بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس التَّاسع والعشرون
*** *** *** ***
– القارئ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، اللهمَّ اغفر لشيخِنا وللحاضرين والمستمعين. قالَ الشيخُ عبد الرحمن بن ناصر السَّعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه: "فتحُ الرحيم الملكِ العلَّام في علمِ العقائدِ والتوحيدِ والأخلاقِ والأحكامِ المستنبطةِ مِن القرآنِ". قال رحمه الله تعالى:
الوليُّ
– الشيخ : مِن أسماء الله: "الولي" وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [الشورى:28]، والوليُّ في أسمائِه يتضمَّن نوعان مِن الولاية: ولايةُ مِلكٍ وتدبير، وهي الولايةُ العامة لكلِّ الناس، فهو وليّ خلقِه، وهو المتوليّ لشؤونِ هذا الوجود يتصرَّف فيه بمشيئتِه وحكمتِه.
وفيهِ [وهناك] الولاية الخاصَّةُ وهي ولياته لأوليائِه وعبادِه المؤمنين، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:68]، الله ولي المؤمنين ومولاهم ووليُّهم يرحمُهم يحفظُهم ويهديهم ويدفعُ عنهم.
– القارئ : الـولـيُّ:
ولايتُه تعالى وتوليِّه لعبادِه نوعان:
ولايةٌ عامةٌ: وهو تصريفُه وتدبيرُه لجميعِ الكائناتِ، وتقديرُه على العبادِ ما يريدُه مِن خيرٍ وشرٍّ، ونفعٍ وضرٍّ، وإثباتِ معاني الـمُلْكِ كلِّها للهِ تعالى.
والنوعُ الثاني في الولايةِ والتولي الخاصِّ، وهذا أكثرُ ما يَرِد في الكتابِ والسُّنّة كقولِه تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257] وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ [الأنفال:40] ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11]
– الشيخ : الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ الولايةَ الخاصة، فالولايةُ الـمَنفيَّةُ عن الكفار هي الولايةُ الخاصةُ، والـمُثبَتَةُ للكفار هي الولايةُ العامَّة، ولايةُ الملكِ والتدبيرِ والتصرُّفِ، ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62].
– القارئ : وهذا التولي الخاصُّ يقتضي عنايتَه ولطفِه بعبادِه المؤمنين، وأنَّ اللهَ يُربيهم تربيةً خاصَّةً، يَصلحونَ بها للقربِ منه ومجاورتِه في جَنَّاتِ النعيم،
– الشيخ : اللهمَّ إنا نسألُكَ مِن فضلكَ
– القارئ : فيوفقُهم للإيمانِ بِه وبرسلِه، ثمَّ يُغذِّي هذا الإيمانَ في قلوبِهم ويُنمِّيهِ، ويُيسرهم لليُسرى، ويُجنِّبهم العُسرى، ويغفرُ لهم في الآخرةِ والأولى، ويتولَّاهم برعايتِه وحفظِه وكَلَاءتِه، فيحفظُهم مِن الوقوعِ في المعاصي، فإنَّ وقعُوا فيها بما سَوَّلَتْ لهم أنفسُهم الأمَّارة بالسُّوءِ، وفَّقَهم للتوبةِ النَّصوح، فإذا توَّلوا ربَّهم تولَّاهم ولايةً أخصَّ مِن ذلك، وجعلَهم مِن خواصِّ خلقِهِ بما يُهَيئُ لهمْ مِن الأسبابِ الموصلةِ
– الشيخ : يا الله، يا سلام سلِّم
– القارئ : وجعلَهم مِن خواصِّ خلقِهِ بما يُهَيئُ لهمْ مِن الأسبابِ الموصلةِ لهم إلى كلِّ خيرٍ.
قالَ تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ [يونس:63،62]
فأخبرَ في هذهِ الآية عَن الأسبابِ التي نالُوا بها ولايةَ اللهِ، وهيَ الإيمانُ والتَّقوى، والفوائدُ والثمراتُ العظيمةُ التي يَجنونَها مِن هذهِ الولايةِ، وهي الأمنُ التامُّ وزوالُ ضِدِّهِ مِن الخوفِ والحزنِ، والبشارةُ الكاملةُ في الدُّنيا بما يُبين لهم ويبشرُهم به مِن اللُّطفِ والعنايةِ والتوفيقِ للخيراتِ والحفظِ مِن المخالفاتِ، وبالثناءِ الحَسَنِ بين العبادِ، وبالرؤيا الصالحةِ التي يَراها المؤمنُ أو تُرى لَه، والبِشارةُ عندَ الموتِ، وفي القبرِ، وفي عَرَصَاتِ القيامة.
فهذا تنبيهٌ جامعٌ، متوسطٌ بينَ الاختصارِ الـمُخِلِّ والطولِ الـمُمِلِّ، وفيهِ مِن التفصيلاتِ النافعةِ، والنُّكَتِ اللطيفةِ، والفوائدِ والفرائدِ ما لا تكادُ تجدُهُ مجموعاً في مَحلٍّ واحدٍ، وَلْنُتْبِعْ هذا المقصدَ الجليلَ ببقيةِ المقاصدِ مِن علومِ التوحيدِ، فنقولُ:
بيانُ الأصولِ التي كَثُرَ الكلامُ فيها بينَ السَّلفِ، وبينَ أهلِ الكلامِ، وهِيَ متفرعةٌ على أسماءِ اللهِ الحسنى وصفاتِهِ، ولكنْ
– الشيخ : إلى هنا يدخل في موضوع
– القارئ : بقي سطر أحسن الله إليك
– الشيخ : طيب
– القارئ : ولكنْ لزيادةِ الإيضاحِ نُبيّنُ دلالةَ القرآنِ عليها بخصوصِها.
ثمَّ قالَ رحمَه اللهُ: القولُ في علوِ الباري، ومباينتِهِ لخلقِهِ، واستوائِهِ على عرشِهِ
– الشيخ : إلى هنا
– القارئ : أحسن الله إليك