الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الشعراء/(7) من قوله تعالى {وأزلفت الجنة للمتقين} الآية 90 إلى قوله تعالى {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الآية 104

(7) من قوله تعالى {وأزلفت الجنة للمتقين} الآية 90 إلى قوله تعالى {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الآية 104

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الشُّعراء

الدَّرس: السَّابع

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشُّعراء:90-104]

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا اللهُ عنك

– الشيخ : سبحان الله، الحمدُ لله كانَ من دعاءِ إبراهيمَ عليه السلام قوله: ولا تخزني {ولا تخزني يومَ يُبعَثون يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنونٌ إلَّا مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليمٍ} في هذا اليوم العظيم يجمع الله فيه الأولين والآخرين للحساب والجزاء، يقول تعالى: وأُزلِفَتْ يعني في ذلك اليوم تُزلَفُ الجنّة، وأزلفت الجنة قُرِّبتْ الجنَّةُ للمتقين.

وبُرِّزتْ الجحيمُ أُظهِرَتْ، {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} وقيلَ للغاوين وهم المشركون: أينَ ما كنْتُم تدعونَ من دونِ اللهِ، {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ، وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} أين هم عنكم الآن؟ هل ينصرونكم؟ وكنتم في الدنيا تستنصرون بهم، هل ينصرونكم أو ينتصرون في أنفسهم؟ فلا هذا ولا هذا، لا ينتصرون في أنفسهم ولا ينصرون عابديهم وأتباعهم.

{فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} يُطرحونَ في النارِ ويكبُّونَ على وجوهِهم، {فكُبَّتْ وجوهُهم في النارِ هل تُجزونَ إلَّا ما كنْتُم تعملونَ} آمنت بالله أعوذ بالله من النار، فكُبْكِبوا هذا لفظ يدل على التكرار وعلى كثرة من يُكبُّ في النار، يوم يُسحبون في النار على وجوههم.

{فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ، وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} كلّهم جنود إبليس على اختلاف نِحَلِهِم وعلى اختلاف مذاهبهم كّلهم، وإنَّ جهنمَ لموعدُهم أجمعين وإنَّ جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكلِّ بابٍ منهم جزءٌ مقسومٌ.

{وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ، قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} يقول يختصمُ الأتباعُ والمتبوعين يختصمون، {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} هذا كلامُ الأتباعِ يُقِرِّونَ على أنفسِهم بالضلالِ، تاللهِ يقسمونَ {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ}.

قالَ اللهُ: {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ، فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ، وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} اللهُ أكبرُ {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ، فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ، وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} يعني أقرُّوا ليسَ لهم نصيرٌ ولا شفيعٌ ولا، من يُنقِذُهم ممَّا هم فيه من الشقاءِ، ولا صديقٍ حميمٍ.

ثمَّ يخبرُ تعالى أنَّهم يتمنُّونَ لو رُدُّوا إلى هذهِ الدُّنيا، {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} يتمنَّون لو أنَّ ليت لنا كرة عودة إلى الدنيا فنكونُ من المؤمنين، الله أكبر وهذا المعنى يأتي في القرآنِ كثير، {ولو ترى إذْ وُقِفُوا على النارِ فقالُوا يا ليتَنا نُرَدُّ ولا نُكذِّبُ بآياتِ ربِّنا} فهذا يتمنون لو رُدُّوا للدنيا، يكون ذلك منهم إذا عُرِضوا على النار وبعد دخولهم النار.

{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال الله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَن، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فخُتِمَتْ قصَّةُ إبراهيمَ بما خُتِمَتْ به قصَّةُ موسى وما تُختَم به القصص الآتية، كلُّها تُختَمُ بهذين الاسمين فاسمه العزيز فيه الدلالة على القوَّة والعظمة، وما أخْذُ المجرمينَ وما إهلاكُهم وتعذيبُهم إلّا من مقتضياتِ عِزَّتهِ، ونجاةِ المؤمنين وفلاحِهم مقتضى رحمتِه، فعَّبَ كلَّ قصَّة كلّ قصّة يُعقِّبُ يعقِّبُها بهذين الاسمين العزيز الرحيم.

 

– القارئ : أحسنَ اللهُ إليكَ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديُّ رحمَهُ اللهُ تعالى:

ثمَّ ذكرَ مِن صفاتِ ذلكَ اليومِ العظيمِ وما فيهِ مِن الثوابِ والعقابِ.

– الشيخ : الله أكبر لا إله إلَّا الله، محمَّد …

– القارئ : بس أنا سكتت أحسبك، يعني شفتك [رأيتك] حركت وقفت

– الشيخ : جزاك الله، أنا أنتظره نعم.

– القارئ : فقالَ {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} أي: قُرِّبَتْ {لِلْمُتَّقِينَ}.

– الشيخ : أُزلفت أي قُرِّبتْ، نعم.

– القارئ : {لِلْمُتَّقِينَ} ربَّهم الَّذينَ امتثلُوا أوامرَهُ واجتنبُوا زواجرَهُ واتَّقوا سخطَهُ وعقابَهُ، {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ} أي: بُرِّزَتْ واستعدَّتْ بجميعِ ما فيها مِن العذابِ

– الشيخ : أعوذ بالله

– القارئ : {لِلْغَاوِينَ} الَّذينَ أوضعُوا في معاصي اللهِ وتجرَّؤُوا على محارمِهِ وكذَّبُوا رسلَهُ وردُّوا ما جاؤُوهم بهِ مِن الحقِّ {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ} بأنفسِهم أي: فلمْ يكنْ مِن ذلكَ مِن شيءٍ.

– الشيخ : لا لا ينصرون الغاوين أتباعهم ولا ينتصرون في أنفسهم.

– القارئ : وظهرَ كذبُهم وخزيُهم ولاحَتْ خسارتُهم وفضيحتُهم وبانَ ندمُهم وضلَّ سعيُهم، {فَكُبْكِبُوا فِيهَا} أي: أُلقُوا في النارِ {هُمْ} أي: ما كانُوا يعبدونَ.

– الشيخ : يعني كُبكِبوا يعني المعبودون، المعبودون يُكبُّونَ في جهنم.

– القارئ : {وَالْغَاوُونَ} العابدونَ لها، وَجُنُودُ.

– الشيخ : فكُبكِبُوا فيها هم، نعم.

– القارئ : {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} مِن الإنسِ والجنِّ الَّذينَ أزَّهُم إلى المعاصي أزّاً وتسلَّطَ عليهم بشركِهم وعدمِ إيمانِهم فصارُوا مِن دُعاتِهِ والساعينَ في مرضاتِهِ وهم ما بينَ داعٍ لطاعتِهِ ومجيبٍ لهم ومقلِّدٍ لهم على شركِهِ، {قَالُوا} أي: جنودُ إبليسَ الغاوونَ لأصنامِهم وأوثانِهم الَّتي عبدُوها {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} في العبادةِ والمحبَّةِ والخوفِ والرجاءِ وندعوكُم كما ندعوهُ فتبيَّنَ لهم حينئذٍ ضلالُهم وأقرُّوا بعدلِ اللهِ في عقوبتِهم وأنَّها في محلِّها وهم لم يسوُّوهم بربِّ العالمينَ إلَّا في العبادةِ لا في الخلقِ بدليلِ قولِهم {بربِّ العالمينَ} إنَّهم مُقِرُّونَ أنَّ اللهَ ربُّ العالمينَ كلِّهم الَّذينَ مِن جملتِهم أصنامُهم وأوثانُهم.

{وَمَا أَضَلَّنَا} عن طريقِ الهدى والرشادِ ودعانا إلى طريقِ الغيِّ والفسقِ {إِلا الْمُجْرِمُونَ} وهم الأئمةُ الَّذينَ يدعونَ إلى النارِ، {فَمَا لَنَا} حينئذٍ {مِنْ شَافِعِينَ} يشفعونَ لنا لينقذُونا مِن عذابِهِ، {وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} أي: قريبٍ مُصافٍ ينفعُنا بأدنى نفعٍ كما جرَتْ العادةُ بذلكَ في الدُّنيا فأيسُوا مِن كلِّ خيرٍ وأُبلِسُوا بما كسبُوا وتمنَّوا العودةَ إلى الدُّنيا ليعملُوا صالحاً، فَلَوْ.

– الشيخ : نسألُ اللهَ العافيةَ أعوذُ باللهِ، نسألُ اللهَ العافيةَ أعوذُ باللهِ، يتمنَّى الأشقياءُ يتمنَّونَ الرجعةَ عندَ الموتِ وفي موقفِ القيامةِ وعندَ عرضِهم النار وعندَ دخولِهم النار يتمنَّونَ العودة.

 

– القارئ : {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} أي: رجعةً إلى الدُّنيا وإعادةً إليها {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} لنسلمَ مِن العقابِ ونستحقَّ الثوابَ هيهاتَ هيهاتَ قد حيلَ بينَهم وبينَ ما يشتهونَ وقد غَلِقَتْ منهم الرهونُ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ} الَّذي ذكرْنا لكُم ووصفْنا {لآيَةً} لكُم {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} معَ نزولِ الآياتِ.

قالَ اللهُ تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}.

– الشيخ : انتهى؟

– القارئ : نعم

– الشيخ : حسبك.