الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الروم/(9) من قوله تعالى {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات} الآية 46 إلى قوله تعالى { ولقد أرسلنا من قبلك رسلا} الآية 47
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(9) من قوله تعالى {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات} الآية 46 إلى قوله تعالى { ولقد أرسلنا من قبلك رسلا} الآية 47

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الروم

الدَّرس: التَّاسع

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:46-47]

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا الله عنك

– الشيخ : لا إله إلا الله، كأنَّ هذه الآية -والله أعلم- متصلَةٌ بالآياتِ السالفةِ، {وَمِنْ آيَاتِهِ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ}، ستَّ مرات، هذه من نوعِها، {وَمِنْ آيَاتِهِ} يقول تعالى، الدالَّة على حكمتِه وقدرتِه، آياتٌ دالّةٌ على ربوبيتِه وقدرتِه، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}، تُبِشِّرُ بالخيرِ بالمطرِ، بِنَشْءِ السحابِ، وهذا كثيرٌ، {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف:57].

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ}، لأنَّ الله يُنشئُ السحابَ، بهذه الرياح، تُثِيْرُهُ، فتثيرُ سحاباً كما سيأتي.

{وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ}، كذلك الرياحُ هذه تجري بها السفن تحركُها، كانت المراكب البحرية إنما تجري بإرسالِ الرياح؛ لأنَّها تُصَمَّمَ بطريقةٍ بحيث أنه إذا جاءت الريح تسوقُها، ولهذا في الآية الأخرى: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ}، {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى:33]، إذا سكنت الريحُ ركدتِ السفن على ظهر البحرِ.

وأما الآن فقد فتح الله للناس أسباب تسيير هذه المراكب، وقود، كانت تسير السفن في عهدٍ قريبٍ بطريقةِ الإيقادِ بالفحمِ، ثم فتح للناس هذا الوقود الهائل الكثير من بطن الأرض، فصار هو الأداة لاستخدامِ هذه المراكب، البريّة والجويّة والبحريّة.

{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ}، هي بأمرِ الله؛ لأنَّه هو خالقُ الأسبابِ، هو الذي خلقَ هذه الأسباب وهدى إليها عقولَ العباد، هداهُم إلى أقدرهم على هذا التصرُّف بهذه الوسائل، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}، يعني: تبتغون الأرزاق بهذه المراكب، يقطعون بها البحارَ البعيدة، الآن السفن أو البواخر تقطعُ المحيطات، فهي تقطع مسافاتٍ هائلةٍ وبحارٍ عميقةٍ، وكلُّ هذا بتدبير الله وتقديرِه وإقدارِه وهدايتِه.

{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، هذه هي الغاية، الغاية: الشكرُ لله، شكرُه -تعالى- على نعمه، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل:18]، {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7]، هذه هي الغاية.

ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ}، أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ أيها الرسولُ، أرسلْنا مِن قَبْلِكَ رسلاً، رسلٌ كثير، وقصَّ الله علينا بعضهم، {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} [النساء:164]، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} [الروم:47]، جاؤوهم بالحججِ الظاهرةِ القاطعةِ، ولكن كذّبوا ولم يستجيبوا لدعوةِ الرسلِ ولمْ ينتفعوا بهذه الآيات، فعاقبَهم الله وأخذَهم، {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا}{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت:40]

قال تعالى: {فَانتَقَمْنَا}، {فانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}، أجرموا بالتكذيبِ، هذه جريمة، أعظم جريمة، الشرك وتكذيبُ الرسل، فهم أحقُّ بهذا اللقب "المجرمون"، الناس ما يعرفون مُجرم إلا الذي يسرقُ أو يعتدي أو يقتلُ: مُجرم، أما الكافر والملحد ما يسمُّونه مُجرم، وهو مُجرم أعظم جُرم، فهو الـمُجرم، فطواغيتُ الكفر هم أعظم الناس إجراماً؛ لأنَّهم جمعوا بين الكفر بالله ورسلِه وظلم الخلق، فهم المجرمون حقاً، هم المجرمون.

قال الله: أ {فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، هذا وعدٌ من الله للمؤمنين أن ينصرَهم على أعدائِهم..

 

(تفسير السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعدي -رحمَه اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الآية. أي اسْتَعْلَنَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ

– الشيخ : اسْتَعْلَنَ هو معنى ظهرَ

– القارئ : أي: فَسَادُ مَعَايِشِهِمْ وَنَقْصُهَا وَحُلُولُ الْآفَاتِ بِهَا، وَفِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْوَبَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الْفَاسِدَةِ الْمُفْسِدَةِ بِطَبْعِهَا.

هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} أَيْ: لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ الْمُجَازِي عَلَى الْأَعْمَالِ فَعَجَّلَ لَهُمْ نَمُوذَجًا مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا.

– الشيخ : {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا}، فما يُعجَّلُ للكفار والعصاة من عذابٍ في الدنيا هذا بعضُ ما يستحقونه، {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى} [فصلت:16] وأكبرُ.

– القارئ : {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عَنْ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي أَثَّرَتْ لَهُمْ مِنَ الْفَسَادِ مَا أَثَّرَتْ.

– الشيخ : أسأل الله العافية.

– القارئ : فَتَصْلُحُ أَحْوَالُهُمْ وَيَسْتَقِيمُ أَمْرُهُمْ.

فَسُبْحَانَ مَنْ أَنْعَمَ بِبَلَائِهِ وَتَفَضَّلَ بِعُقُوبَتِهِ وَإِلَّا فَلَوْ أَذَاقَهُمْ جَمِيعَ مَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ.

قال الله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا} الآية.

والأمرُ بالسَّيرِ في الأرضِ يدخلُ فيه السيرُ بالأبدانِ والسَيرِ في القلوبِ للنَّظرِ والتأمُّل ِبعواقبِ المتقدِّمينَ.

{كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} تجدونَ عاقبتَهم شرَّ العواقبِ ومآلهَم شرَّ مآلٍ، عذابٌ استأصلَهم وذمٌّ ولَعنٌ مَن خلقِ اللهِ يتبَعُهم وخِزيٌ متواصلٌ، فاحذروا أنْ تفعلُوا فِعالَهم لئلا يُحْذَى بكمْ حَذوَهم فإنَّ عدلَ اللهِ وحكمتَه في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.

قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} الآيات.

أَيْ: أَقْبِلْ بِقَلْبِكَ وَتَوَجَّهْ بِوَجْهِكَ وَاسْعَ بِبَدَنِكَ لِإِقَامَةِ الدِّينِ الْقَيِّمِ الْمُسْتَقِيمِ.

– الشيخ : أَقِمْ وَجْهَكَ يعني: فيه معنى التوجُّه، يعني توجّه، توجّه بقلبك وببدنك، بهذا الدين، أقبل على دين الله، إيماناً وعملاً.

– القارئ : أَيْ: أَقْبِلْ بِقَلْبِكَ وَتَوَجَّهْ بِوَجْهِكَ وَاسْعَ بِبَدَنِكَ لِإِقَامَةِ الدِّينِ الْقَيِّمِ الْمُسْتَقِيمِ، فَنَفِّذْ أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ، وَقُمْ بِوَظَائِفِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَبَادِرْ زَمَانَكَ وَحَيَاتَكَ وَشَبَابَكَ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ الَّذِي إِذَا جَاءَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَلَا يُرْجَأُ الْعَامِلُونَ ليَسْتَأْنِفُوا الْعَمَلَ، بَلْ فُرِغَ مِنَ الْأَعْمَالِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا جَزَاءُ الْعُمَّالِ.

{يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أَيْ: يَتَفَرَّقُونَ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَصْدُرُونَ أَشْتَاتًا مُتَفَاوِتِينَ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ.

{مَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} وَيُعَاقَبُ هُوَ بِنَفْسِهِ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لِلَّهِ وَالَّتِي لِلْعِبَادِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ، فَلأَنْفُسِهِمْ لَا لِغَيْرِهِمْ يَمْهَدُونَ أَيْ: يُهَيِّئُونَ وَلِأَنْفُسِهِمْ يَعْمُرُونَ آخِرَتَهُمْ وَيَسْتَعِدُّونَ لِلْفَوْزِ بِمَنَازِلِهَا وَغُرُفَاتِهَا.

– الشيخ : الله أكبر، نسأل الله من فضله، {فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم:44]

– القارئ : وَمَعَ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى أَعْمَالِهِمْ بَلْ يَجْزِيهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الْمَمْدُودِ وَكَرَمِهِ غَيْرِ الْمَحْدُودِ مَا لَا تَبْلُغُهُ أَعْمَالُهُمْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَحَبَّهُمْ وَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْإِحْسَانَ صَبًّا، وَأَجْزَلَ لَهُ الْعَطَايَا الْفَاخِرَةَ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بِالنِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْكَافِرِينَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَبْغَضَهُمْ وَمَقَتَهُمْ عَاقَبَهُمْ وَعَذَّبَهُمْ وَلَمْ يَزِدْهُمْ كَمَا زَادَ مَنْ قَبْلَهُمْ فَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}

قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ} الآية.

أي: ومِنَ الأدلَّةِ الدالَّةِ على رحمتِه وبعثِه الموتَى وأنَّهُ الإلَهُ المعبودُ والـمَلِكُ المحمودُ، أَنْ أرسلَ الرِّيَاحَ أمامَ المطرِ {مُبَشِّرَاتٍ} بإثارتِها للسحابِ ثم جمعِها فتستبشرُ بذلكَ النفوسُ قبلَ نزولِه.

{وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} فينزلَ عليكمْ مطراً تحيا بِه البلادُ والعبادُ، وتذوقونَ من رحمتِه ما تعرفونَ أنَّ رحمتَه هي المنقذةُ للعبادِ والجالبةُ لأرزاقِهم، فتشتاقونَ إلى الإكثارِ من الأعمالِ الصالحةِ الفاتحةِ لخزائنِ الرحمةِ.

{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} في البحرِ {بِأَمْرِهِ} القدريِّ {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بالتصرُّفِ في معايشكمْ ومصالحكمْ.

{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} مَنْ سَخَّرَ لكمُ الأسبابَ ويَسَّرَ لكمُ الأمورَ، فهذا المقصودُ مِن النِّعَمِ أنْ تُقابَلَ بشكرِ اللهِ تعالى ليزيدَكم اللهُ منها ويُبقيهَا عليكمْ.

وأمَّا مقابلةُ النِّعَمِ بالكفرِ والمعاصي فهذهِ حالُ مَنْ بدَّلَ نعمةَ اللهِ كفراً، ونعمتُهُ محنةً وهو مُعرِّضٌ لها للزوالِ والانتقالِ منه إلى غيرِه.

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ} الآية.

أَيْ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} فِي الْأُمَمِ السَّابِقِينَ {رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ} حِينَ جَحَدُوا تَوْحِيدَ اللَّهِ وَكَذَّبُوا بِالْحَقِّ فَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ يَدْعُونَهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَالتَّصْدِيقِ بِالْحَقِّ وَبُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ، وَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا وَلَمْ يَزُولُوا عَنْ غَيِّهِمْ.

{فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} وَنَصَرْنَا الْمُؤْمِنِينَ أَتْبَاعَ الرُّسُلِ {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: أَوْجَبْنَا ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَجَعَلْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَيِّنَةِ وَوَعَدْنَاهُمْ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، فَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ لِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنْ بَقِيتُمْ عَلَى تَكْذِيبِكُمْ حَلَّتْ بِكُمُ الْعُقُوبَةُ، وَنَصَرْنَاهُ عَلَيْكُمْ. قالَ اللهُ تعالى..

– الشيخ : إلى هنا بس، نعم.