الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الفرقان بين الحق والباطل/(41) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله وهذا مما يتبين لك أن من خرج عن الكتاب”

(41) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله وهذا مما يتبين لك أن من خرج عن الكتاب”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس الحادي والأربعون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، اللهم متِّعْ شيخَنا على طاعتِك واغفر لنا وله وللمسلمين. قال ابنُ تيميةَ رحمنَا اللهُ وإيّاه ووالدينا والمسلمين:
وَهَذَا مِمَّا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَيْسَ مَعَهُ عِلْمٌ لَا عَقْلِيٌّ وَلَا سَمْعِيٌّ؛ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْمَطْلُوبِ الْأَعْظَمِ؛ لَكِنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ مُعْتَقِدِينَ لِعَقَائِدَ صَحِيحَةٍ عَرَفُوهَا بِالْفِطْرَةِ الْعَقْلِيَّةِ وَبِمَا سَمِعُوهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَدِينِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَقُلُوبُهُمْ تُثْبِتُ مَا تُثْبِتُ وَتَنْفِي مَا تَنْفِي بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ  الْمُكَمَّلَةِ بِالشِّرْعَةِ الْمُنَزَّلَةِ؛ لَكِنَّهُمْ سَلَكُوا هَذِهِ الطُّرُقَ الْبِدْعِيَّةَ وَلَيْسَ فِيهَا عِلْمٌ أَصْلًا؛ وَلَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ إبْطَالُ بَعْضِهِمْ لِقَوْلِ الْمُبْطِلِ الْآخَرِ وَبَيَانُ تَنَاقُضِهِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرُوا الْمَقَالَاتِ الْبَاطِلَةَ فِي الرَّبِّ جَعَلُوا يَرُدُّونَهَا بِأَنَّ ذَلِكَ تَجْسِيمٌ كَمَا فَعَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي "هِدَايَةِ الْمُسْتَرْشِدِينَ" وَغَيْرُهُ؛ فَلَمْ يُقِيمُوا حُجَّةً عَلَى أُولَئِكَ الْمُبْطِلِينَ، وَرَدُّوا كَثِيرًا مِمَّا يَقُولُ الْيَهُودُ بِأَنَّهُ تَجْسِيمٌ، وَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا أَحْيَانًا يَذْكُرُونَ لَهُ بَعْضَ الصِّفَاتِ؛ كَحَدِيثِ الْحَبْرِ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْيَهُودَ عَلَى أَشْيَاءَ كَقَوْلِهِمْ: إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَإِنَّ يَدَهُ مَغْلُولَةٌ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قَطُّ إنَّهُمْ يُجَسِّمُونَ، وَلَا أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ تَجْسِيمًا، وَلَا عَابَهُمْ بِذَلِكَ، وَلَا رَدَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْبَاطِلَةَ بِأَنَّ هَذَا تَجْسِيمٌ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ النفاة. فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وَلِمَا فَطَرَ عَلَيْهِ عِبَادَهُ، وَأَنَّ أَهْلَهَا مِنْ جِنْسِ الَّذِينَ قَالُوا: وقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10].
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَسَادَ مَا ذَكَرَهُ الرازي مِنْ أَنَّ طَرِيقَةَ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ مِنْ أَعْظَمِ الطُّرُقِ، وَبَيَّنَّا فَسَادَهَا وَأَنَّهَا لَا تُفِيدُ عِلْمًا، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا دَلِيلًا عَلَى إثْبَاتِ وَاجِبِ الْوُجُودِ، وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْكَمَالِ أَشْرَفُ مِنْهَا وَعَلَيْهَا اعْتِمَادُ الْعُقَلَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَهُوَ قَدْ اعْتَرَفَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ بِأَنَّهُ قَدْ تَأَمَّلَ الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ فَمَا وَجَدَهَا تَشْفِي عَلِيلًا وَلَا تَرْوِي غَلِيلًا وَوَجَدَ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ. وَطَرِيقَةُ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ لَمْ يَسْلُكْهَا أَحَدٌ قَبْلَ ابْنِ سِينَا وَهُوَ أَخَذَهَا مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ قَسَّمُوا الْوُجُودَ إلَى مُحْدَثٍ وَقَدِيمٍ فَقَسَّمَهُ هُوَ إلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ؛ لِيُمْكِنَهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَلَكَ مُمْكِنٌ مَعَ قِدَمِهِ وَخَالَفَ بِذَلِكَ عَامَّةَ الْعُقَلَاءِ مِنْ سَلَفِهِ وَغَيْرِ سَلَفِهِ وَخَالَفَ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَنْطِقِ مَا ذَكَرَهُ سَلَفُهُ مِنْ أَنَّ الْمُمْكِنَ لَا يَكُونُ إلَّا مُحْدَثًا كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَلَكُوا هَذِهِ الطَّرِيقَةَ انْتَهَتْ بِهِمْ إلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ؛ فَإِنَّ فِرْعَوْنَ جَحَدَ الْخَالِقَ وَكَذَّبَ مُوسَى فِي أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَهُ، وَهَؤُلَاءِ يَنْتَهِي قَوْلُهُمْ إلَى جَحْدِ..

– الشيخ: اللهُ سبحانَه وتعالى كلَّمَ موسى قبلَ إرسالِه إلى فرعونَ وبعدَ إرسالِه، سبحانَ الله!
 
– القارئ: وَهَؤُلَاءِ يَنْتَهِي قَوْلُهُمْ إلَى جَحْدِ لْخَالِقِ، وَإِنْ أَثْبَتُوهُ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا نَادَى أَحَدًا وَلَا نَاجَاهُ.
– الشيخ: سبحانَ الله، سبحانَ الله، سبحانَ الله! هنا العجبُ؛ أمرُ التعطيلِ ونفيُ الصفاتِ، سبحان الله! جعلوا التعطيلَ عن صفاتِ الكمالِ هو الكمالُ، وجعلوا إثباتَ صفاتِ الكمالِ هو النَّقْصُ؛ تشبيهٌ وتجسيمٌ وتركيبٌ وهكذا، سبحانَ الله! لا إله إلّا الله.
اللُه عابَ إله، أو الذي ألَّههُ بنو إسرائيلَ "العجلَ" لأنَّه لا يتكلمُ، وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ [الأعراف:148]، فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ  *  أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا [طه:88-89]، لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا [مريم:42]، لا إله إلّا الله.
 
– القارئ: وَعُمْدَتُهُمْ فِي نَفْيِ ذَاتِهِ عَلَى نَفْيِ الْجِسْمِ، وَفِي نَفْيِ كَلَامِهِ وَتَكْلِيمِهِ لِمُوسَى عَلَى أَنَّهُ لَا تَحُلُّهُ الْحَوَادِثُ فَلَا يَبْقَى عِنْدَهُمْ رَبٌّ وَلَا مُرْسَلٌ؛ فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ يُنَاقِضُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ فَإِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْمُبَلِّغُ لِرِسَالَةِ مُرْسِلِهِ، وَالرِّسَالَةُ هِيَ كَلَامُهُ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا لَمْ تَكُنْ رِسَالَةٌ؛ وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ كَلَامًا يَقُومُ بِذَاتِهِ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ يَتَكَلَّمُ. والنفاة مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ..
– الشيخ: يُشيرُ إلى الأشاعرةِ الذين يقولون: إنَّه لا يتكلمُ بالمشيئةِ، بل كلامُه معنىً قائمٌ بنفسِه، معنىً قائمٌ بنفسِه وهو قديمٌ لا تتعلقُ به المشيئةُ، فهل أثبتوا الكلامَ؟
فقولنا عن الأشاعرةِ أنَّه يُثبتونَ الكلامَ هذا مراعاةً لإطلاقِهم أنَّهم يُثبتونَ الصفاتِ السبعِ وإلّا ما هم يُثبتونَ الكلامَ الإثباتَ المعقولَ المعروفَ عندَ أهلِ السنّةِ.
 
– القارئ: والنفاةُ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْكَلَامُ صِفَةُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ.
– الشيخ: والنُّفاةُ، نعم، نُفاةُ الكلامِ عن اللهِ منهم من يقول.. لا تقف عند "والنفاةُ مِنْهُمْ"، "والنفاةُ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ"، خلّ جملة.
– القارئ: والنفاةُ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْكَلَامُ صِفَةُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بَائِنٌ عَنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ صِفَةُ ذَاتٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَالْحَيَاةِ يَقُومُ بِذَاتِهِ وَهُوَ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَكُلُّ طَائِفَةٍ مُصِيبَةٌ فِي إبْطَالِ بَاطِلِ الْأُخْرَى. وَالدَّلِيلُ يَقُومُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ وَفِعْلٍ تَقُومُ بِذَاتِ الرَّبِّ..
– الشيخ: يعني قولُه صفةٌ ذاتيةٌ فعليَّةٌ هذا معنى قول ذَاتٌ وَفِعلٌ، يعني: صفةٌ ذاتيةٌ فعليةٌ، ذاتيةٌ: من حيثُ أنَّ اللهَ لم يزلْ يتكلَّمُ بما شاءَ كيفَ شاءَ، فهو صفةٌ ذاتيةٌ، لم يزل يتكلمُ بما شاءَ إذا شاءَ وكيفَ شاءَ. وهو صفةٌ فعليَّةٌ: من حيثُ أنَّه يتكلمُ بمشيئةٍ؛ لأنَّ كلامَه فعلٌ من أفعالِه تتعلقُ به المشيئةُ.
 
– القارئ: وَالرَّبُّ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَأَدِلَّةُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ صِفَةُ فِعْلٍ كُلُّهَا إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ؛ وَهَذَا حَقٌّ. وَأَدِلَّةُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ يَقُومُ بِذَاتِهِ؛ وَهَذَا حَقٌّ. وَأَمَّا مَنْ أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا كَمَنْ قَالَ: إنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ. أَوْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ فَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُثْبِتُوا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ.
– الشيخ: أعد، أعدِ الجملةَ.
– القارئ: وَأَمَّا مَنْ أَثْبَتَ أَحَدَهُمَا كَمَنْ قَالَ إنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ أَوْ قَالَ..
– الشيخ: كالمعتزلة، نعم
– القارئ: أَوْ قَالَ إنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ
– الشيخ
: الأشاعرةُ والماتُريديَّةُ ونحوهم، نعم، والكُلّابيةُ كلّهم.
– القارئ: فَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُثْبِتُوا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَلَا أَثْبَتُوا لَهُ كَلَامًا؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ مَا لَا يَعْقِلُ؛ هَذَا يَقُولُ: إنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ قَامَ بِالذَّاتِ، وَهَذَا يَقُولُ: حُرُوفٌ أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ، وَهَذَا يَقُولُ: مَخْلُوقٌ بَائِنٌ عَنْهُ.
وَلِهَذَا لَمَّا ظَهَرَ لِطَائِفَةٍ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ مَا فِي قَوْلِهِمْ مِنْ الْفَسَادِ وَلَمْ يَعْرِفُوا عَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَارُوا وَتَوَقَّفُوا وَقَالُوا: نَحْنُ نُقِرُّ بِمَا عَلَيْهِ عُمُومُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مَخْلُوقًا أَوْ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ أَوْ مَعْنًى قَائِمٍ بِالذَّاتِ؛ فَلَا نَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهُدَى فِي هَذِهِ الْأُصُولِ وَمَعْرِفَةُ الْحَقِّ فِيهَا هُوَ مَعْرِفَةُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ: أَنْفَعُ وَأَعْظَمُ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّن يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ لَا سِيَّمَا وَالْقُلُوبُ تَطْلُبُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ فِي هَذِهِ بِالْفِطْرَةِ، وَلِمَا قَدْ رَأَوْا مِنْ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا. وَهَؤُلَاءِ يَذْكُرُونَ هَذَا الْوَقْفَ فِي عَقَائِدِهِمْ وَفِيمَا صَنَّفُوهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ كَمَا قَدْ رَأَيْتُ مِنْهُمْ مِنْ أَكَابِرِ شُيُوخِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ قَدْ صَنَّفُوا فِي أُصُولِ الدِّينِ مَا صَنَّفُوهُ، وَلَمَّا تَكَلَّمُوا فِي "مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ" وَهَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ؟ أَوْ قَدِيمٌ؟ أَوْ هُوَ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ؟ أَوْ مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ؟ نَهَوْا عَنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَقَالُوا: الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ: أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، وَيُمْسَكُ عَنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ. وَهَؤُلَاءِ تَوَقَّفُوا عَنْ حَيْرَةٍ وَشَكٍّ وَلَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الْعِلْمِ وَالْهُدَى وَالدِّينِ، وَهُمْ مِنْ أَحْرَصِ النَّاسِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمُوا إلَّا هذه الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ: قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ والكُلّابيةِ والسالميةِ.

– الشيخ: بالضبط، هؤلاءِ هم اللي أشارَ إلى أقوالِهم، الكُلّابيةُ، أيش، والسَّالميَّةُ، والأشاعرةُ.
– القارئ: الْمُعْتَزِلَةِ والكُلّابية والسالمية.
– الشيخ:
الأشاعرةُ تَبَعٌ للكُلّابيةِ تبعٌ؛ لأنَّ ابنَ كُلَّابٍ شيخ الأشعري.
– القارئ: وَكُلُّ طَائِفَةٍ تُبَيَّنُ فَسَادَ قَوْلِ الْأُخْرَى، وَفِي كُلِّ قَوْلٍ مِنْ الْفَسَادِ مَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ مِنْ قُبُولِهِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ هَذِهِ، فَرَضُوا بِالْجَهْلِ الْبَسِيطِ وَكَانَ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ، وَكَانَ أَسْبَابُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ وَافَقُوا هَؤُلَاءِ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِمْ وَدِينِهِمْ وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ..
– الشيخ: قِفْ على هذا.
– طالب: من قالوا بالوقف يا شيخ؛ هل لهم اسمٌ يُطلقُ عليهم في كلامِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟
– الشيخ: الواقفةُ، الواقفةُ، لكن اللي أشارَ إليهم شيخُ الإسلامِ هؤلاءِ طالبونَ للحقّ، توقُّفُهمْ عن جهلٍ، لكن في فئةٍ ذمَّهم الإمامُ أحمدُ وهم الواقفةُ الذين أظهروا الوقفَ والتوقفَ، يعني نوعٌ من التلبيسِ، قال: أنّهم أخبثُ من المصرِّحينَ بأنَّ القرآنَ مخلوقٌ؛ فأولئك قالوا: لا نقولُ مخلوق، كلُّهُ من أجلِ المُصانَعةِ لهؤلاءِ وهؤلاءِ.
– طالب: القولُ هذا -أحسنَ اللهُ إليكم- هل قالت به طائفةٌ أم اندرسَ؟
– الشيخ: من هم؟
– طالب: قولُ هذا، قولُ الواقفة.
– الشيخ: أي الواقفة الذين ذكرهم الشيخ ولّا غيرهم؟
– طالب: لا، الواقفةُ في القرآنِ مخلوقٌ ولَّا غيرُ مخلوقٍ.
– الشيخ: الآن موجودين، في ناس، لكن كطائفة لا، وإلا يوجدُ كثيرٌ يدعونَ إلى التوقُّفِ وإنَّ مسألةَ القولِ بخلقِ القرآنِ، ومقولة اللي، يعني مُبتدَعةٌ، مسألة، فلا ينبغي التوقُّفُ لا نقول: مخلوق ولا غير مخلوق، شفنا في بعضِ كلامِ الصنعاني جنوحٌ إلى مثلِ هذا.
– طالب: الصنعانيُّ الإمامُ صاحبُ السبلِ.
– الشيخ: إي نعم، رحمهُ اللهُ، يعني يرى الإمساكَ، كأنَّه من جنسِ اللي قالَه الشيخُ، من جنسِ هؤلاءِ اللي أثنى عليهم الشيخُ؟
– طالب: أي الكتبِ -أحسنَ اللهُ إليكم-؟
– الشيخ: والله ما أدري، ما أظنّه "تطهير الاعتقادِ"، ما أظنه.
– طالب: كثيرٌ من شركِ العبادةِ هناك.
– الشيخ: نعم.
 
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة