الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة النور/(15) من قوله تعالى {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} الآية 53 إلى قوله تعالى {لا تحسبن الذين كفروا} الآية 57

(15) من قوله تعالى {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} الآية 53 إلى قوله تعالى {لا تحسبن الذين كفروا} الآية 57

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة النُّور

الدَّرس: الخامس عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجيمِ

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ [النور:53-57]

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا اللهُ عنكَ

– الشيخ : يقولُ تعالى مُخبِراً عن بعضِ أقوالِ المنافقين يقولُ تعالى وعن كذبِهم: (وأقسمُوا باللهِ جهدَ أيمانهم)، فهذه الآية متّصلة بالآيات السابقة، (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثمّ يتولّى فريقٌ منهم)، (وأقسموا بالله جهدَ أيمانهم)، يعني حلفوا باللهِ مجتهدين في الحلف مؤكّدين للأيمان (لئن أمرتهم) يعني بالخروج للجهاد، (لئن أمرتهم ليخرُجُن)، قل لهم يقول الله لنبيه قل لهم: لا تقسموا لا تقسموا، بل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، طاعة بدون بدون الأَيمان المغلَّظة، والحلِف على الكذب هذا أقبح، لو يكذب ولا يحلف كان أهون، لو يكذب ولا يحلف كان ذلك أيسر، لكنّه يكذب ويحلف على الكذب، ويححلفون على الكذب ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، (وأقسموا بالله جهد أَيمانهم لئن أمرتهم ليخرُجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إنّ الله خبير بما تعملون) الله يعلم سرائركم وحقيقة أمركم، قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول في كلّ الأمور في كلّ الشؤون، في الجهاد وفي غير الجهاد، طاعةٌ يجب على مَن آمن بالله ورسوله يجب عليه أن يطيع الله ورسوله، طاعةٌ مطلقةٌ.

(فإن تولّيتم) يعني أعرضتم عن الطاعة فعليه على الرسول ما حُمِّل من البلاغ، وما أوجب الله عليه بنفسه في نفسه، وعليكم ما حُمِّلتم، كلٌّ مسؤول عن نفسه، الرسول مسؤول عن نفسه، عليه أن يؤدّي ما أوجبَ اللهُ عليه من الفرائضِ ومن البلاغِ وعلى غيره ِكذلكَ، على كل مُكَلَّف أن يفعل ما كُلِّفَ به، وإن تولّيتم فإنّ عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلتم، وإن تطيعوه تهتدوا، إن تطيعوا الرسول تهتدوا، فالهدى والرحمة في طاعة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إن تطيعوه تهتدوا، وفي الآيات الأخرى، (وأطيعوا الرسول لعلّكم تُرحمون)، ثمّ يؤكّد قوله: فعليه ما حُمِّل: وما على الرسول إلا البلاغ المبين، فإذا بلَّغ البلاغ المبين أدّى ما عليه، ولا يُسأل عن الناس من آمن ومن لم يؤمن ليس مسؤلاً عنهم، فالأمر كلّه لله الأمر مردود لله يضلُّ من يشاء ويهدي من يشاء، ثمّ قالَ سبحانه وتعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات) آمنوا وعملوا الصالحات وهؤلاء المؤمنون الصادقون الذين ذُكِروا في الآيات السابقة، وما كان المؤمنون، يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور:51]

هؤلاء هم الموعودون هذا الوعد العظيم، (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنَّهم في الارض) يجعل لهم يجعل لهم السلطان والحكم والتدبير، ليسخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليُمَكِننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وتمكين الدين بظهوره وبكثرة الداخلين فيه وبنشره وتبليغه، (وليمكنَنَّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدِّلنهم من بعد خوفهم أمنا) وقد تحقّق ذلك ولله الحمد والمنّة، فمكَّن الله للمؤمنين أصحاب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ثم كل من استقام على دين الله مكَّن له، (وليُبدِّلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبددونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وخصَّ هاتين الفريضتين لعِظَمِ شأنهما، وهما أعظم واجبات الإسلام بعد الشهاددتين، وأطيعوا الرسول أمر عام لكلّ ما يأمر به -صلى الله عليه وسلم- وأنّه سبب الرحمة طاعة الرسول سبب للرحمة، وأطيعوا الرسول وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون.

ثم قال تعالى: (لا تحسبَنَّ الذين كفروا معجزين في الارض) يقول لا تحسِب لا تحسبنّ لا تظنّ أنّ الكفّار يُعجِزون الله، بل الله يملي لهم، فإذا رأينا الكفار قد يعني مُكِّن لهم أو إنهم أُوتوا سلطاناً وقدَراً فيُعلم أنّ هذا ليس ليس لعجز الله، وأنّهم يعجِزون الله، لا لا يُعجِزون الله، هم في قبضة الله ولكنّ الله يستدرجهم، لا تحسبنّ الّذين كفروا معجزين في الأرض، بل الله يملي للكافرين يملي لهم، ويستدرجهم ويمكر بهم، ثم تكون عاقبتهم يوم القيامة جهنم وبئس المصير.

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديِّ -رحمَهُ اللهُ تعالى في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: (وأقسمُوا باللهِ جهدِ أيمانِهم….) الآيات، يخبرُ تعالى عن حالةِ المتخلِّفين عنِ الرّسولِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ- في الجهادِ مِن المنافقين، ومَن في قلوبِهم مرضٌ وضعفُ إيمانٍ أنّهم يُقسمونَ باللهِ، {لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ} فيما يُستقبَلُ أو لئِن نصصْتَ عليهِم حينَ خرجْتَ {لَيَخْرُجُنَّ} والمعنى الأوّلُ أوْلَى، قالَ اللهُ -رادّاً عليهِم-: {قُلْ لا تُقْسِمُوا} أي: لا نحتاجُ إلى إقسامُكم وإلى أعذارِكم، فإنّ اللهَ قد نبّأَنا من أخبارِكم، وطاعتُكم معروفةٌ، لا تَخفى علينا، قد كُنَّا نعرفُ منكُم التثاقُلَ والكسلَ من غيرِ عُذرٍ، فلا وجهَ لعُذرِكم وقسمِكم، إنّما يحتاجُ إلى ذلكَ، مَن كانَ أمرُهُ مُحتَملاً وحالُهُ مُشتبِهةٌ، فهذا ربّما يفيدُهُ العذرُ براءةً، وأمّا أنتم فكلّا ولمّا، وإنّما يُنتظَرُ بكم ويُخافُ عليكم حلولَ بأسِ اللهِ ونقمتِهِ، ولهذا توعّدَهم بقولِهِ: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فيجازيكم عليها أتمَّ الجزاءِ، هذهِ حالُهم في نفسِ الأمرِ، وأمّا الرسولُ -عليه الصلاةُ والسلامُ- فوظيفتُه أنْ يأمرَكم وينهاكم، ولهذا قالَ: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ} امتثلوا، كانَ حظُّهم وسعادتُهم {وإنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} مِن الرسالةِ، وقد أدّاها.

{وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} من الطاعةِ، وقدْ بانَتْ حالُكم وظهُرَتْ، فبانَ ضلالُكم وغيُّكم واستحقاقُكم العذابَ {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} إلى الصراطِ المستقيمِ، قولاً وعملاً فلا سبيلَ لكم إلى الهدايةِ إلّا بطاعتِهِ، وبدونِ ذلكَ، لا يُمكنُ، بلْ هوَ مُحالٌ، {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} أي: تبليغُكم البيّنُ الّذي لا يُبقي لأحدٍ شكّاً ولا شُبهةً، وقدْ فعلَ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، بلّغ البلاغَ المُبينَ، وإنّما الّذي يحاسبُكم ويجازيكم هوَ اللهُ تعالى، فالرسولُ ليسَ لهُ مِن الأمرِ شيءٌ، وقدْ قامَ بوظيفتِهِ.

قالَ اللهُ تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ {الآيات، هذا مِن أوعادِهِ الصادقةِ، الّتي..

– الشيخ : لا إله إلا الله، قف على هذه الآية بس [فقط]، اقرأ، نعم.