الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب حراسة الفضيلة/(11) الأصل الثالث “قوله تنوعت الأدلة من السنة المطهرة من وجوه متعددة”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(11) الأصل الثالث “قوله تنوعت الأدلة من السنة المطهرة من وجوه متعددة”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله 
الدّرس الحادي عشر

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمنا الله وإياه- في كتابه "حراسة الفضيلة":
ثانيًا: الأدلة من السنّة المطهرة: تنوعت الأدلة من السنة المطهرة بوجوه متعددة لأحاديث متكاثرة، بالتصريح بستر الوجِه وتغطيتهِ تارةً، وبالتصريح بعدم الخروج إلّا بالجلباب "العباءة" تارة، وبالأمر بستر القدمين  وإرخاءِ الثوبِ مِنْ أجلِ سترهما تارة، ولأنَّ المرأة عورةٌ والعورة واجب سترها تارة، وبتحريم الخلوة والدخول على النّساء تارة، وبالرخصة للخاطب في النظر إلى مخطوبته تارة، وهكذا من وجوه السُّنن التي تحمي نساء المؤمنين وتحرسهن في حال من العفة والحياء والغَيرة والاحتشام، وهذا سياقُ جملةٍ من الهدي النبوي في ذلك..
– الشيخ:
الله أكبر الله المستعان لا إله إلا الله
 
– القارئ: عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرمات، فإذا حاذَوا بنا سَدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدار قطني والبيهقي.
هذا بيانٌ من عائشة -رضي الله عنها- عن النساء الصحابيات المحرمات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن واجبين تعارضا: واجب تغطية الوجه على المؤمنة وواجب كشفه على المحرمة، فإذا كانت المحرمةُ بحضرة رجال أجانب أعملت الأصل وهو فرض الحجاب فتغطي وجهها، وإذا لم يكن بحضرتها أجنبي عنها كشفته وجوباً حال إحرامها.
وهذا واضح الدلالة بحمد الله على وجوب الحجاب على جميع نساء المؤمنين. والقول في عمومه كما تقدّم في تفسير آية الأحزاب ويؤيد عمومه الحديث بعده: عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشطُ قبل ذلك في الإحرام. رواه ابن خزيمة والحاكم وقال: حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
ثالثاً: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل لما نزلت: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] شققنَ مُروطهنَّ فاختمرنَ بها. رواه البخاري وأبو داود وابن جرير في التفسير والحاكم والبيهقي وغيرهم. قال الحافظ بن حجر -رحمه الله تعالى- في فتح الباري: قوله "فاختمرنَ" أي: غطين وجوههن. انتهى.
وقال شيخنا محمد الأمين -رحمه الله تعالى- في أضواء البيان: وهذا الحديثُ الصحيحُ صريحٌ في أنَّ النساء الصّحابيات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالى..

– الشيخ: الصحابيات إيش؟
– القارئ: المذكورات فيه..
– الشيخ:
في الحديث. نعم
– القارئ: فهمنَ أن معنى قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ يقتضي ستر وجوههنَّ، وأنّهنَّ شققنَ أُزُرهن فاختمرنَ أي: سترنَ وجوههنَّ بها امتثالاً لأمر الله في قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ 
– الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله
– القارئ: المقتضي سَترُ وجوههنَّ، وبهذا يتحققُ المُنصف أن احتجاب المرأة عن الرجال وستر وجهها عنهم ثابتٌ في السُنّة الصحيحة المُفسِّرة لكتاب الله تعالى، وقد أثنت عائشة -رضي الله عنها- على تلك النساء بمسارَعتهنَّ لامتثال أوامر الله في كتابه، ومعلومٌ أنهنَّ ما فهمنَ ستر الوجوه من قوله: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] إلا من النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه موجود وهُنَّ يَسألنه عن كل ما أشكل عليهنَّ في دينهنَّ، والله جلَّ وعلا يقول: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44] فلا يمكن أن يُفسِّرنَها من تلقاءِ أنفسهن.
وقال ابن حجر في فتح الباري ولابن أبي حاتم من طريق  عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية ما يوضِّحُ ذلك ولفظه: ذكرنَ عند عائشة نساء قريٍ وفضلهن فقالت: إن نساء قريش لفضلاء، ولكنّي والله ما رأيت..
– الشيخ: لفضلاء؟
– القارئ: أي نعم
فقالت: إن نساء قريش..

– الشيخ: لا، لفضلُن
– القارئ: بالألف
– الشيخ:
فضلاء بمدّة؟
– القارئ: أي نعم وهمزة
– الشيخ:
ليس بظاهر، ما يُقال في النساء: "فضلاء"
 
– القارئ: ولكني والله ما رأيتُ أفضلَ مِنْ نساءِ الأنصار أشدُّ تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل لقد أُنزلت سورة النور وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] فانقلبَ رِجالُهنَّ إليهنَّ يتلون عليهن ما أنُزِل فيها، ما مِنهُنَّ امرأة إلا قامت إلى مُرطها فأصبحنَ يُصلينَ الصبح مُعتجرات كأن على رؤوسهن الغربال. كما جاء موضحاً في رواية البخاري المذكورة آنفًا.
أفترى عائشة رضي الله عنها ما عِلمِها وفَهمِها وتُقاها أثنت عليهنَّ هذا الثناء العظيم وصرَّحت بأنها ما رأت أشدَّ مِنهنَّ تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل، وهو دليلٌ واضحٌ على أن فَهمهن لزومُ سَترِ الوجوه من قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ من تصديقهنَّ بكتاب الله وإيمانِهنَّ بتنزيلهِ، وهو صريحٌ في أن احتجاب النساء عن الرجال وسَترُهنَّ وجوهَهُن تصديقٌ بكتابِ الله وإيمانٌ بتنزيله كما ترى، فالعجب كل العجب ممن يدّعي..
– الشيخ:
الجملة فترى الثانية فترى بدون ألف بدون همز … مقتضي نعم بعده
– القارئ: فالعجبُ كلُّ العجب ممن يدّعي من المنتسبين للعلم أنه لم يَرد في الكتاب ولا السُنّة ما يدلُّ على ستر المرأة وجهها عن الأجانب، مع أنَّ الصحابيات فعلنَ ذلك مُمتثلات أمر الله في كتابه إيماناً بتنزيله. ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدّم عن البخاري وهذا من أعظم..
– الشيخ:
عن البخاري؟
– القارئ: أي نعم عن البخاري
وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين كما ترى. انتهى.
رابعاً: حديث عائشة.
– الشيخ:
حسبك. كان هذا كله من أضواء البيان؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ:
رحمه الله لا إله إلا الله حسبنا الله حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل.
فتنة النساءِ هي أعظمُ فتنة على الرجال في نص خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنةٌ عظيمة، وهي أول فتنة بني اسرائيل، ولهذا عَرفَ الكفّار كيفَ يدخلون ويؤثّرون على المسلمين ونفّذوا كثير مِنْ مخططاتهم ومن أهدافهم في المسلمين بواسطة إخراج المرأة من بيتها وحملها على التفلُّت والتمرّد على أحكام الله، تخرج وهي شِبه عارية تكشف الرأس والعنق والصدر والساق أعوذ بالله، والباب الأعظم الذي سَلكهُ المستعمرون في البلاد الإسلامية الباب الأعظم للوصول إلى هذه الغاية هو التعليم على المناهج الغربية، التعليم على المناهج الغربية، فأوّل خطوة إن هذا التعليم اقتضى خُروج المخدرات وأدوات الخدور والعواتق والبنات من البيوت يترددن وكان في أول الأمر لا يأمرونهنَّ بالعُري.
لا بل ذكر المطّلعون بل المشاهدون في تصرفات النصارى في البلاد الإسلامية إن المُشرفات على تلك المدارس يأمرنَ البنات بالمحافظة خِداعاً ومكراً، وسرى هذا الدّاء في العالم الإسلامي حتى وصل إلى تلك إلى هذه البلد لكن بخطوات خطوات ثابتة تدريجية تدرجاً، فكان التعليم مفصولاً في هذا البلد العزيزة الغالية، كان في فصل في بُعد، ثم لم يزل أصحاب الأهواء والأغراض من المنافقين ومن وراءهم حتى حققوا قدراً من أهدافهم بالدمج، الذي يُسمّونه "الدمج"، ثم هذا وراءه وهي خُطوات وراءه الاختلاط في التعليم وها هو بدأ من تحت وكما هو واقع من فوق في قِطاعات كثيرة سبحان الله، تنفيذ خُطط الكفار في البلاد الإسلامية، لكن مَنْ مَنَّ الله عليه من الرجال  والنساء عرف الحق ولزمهُ واجتهد في القيام به، والمخذول يسير مع التيار ويُجاري أهل الزمان يُجاري أهل زمانه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله