُهم ذهبًا فهي بمنزلةِ الذّهبِ، لأنَّ مصدَرَها لتكونَ بدلًا عن الدّنانيرِ التي كانت عندهم، ومن كانت عملتُهم المعتمدةُ فضةً فتلكَ الأوراقُ تأخذُ حكمَ الفضةِ.
– القارئ: المسألةُ الثانيةُ: هل يجري فيها الرّبا؟
من قال: إنّها عروضٌ فإنَّه لا يُجري فيها الرّبا، لا ربا الفضلِ، ولا ربا النّسيئةِ، كما أنّ العروضَ كتبديلِ الثوبِ بالثّوبينِ أو بالثّلاثةِ، وتبديلِ البعيرِ بالبعيرينِ لا بأسَ به، سواءٌ تعجَّلَ القبضُ أو تأجَّلَ، كذلك هذه الدّراهم، تبديلُ بعضِها ببعضِها ليس فيه ربا، فيجوزُ أنْ آخذَ منكَ مائةَ دولارٍ بأربعمائةِ ريالٍ إلى سنةٍ، أو ألفَ ريالٍ بألفٍ ومائتينِ إلى سنةٍ؛ لأنّه لا يجري فيها الرّبا.
– الشيخ: لأنَّها هنا تجمعُ بين ربا الفضلِ والنّسيئةِ، لو بعتَ فضةً مئةً بمئةٍ وعشرينَ إلى سنةٍ جمعتَ بين نوعي الرّبا ربا الفضلِ وربا النّسيئةِ وهذا أقبحُ ما يكونُ، فمن يجعلُ هذه العملاتِ ليس لها حكمَ الذّهبِ والفضةِ خلص ينتفي وجوبُ الزكاةِ، وينتفي عنها جريانُ الرّبا فيها، وتنتقضُ الأحكامُ الشرعيةُ.
– مداخلة: هل من العلماءِ المعاصرينَ من ذهبَ إلى القولِ بهذا؟
– الشيخ: أوّلُ ما صدرت الأوراقُ صارَ فيها اضطرابٌ من هذا النّوعِ، منهم من يقولُ إنّها عروضٌ، ومنهم من يقولُ إنّها كذا. وللشيخِ عبدِ اللهِ بن منيع أول ما جاءت العملةُ عندنا له كتابٌ في هذا، وذكرَ الأقوالَ ومآخذَ الناسِ، والذي استقرَّ عليه الأمرُ أنَّها أثمانٌ، وأنَّ علّةَ الرّبا في الذهبِ والفضةِ هي الثمنيّةُ، وهذا المعنى موجودٌ في الورقِ. والفتوى الآنَ قائمةٌ على هذا الأساسِ، على أنَّ الوَرَقَ أثمانٌ وتجبُ فيه الزكاةُ، ويجري فيه الرّبا، هذا الذي استقرَّ عليه أمرُ الفتوى.
– القارئ: وهذا القولُ فيه نظرٌ؛ لأنَّ الناسَ يرونَ أنَّ هذه العملاتِ بمنزلةِ النّقدِ، لا يفرّقونَ بينها إلا تفريقًا يسيرًا.
– الشيخ: لا يفرّقونَ بينها من ناحيةِ الثّمنيّةِ، ولا يعرفونَ أنَّها قرطاسٌ معرّضةٌ للإغراقِ والإحراقِ، ولذلك من المصائبِ اعتمادُها أثمانًا، فإنّها تؤدّي إلى خسائرَ عظيمةٍ في النّاسِ. وإذا اختلفت الإصداراتُ وتعدّدت يعني وقعَ للنّاسِ أنّهم اختزلوا عملةً من الإصدارِ الأوّلِ مثلًا وغفلوا عنه، وجاءَ إصدارٌ آخرُ وأُلغيَ الإصدارُ الأوّلُ فخسروا المالَ وهو عندهم.
– القارئ: وقال بعضُ العلماءِ: إنّه يجري فيها ربا النسيئةِ دونَ ربا الفضلِ، فإذا أبدلت بعضها ببعضٍ مع تأخّرِ القبضِ فهذا حرامٌ، سواءٌ أبدلتَها بالتماثلِ أو بالتفاضلِ، وإذا أبدلتَ بعضَها ببعضٍ مع القبضِ في مجلسِ العقدِ، فهذا جائزٌ مع التّفاضلِ. وهذا هو أقربُ الأقوالِ في هذه المسألةِ، لاسيّما مع اختلافِ الجنسِ.
– الشيخ: أقولُ واللهُ أعلمُ إذا اعتبرتْ بمنزلةِ الذهبِ والفضةِ فإنّه يجري فيها ربا الفضلِ وربا النَّساءِ، أمّا التّفريقُ بين ربا الفضلِ وربا النَّساءِ فلا يظهرُ لي وجهٌ ما دامَ أنّها اعتُبِرَتْ بمنزلةِ الذهبِ والفضةِ، وأنّه يحرمُ فيها ربا النَساءِ فكذلك ربا الفضلِ. ومعنى هذا أنَّه ما يجوزُ أنَّ عندي أوراقًا ليست بجديدةٍ، ومعكَ أوراقٌ جديدةٌ؛ هل يجوزُ أنْ تأخذَ مني مئةَ أوراقٍ متداولَةٍ؟ وتلاحظونَ أنَّ الأوراقَ الجديدةَ يعني أرغبُ للنّاسِ، وإذا كانت متداولَةً تصبحُ رخوةً وعرضةً للتمزّقِ، فعلى القولِ أنّه يجوزُ بها ربا الفضلِ يمكن ُأنْ آخذَ منكَ مئةَ أوراقٍ جديدةٍ وأعطيكَ مئةً وعشرينَ وإن كانت تمشي، وهذا ليس بظاهرٍ، وعلى اختيارِ الشيخِ أنّه يجوزُ، لكن ما يجوزُ أنْ أصرفَ منك مئةً بمئةٍ وعشرينَ إلى أجلٍ، هذا هو حاصلُ كلامِه رحمهُ اللهُ. إذا اختلفَ الجنسُ فالأمرُ ظاهرٌ وليس فيه إشكالٌ، لكن مع اتّحادِ الجنسِ هو الإشكالُ.
– مداخلة: الشيخُ تكلَّمَ عن الذّهبِ إذا كان فيه خلطٌ يسيرٌ فهو تَبَعٌ لا يضرُّ؛ لأنَّ الذّهبَ …
– الشيخ: أقولُ هذا جيدٌ وهذا أظهرُ إن شاءَ اللهُ.
– مداخلة: بالنسبةِ للعسلِ، شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ نُقلَ في الحاشيةِ حاشيةِ الرّوضِ قال: وبهذا تجبُ الزكاة في… العسلِ وهو رَطْبٌ. قال شيخُ الإسلامِ: أوجبَها الإمامُ أحمدُ في العسلِ لِمَا فيهِ من الآثارِ التي جمَعَها، وإنْ كان غيرُه قدْ لم يبلُغْه إلّا من طريٍق ضعيفٍ، ولما رجَّحَ أنَّ المعتبرَ في الخارجِ من الأرضِ الادّخارُ، قال: ولهذا تجبُ الزكاةُ عندنا في العسلِ؟
الأسئلة:
س1: الخمسُ هل هو زكاةٌ أم فيءٌ؟
ج: الذي يظهرُ لي أنَّه زكاةٌ واللهُ أعلمُ، ولا يترتّبُ على هذا شيءٌ، إلَّا أين يُصرَفُ، إذا كان زكاةً ففي مصارفِ الزكاةِ، وإن كان خُمُس يصرفُ في المصالحِ العامّةِ.
…………………………………
س2: هل الأوراقُ النقديةُ تأخذُ حكمَ الذهبِ والفضةِ في كلِّ شيءٍ؟
ج: هذا هو الظَّاهرُ، وهذا الذي عليه العملُ فتجبُ فيها الزكاةُ، ويجبُ فيها ربعُ العُشرِ، ويجري فيها الرّبا. هذا هو الذي عليه الفتوى، ولا تستقيمُ الأمورُ إلّا هكذا، لأنَّها موضوعةٌ بديلَ ثمنٍ، وضعتْ أثمانٌ، هذه خاصيّةُ الذهبِ والفضةِ أنّها أثمانٌ تُقوّمُ بها السّلعُ وتتبادلُ، وتُشتَرى بها السّلعُ والحاجياتُ.
…………………………………
س3: لو استأجرتُ رجلًا ليحفرَ بئرًا في مزرعتي، فحصلَ على الرّكازِ، فماذا يكونُ الحكمُ في هذهِ الحالة؟
ج: لواجدِه، هذا رزقُه، إلّا إذا أتيتَ به ليستخرجَ الرّكازَ، أمّا إنّكَ جئتَ به ليحفرَ لكَ حفرةً ووجدَ الركازَ فإنّه لواجدِه.
…………………………………
س4: هل في البترولِ زكاةٌ؟
ج: البترولُ عمليًا هو من مواردِ بيتِ المالِ، ويجبُ صرفُ بيتِ المالِ في مصالحِ المسلمينَ.
…………………………………
س5: هل الفلوسُ نقدًا في اصطلاحِ الفقهاءِ؟
ج: لا، يُسمّونَها فلوسًا.
…………………………………
س6: هل الأوراقُ النّقديةُ المعاصرةُ يُعتَبرُ فيها الرّبا أم لا؟
ج: نعم يُعتبرُ، ويجري فيها الرّبا.
…………………………………
س7: صرفُ الريالاتِ من المعدنِ بريالاتٍ من الورقِ، هل يجوزُ فيه التّفاضلُ؟
ج: يجوزُ فيه التّفاضلُ لاختلافِ الجنسِ، لأنَّ الورقَ قرطاسٌ، والمسبوكُ من النّحاسِ له وظيفةٌ يختصُّ بها كما كان في الوقتِ القريبِ، كانت الرّيالاتُ المعدنيةُ ينتفعُ بها في كبائنِ الاتصالِ بخلافِ الورقِ.
…………………………………
س8: هل العملاتُ إذا قُصدَ بها التّجارةُ أو لا، يؤثّر على وجوبِ الزكاةِ فيها؟
ج: يمكنُ هذا السؤالُ يتعلَّقُ بما يُسمّونَه: هواةَ جمعِ العملاتِ، الذين يهوونَ جمعَ العملاتِ القديمةِ، والعملاتُ القديمةُ أشبهُ أن تكونَ عروضَ تجارةٍ، والآنَ الرّيالُ السعوديُّ الفضةُ بعناهُ بخمسينَ ريالًا ورقيًّا، ويرتفعُ وينزلُ.
…………………………………
س9: هل الدَّينُ يمنعُ وجوبَ الزَّكاةِ؟
ج: هذا فيه خلافٌ بين أهلِ العلمِ، والمرجَّحُ أنَّه لا يمنعُ واللهُ أعلمُ بالصّواب.
…………………………………
س10: هل يجبُ على المسلمٍ أن يجمعَ مالًا لكي يزكّي؟
ج: لا، لا يجبُ على الإنسانِ أنْ يجمعَ مالًا من أجلِ أن تجبَ عليه الزكاةُ، لأنَّ أهلَ العلمِ يقولون في الأصولِ: ما لا يتمُّ الوجوبُ إلّا به فليس بواجب، لكن ما لا يتمُّ الواجبُ إلّا به فهو واجبٌ.
…………………………………
س11: ما زِنةُ الدّينارِ الإسلاميِّ؟
ج: يقولُ أهلُ العلمِ وأهلُ الخبرةِ في هذا: عشرةُ دراهمَ سبعةُ مثاقيلَ، وقسْ على هذا.
…………………………………
س12: إذا وجدَ الإنسانُ ركازًا ليس عليه علامةُ الكفرٍ ولا أنَّه من الجاهليةِ فماذا يكونُ حكمُه؟
ج: إذا كان في أرضٍ يمكنُ أنْ تكونَ مملوكةً، يقولون تكونُ لُقطةً.
…………………………………
س13: في بلادِنا يكثرُ الرّكازُ وهي عبارةٌ عن آثارٍ مدفونةٍ، ويكونُ فيها أحيانًا مجوهرات من ذهبٍ وفضةٍ، فإذا وجدَها شخصٌ في أرضِهِ تأخُذُها الدَّولةُ من غيرِ أنْ يُعطَى شيئًا منها، فهل له أنْ يأخذَ هذه الأثارَ من غيرِ أن يُخبرَ الدّولةَ، علمًا أنّها وُجدتْ في أرضِه؟
ج: يأخذُها ويُخرِجُ منها الخمسَ ويتصرَّفُ بالباقي.
…………………………………
س14: رجلٌ يتعاملُ في دينِ السياراتِ على النّاسِ، فمثلًا يطلبُ من رجلٍ آخرَ سيارةً لغايةِ وقصدِ المالِ، لا بقصدِ الانتفاعِ بالسيارةِ، فيذهبُ الرّجلُ الأوّلُ ويشتري له السيارةَ ويفرّغُها باسمِ الرّجلِ الآخرِ؟
ج: عندي أنَّ هذا لا يجوزُ، فهو حِيلةٌ على بيعِ دراهمَ بدراهمٍ. إذا كان الدَّائنُ يملكُ السيارةَ فذاك، إذا كان يملكُ السيارةَ فاشترى منه ويتصرفُ فيها، علمًا أنَّ من أهلِ العلمِ من يمنعُ حتى هذه الصورةَ وهي ما تُعرفُ بمسألةِ التّورُّق، لكن إذا كان الشخصُ الدائنُ يملكُ السلعةَ فأرجو أنَّه لا حرجَ أن يشتريَها المحتاجُ المدينُ أو المستدين، لا حرجَ أن يشتريها بالثّمنِ الذي اتّفقا عليه. أمَّا أنْ يتواطأَ مع شخصٍ على أنَّه يذهبُ ويشتري سيارةً ليبيعَها عليه، فهذا عبارةٌ وكأنّه قال أشتري لك سيارةً، فما هي إلّا حيلةً فقط. ولو اختصرَ الطريقَ وأعطاهُ الدراهمَ بدراهمٍ لكانَ هذا هو غايته، غايةُ المستَدينِ أنَّه يريدُ دراهمًا، وهذا ما يجري في أكثرِ البنوكِ، يعني نقولُ البنكُ أو المصرفُ الذي يملكُ سلعًا، يملكُ سياراتٍ، تذهبُ وتشتري سيارةً بثمنٍ مؤجَّلٍ هذا هو الذي فيه تيسيرٌ ورخصةٌ، أمّا البنكُ الذي لا يملكُ سياراتٍ، اتفقتَ معه يذهبُ ويشتري سيارةً، أو يقولُ اذهبْ واخترْ السيارةَ التي تريدُ وأنا أشتريها لك، ففي الصورةِ أنَّ البنك هو الذي ملكَ السيارةَ، والواقعُ أنَّه اشتراها لغيرِه.
…………………………………
س15: ما قولُ أهلِ العلمِ في فرقةِ الأحباشِ؟
ج: الأحباشُ طائفةٌ ضالّةٌ، ويجبُ الحذرُ منهم ومن كتبِهم، ومن دعاياتِهم.
…………………………………
س16: في الرِّكازِ هل يخرجُ الخمسُ كلَّ سنةٍ؟
ج: لا، يُخرِجُ أوّلَ مرَّةٍ فقط.