الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة فصلت/(5) من قوله تعالى {وقيضنا لهم قرناء} الآية 25 إلى قوله تعالى {وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا} الآية 29
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(5) من قوله تعالى {وقيضنا لهم قرناء} الآية 25 إلى قوله تعالى {وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا} الآية 29

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة فصِّلت

الدَّرس: الخامس

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ:

وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ [فصلت:25-29]

الشيخ : إلى هنا

القارئ : رضيَ اللهُ عنكَ

الشيخ : لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، سبحان الله! الحمدُ لله، يقولُ تعالى مُخبِراً عن حالِ أعدائِه، حالهم في هذه الدُّنيا وذلك أنَّهم سُلِّطَ عليهم قرناءُ من الشَّياطينِ {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ} يعني: سلَّطَ عليهم قرناءَ {فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} زيَّنُوا لهم الباطلَ المُتقدِّمَ والمُتأخِّرَ وأتوهم مِن كلِّ طريقٍ، يُزينون لهم الباطلَ، وينفِّرونهم من الحقِّ كما يقولُ مُقدَّمهم: {ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17]

{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} حقَّ عليهم كلمةُ العذابِ، وكلمةُ الشقاءِ، {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} معَ أممٍ كثيرةٍ {فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم} {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} الجنُّ مُكلَّفون، ومنهم الصالحُ ومنهم العاصي ومنهم المؤمنُ ومنهم الكافرُ.

والشياطينُ الَّذين يقترنون ببني آدمَ هؤلاء من كفرتِهم {فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} لأنَّهم فقدُوا أسبابَ الفلاحِ وأسبابَ الربحِ وهو الإيمانُ والعملُ الصالحُ، فخسروا أنفسَهم، هذه حالُهم، {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}

 ثمَّ يخبرُ تعالى عن بعضِ أقوالِ الكفرة المُكذِّبين بآياتِ اللهِ وبرسله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: من قريش وأضرابِهم وأتباعِهم، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} هؤلاء هم الَّذين ذُكِرُوا في أوَّل السورةِ {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت:4-5] فهذه حالُهم معَ الرسولِ، وهذه حالُهم معَ القرآنِ {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} لا تسمعوا ولا تستجيبوا لما يدعو إليه {وَالْغَوْا فِيهِ} يعني: بالتشويشِ والتنفيرِ، والصدِّ {وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فهذا من الصراعِ بينَ الحقِّ والباطلِ، فهؤلاءِ الكفَّارُ يُوصي بعضُهم بعضاً سادتهم السادةُ يُوصونَ الأتباع {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} مثل ما كانَ يعني: تشابهتْ قلوبُهم، قومُ نوحٍ يقولُ طواغيتُهم وأئمتُهم: {لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح:23] يعني: لا تُطيعوا نوحاً -عليه السلامُ- فتتركوا آلهتَكم معبوداتِكم ومعبوداتِ آبائِكم {وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}

قالَ اللهُ: { فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ} النارُ هي جزاءُ أعداء اللهِ، النارُ هي جزاءُ أعداءِ اللهِ، وهي دارُهم، وهي الَّتي أخبرَ اللهُ في الآيات السابقةِ أنَّهم يُساقون إليها، يُحشَرون ويُساقون إليها {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} هذا الجزاءُ على ما قدَّموا، على تكذيبِهم بآياتِ اللهِ، وعداوتهم للهِ ولرسلِه وآياتِه {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} هذا القولُ يقولونه وهم في النارِ، القولُ الأوَّلُ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} هذا في الدُّنيا، وأمَّا هذه: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} هذا يقولُه الكفرةُ الأتباعُ، الأتباعُ يقولون: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} وهذا كثيرٌ يذكره اللهُ يعني من…، مثل قولِهِ تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ} [الأعراف:38]

فالأتباعُ المستضعفونَ يطلبونَ أنَّ اللهَ يريَهم أئمتَهم وطواغيتَهم الَّذين أضلُّوهم؛ ليجعلوهم تحتَ أقدامهم، ليجعلوهم تحتَ، ليجعلوهم في النَّارِ تحتَ أقدامهم، {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} وهم شياطينُ الإنسِ والجنِّ، شياطينُ الإنسِ والجنِّ هم الَّذين يُضلّون غيرَهم، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ} فذكرَ اللهُ في هذه الآياتِ يعني: بعضَ أحوالِ الكفَّارِ، بعضُ أحوالِ أعدائه، بعضُ أحوالهم في الدُّنيا، وبعضُ أحوالِهم في الآخرة إذا صاروا إلى جهنَّمَ، الله أكبرُ.

 

(تفسيرُ السَّعديِّ) 

القارئ : أحسنَ اللهُ إليكَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ –تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} الآياتَ.

أي: وقضيْنا لهؤلاءِ الظَّالمينَ الجاحدينَ للحقِّ {قُرَنَاءَ} مِن الشَّياطينِ، كما قالَ تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:83] أي: تزجُّهم إلى المعاصي وتحثُّهم عليها، فزيَّنُوا {لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} فالدُّنيا زخرفُوها بأعينِهم، ودعَوهم إلى لذَّاتِها وشهواتِها المُحرَّمةِ حتَّى افتتنُوا، فأقدمُوا على معاصي اللَّهِ، وسلكُوا ما شاؤُوا مِن محاربةِ اللَّهِ ورسلِهِ، والآخرةُ بَعَّدُوها عليهم وأنسَوهم ذكرَها، وربَّما أوقعَوا عليهم الشُّبهَ، بعدمِ وقوعِها، فترحَّلَ خوفُها مِن قلوبِهم، فقادُوهم إلى الكفرِ، والبدعِ، والمعاصي.

وهذا التَّسليطُ والتَّقييضُ مِن اللَّهِ للمُكذِّبِينَ الشَّياطينَ، بسببِ إعراضِهم عن ذكرِ اللَّهِ وآياتِهِ، وجحودِهم الحقَّ كما قالَ تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف:36]

الشيخ : وقيَّضْنا

وهذه أعظمُ عقوبةٍ، أعظمُ من العقوبةِ بتلفِ النَّفسِ والمصائبِ في النفسِ والأموالِ والأهلِ، لا، هذه عقوبةٌ تُفضي بهم إلى مزيدٍ من الشَّرِّ أنَّهم فيه، كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5] {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:110].

 

القارئ : {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:37]

{وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي: وجبَ عليهم، ونزلَ القضاءُ والقدرُ بعذابِهم

{فِي} جملةِ {أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} لأديانِهم وآخرتِهم، ومَن خسرَ، فلا بدَّ أنْ يُذلَّ ويشقى ويُعذَّبَ، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآياتَ.

يخبرُ تعالى عن إعراضِ الكفَّارِ عن القرآنِ، وتواصيهم بذلكَ، فقالَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} أي: أعرضُوا عنهُ بأسماعِكم، وإيَّاكم أنْ تلتفتوا، أو تصغوا إليهِ ولا إلى مَن جاءَ بهِ، فإنْ اتُّفِقَ أنَّكم سمعْتُموهُ، أو سمعْتُم الدَّعوةَ إلى أحكامِهِ، فـ {الْغَوْا فِيهِ} أي: تكلَّموا بالكلامِ الَّذي لا فائدةَ فيهِ

الشيخ : للتشويش للتشويش

القارئ : بل فيهِ المضرَّةُ، ولا تُمكِّنُوا -معَ قدرتِكم- أحدًا يملكُ عليكم الكلامَ بهِ، وتلاوةَ ألفاظِهِ ومعانيهِ، هذا لسانُ حالِهم، ولسانُ مقالِهم، في الإعراضِ عن هذا القرآنِ، {لَعَلَّكُمْ} إنْ فعلْتُم ذلكَ {تَغْلِبُونَ} وهذا شهادةٌ مِن الأعداءِ، وأوضحُ الحقِّ ما شهدَتْ بهِ الأعداءُ، فإنَّهم لم يحكمُوا بغلبتِهم لمَن جاءَ بالحقِّ إلَّا في حالِ الإعراضِ عنهُ والتَّواصي بذلكَ، ومفهومُ كلامِهم، أنَّهم إنْ لم يلغُوا فيهِ، بل استمعُوا إليهِ، وألقَوا أذهانَهم، أنَّهم لا يَغلِبون، فإنَّ الحقَّ، غالبٌ غيرُ مغلوبٍ، يعرفُ هذا، أصحابُ الحقِّ وأعداؤُهُ.

ولمَّا كانَ هذا ظلمًا منهم وعنادًا، لم يبقَ فيهم مطمعٌ للهدايةِ، فلم يبقَ إلَّا عذابُهم ونكالُهم، ولهذا قالَ: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} وهوَ الكفرُ والمعاصي، فإنَّها أسوأُ ما كانُوا يعملونَ، لكونِهم يعملونَ المعاصيَ وغيرَها، فالجزاءُ بالعقوبةِ، إنَّما هوَ على عملِ الشِّركِ {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}

{ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ} الَّذينَ حاربُوهُ، وحاربُوا أولياءَهُ، جزاؤُهم النَّارُ بالكفرِ والتَّكذيبِ، والمجادلةِ والمجالدةِ. {النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} أي: الخلودُ الدَّائمُ، الَّذي لا يفترُ عنهم العذابُ ساعةً، ولا هم يُنصَرونَ، وذلكَ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} فإنَّها آياتٌ واضحةٌ، وأدلَّةٌ قاطعةٌ مفيدةٌ لليقينِ، فأعظمُ الظُّلمِ وأكبرُ العنادِ، جحدُها، والكفرُ بها.

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: الأتباعُ منهم، بدليلِ ما بعدَهُ، على وجهِ الحنقِ، على مَن أضلَّهم: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} أي: الصِّنفَينِ اللَّذينِ، قادَانا إلى الضَّلالِ والعذابِ، مِن شياطينِ الجنِّ، وشياطينِ الإنسِ، الدُّعاةِ إلى جهنَّمَ.

{نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسْفَلِينَ} أي: الأذلِّينَ المهانينَ كما أضلُّونا، وفتنُونا، وصارُوا سببًا لنزولِنا. ففي هذا، بيانُ حنقِ بعضِهم على بعضٍ، وتبرِّي بعضِهم مِن بعضٍ.

انتهى. {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ}

الشيخ : حسبُك