الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة غافر/(5) من قوله تعالى {والله يقضي بالحق} الآية 20 إلى قوله تعالى {ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات} الآية 22
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(5) من قوله تعالى {والله يقضي بالحق} الآية 20 إلى قوله تعالى {ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات} الآية 22

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة غافر

الدَّرس: الخامس

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ:

وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ[غافر:20-22]

– الشيخ : إلى هنا، لا إله إلا الله

يقول سبحانه وتعالى مُوَبِّخًا للكافرينَ الـمُكذِّبينَ ومُذكرًا بما جاء به الرسولُ ومذكراً لهم بما جرى على أشباهِهم وأمثالِهم مِن أعداءِ الرسلِ: {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً .. فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} لـمَّا كذَّبوا الرسلَ أخذَهم الله وقد كانوا أهلَ قوةٍ وأهل تصرُّفٍ ولهم آثارٌ في الأرضِ {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا} مُتَفَكرينَ ومُعْتَبِرِينَ، {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ} لهم آثارٌ؛ لأنهم عَمَرُوهَا وعملُوا فيها بالعمرانِ والحروثِ {وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ}

{وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} ما كان لهم مَن يقيهِم مِن بأسِ الله، ما كان لهم واقٍ يقيهم مما أراده الله بهم.

{وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت} هذا هو السببُ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} بذنوبهم {إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} هذا، ما جرى عليهم هو بسببِ أنهم كانت تأتيهِم رسلُ اللهِ بالبيناتِ والحججِ الظاهراتِ {فَكَفَرُوا} وكذَّبُوا بآياتِ الله {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} بذنوبِهم {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} هو القويُّ فلا غالبَ له، وهو شَدِيدُ الْعِقَابِ، كما قالَ في أولِ السورةِ، في  أول هذه السورة {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر:3] وظهر ذلكَ، ظهرتْ شدةُ عقابِهِ بما أنزلَه على الـمُكذِّبينَ مِن قومِ نوحٍ، وعادٍ، وثمودَ، وقومِ لوطٍ، وشعيبٍ، ماذا حلَّ بهم؟ حلَّتْ بهم الـمثُلات، حلَّتْ بهم أنواعُ العقوباتِ {فَكُلًا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت:40] {إنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فصلت:15]

وهكذا هذه الأممِ الكافرةِ، الدول دولُ الكفرِ الآن القائمة، هذه ماضيةٌ على سَنَنِ الـمُكذِّبين، سائرةٌ على طريقِ الكافرين كفرًا وتكذيبًا واستكبارًا وظلمًا وعُتُوًا، فنسألُ الله أن يُنزلَ بهمْ بأسَهُ الذي لا يُرَدُّ عن القوم المجرمين، وأنْ يُحِلَّ بهم القوارعَ، اللهمَّ أحلَّ بهمْ القوارعَ، وكُفَّ عَنَّا شَرَّهُم، اللهم كفَّ عنا شَرَّهُم.

لقد ظلمُوا وبَغَوا وأفسدُوا وظلمُوا المسلمينَ، وسعَوا في فسادِ دينِهم ودنياهم، هذهِ الأممُ الكافرةُ لا تألو جهدًا في الكيدِ للإسلام والمسلمين، وفي العملِ على فسادِ أحوالِ المسلمين في دينِهم ودنياهُم، وهذا بلاءٌ عظيمٌ، طغيانٌ، فمَثَلُهُم مَثَلُ عادٍ، نسأل الله أنْ يُرسلَ عليهِم ريحًا كريحِ عادٍ، حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

 (تفسيرُ السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ رحمَه اللهُ تعالى في تفسيرِ قولِ الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} الآيات.

يقولُ تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ} أي: بقلوبِهم وأبدانِهم سَيْرَ نظرٍ واعتبارٍ وتفكُّرٍ في الآثارِ، {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ} مِن المكذِّبين، فسيجدونَها شَرَّ العواقبِ، عاقبةُ الهلاكِ والدمارِ والخِزي والفضيحةِ، وقدْ كانوا أشدَّ قوةً مِن هؤلاءِ في الْعَدَدِ والْعُدَدِ وكِبَرِ الأجسامِ. {و} أشدَّ {آثارا في الأرض} مِن البناءِ والغَرسِ، وقوةُ الآثارُ تدلُّ على قوةِ الـمُؤثِّرِ فيها وعلى تمنُّعِهِ بها.

{فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} بعقوبتِهِ بذنوبِهِم حينَ أصرُّوا واستمرُوا عليها {إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} فلمْ تُغْنِ قوتُهم عندَ قوةِ اللهِ شيئًا، بَلْ مِنْ أعظمِ الأممِ قوةً: قومُ عادٍ الذينَ قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:15] أرسلَ اللهُ إليهِم ريحاً أضعفَتْ قُواهُم، ودمَّرتْهُم كلَّ تدميرٍ.

ثمَّ ذكرَ نموذجاً مِن أحوالِ المكذبينَ بالرسلِ.

– الشيخ : إلى هنا، سيَدخل في قصةِ موسى، قصةُ موسى مرتبطٌ بعضُها ببعضٍ.

القارئ : والشيخُ ساقَها كلَّها بطولِها.

الشيخ : إي، إلى آخر شيء، إلى وين؟

القارئ : إلى {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}

الشيخ : عجيب! سَرَدَ الآياتِ ذي كلَّها؟

القارئ : نعم، مقطع طويل.

الشيخ : طويل، إي قف عليها {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} نأخذُها يعني، لا إله إلا الله.