الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب حراسة الفضيلة/(24) الأصل الخامس “قوله كما علم تاريخيا أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(24) الأصل الخامس “قوله كما علم تاريخيا أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله 
الدّرس الرّابع والعشرون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ للهِ والصّلاة والسّلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه "حراسة الفضيلة"..
أحسن الله إليك، في المقطع السابق في زيادة في طبعة أخرى قريب مِن صفحتين، نقرأه؟
– الشيخ:
أي خلنا نشوف الإضافة، تقرأ الإضافة يعني؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ:
طيب
– القارئ: بعد قوله: وقد عُلِم تاريخياً..
كما عُلِم تاريخياً أن التبذُّل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات، وزوال الدول، كما كان ذلك لحضارة اليونان الرومان، وهكذا عواقب الأهواء والمذاهب المضلة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في الفتاوى: "إنَّ دولة بني أمية كان انقراضها بسبب هذا الجعد المُعطّل وغيره من الأسباب" انتهى.
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الطُّرق الحُكمية..
– الشيخ:
"هذا الجعد.." يقول؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ:
يقول "بسبب.."؟
– القارئ: هذا الجعد المُعطِّل..
– الشيخ:
على كل حال يعني أسباب هلاك الأمم هي المعاصي، وأعظمُها الكفر بالله، ثم فشو المعاصي والمنكرات؛ هي مِنْ أسبابِ فساد أحوال الأمم في أمرِ دينها؛ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ [الروم:41] فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ [العنكبوت:40]
وقدْ يُمهل الله بعض الأمم مع كفرها وطغيانها ليأخذها، (إِنَّ الله لَيُمْلي للظَّالمِ حتَّى إذا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهَ)، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] فلا يعني يسكن، ولا يُغتر بما تتمتّع بهِ هذه الدول الكافرة؛ هذه تعيش حياة الاستدراج من الله تعالى.
ومن سُّننه تعالى أن يمكر بالكافرين والعاتين، أن يمكر بهم ثم يأخذهم بما شاء سبحانه وتعالى؛ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ [الرعد:31] ولكن أكثر الخلق لا يعقلون لا يعقلون، وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [يونس:101] لا يعقلون يعني حكمة الله في هذه الأقدار، ولا يعتبرون بآيات الله، وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [يوسف:105]
 
– القارئ: وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في "الطُّرقِ الحُكمية" ما مختصره: "فصلٌ: ومِنْ ذلكَ أنَّ وليَّ الأمرِ يجبُ عليهِ أنْ يمنعَ مِن اختلاط الرجال بالنساء بالأسواق، والفُرج، ومجامعِ الرجال، فالإمامُ مسؤولٌ عن ذلك والفتنة به عظيمة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا تركْتُ بعْدِي فِتْنَةً أضَرُّ على الرِّجال مِنَ النِّساءِ)، وفي حديثٍ آخر أنّه قالَ للنساء..
– الشيخ:
هذا الكلام معروف، بعضُ الناس يُلبِّس ويُشكك في مثل هذا الحديث، أو يفهمهُ أو يُصوّره على خلاف المراد؛ المُراد جِنسُ النّساء فتنة، المرأة فتنة وليس هذا فيه ذنب لأي امرأة كل امرأة، ففي النّساء الصالحات، وفي النساء المؤمنات، لكن جنس المرأة فيه فتنة، والذي تضره هذه الفتنة هو الذي ينساق مع شهوته، ويطلب الحرام، ويطلق بصره في الحرام، أمّا مَن غضَّ بصره، وحفظ فرجه وبَعُدَ عن أماكن الرِّيَب فلا تضرُّه هذه الفتنة.
والمرأة الصالحة المُحافظة المتأدبة بآداب الله هذه لا يلحقها الذنب بل ولا تكون فتنة؛ لأنها باحتشامها وبُعدها عن دواعي الفتنة لا تُفتَن، ولا تفتَتن، لا تَفتِن غيرها، لا تفتن غيرها؛ لأنها قد حافظت، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] لكن التي تكون فتنة هي المتهتكة المتبرجة التي تُظهر مفاتنها، وتُظهر زينتها، على خلاف ما أدَّب الله به المؤمنات؛ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] فهذه النساء اللاتي يَبْرُزن في المجامع والمحافل وفي … متبرّجات هؤلاءِ فاتنات مفتونات، يكن عاصيات، ويكن سبباً في عصيان مَن يفتتن بهن، ويقع في الحرام بسببهن.
 
– القارئ: وفي حديثٍ آخر أنهُ قال للنساء: (لكنَّ حافَّات الطّريق)، ويجبُ عليهِ منع النساء من الخروج متزيّنات، مُتجمِّلات، ومنعهنَّ مِنَ الثياب التي يَكنَّ بها كاسيات عاريات كالثياب الواسعة والرِقاق، ومنعهنَّ مِن حديث الرجال في الطُّرقات ومنعُ الرجال مِن ذلك، وإن رأى وليُّ الأمرِ أنْ يُفسدَ على المرأة إذا تجمّلت وتزيّنت وخرجت ثيابها بحبرٍ ونحوه، فقد رخّص بذلكَ بعضُ الفقهاء وأصاب، وهذا مِن أدهى..
– الشيخ: من كلام ابن القيم داخل؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ:
هذا فعلهُ البعض في بعض الأوقات بعض المُحتسبين إذا رأوا مِن بعض النساء ملابسا غير لائقة يَبخّون عليهنَّ شيئا مِنَ الصِبغة الذي يشوّه هذا الملبس؛ عقوبة.
 
– القارئ: وهذا مِن أدنى عقوبتهن المالية، ولهُ أن يحبسَ المرأة إذا أكثرت الخروجَ مِن منزلها ولا سيّما إذا خرجت متجمّلة، بل إقرارُ النساءِ على ذلك إعانةٌ لهنَّ على الإثمِ والمعصية، والله سائل ولي الأمر عن ذلك.
وقد منعَ أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النساء مِنَ المَشْرِف في طريق الرجال والاختلاط بهم في الطريق، فعلى ولي الأمر أنْ يقتدي به في ذلك.
وقال الخلّال في جامعه: أخبرني محمد بن يحيى الكحّال أنّهُ قال لأبي عبد الله: "أرى الرَّجلَ السُّوء مع المرأة؟ قال: صِحْ به" وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن..
– الشيخ:
"صِحْ بِهِ" يعني: أنكر عليه، إيش هذا!، ليش! لماذا أنت مع المرأة!؟ ما علاقتك بها!؟ "رجل السوء": يعني الإنسان المعروف بالرِّيَب يكونُ مع المرأة يمشي معها هذا يُنكر عليه. نعم صِحْ بِهِ.
 
– القارئ: وقد أخبرَ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّ المرأة إذا تَطيّبت، وخرجت مِن بيتها فهي زانية، ويمنعُ المرأة إذا أصابت بخوراً أنْ تَشْهد عِشاءَ الآخرةِ في المسجد؛ فقدْ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المرأةُ إذا خَرَجَت استَشْرَفَها الشَيطانُ)
ولا ريبَ أنَّ تمكين النساء مِن اختلاطهنَّ بالرجال أصلُ كلِّ بليّة وشر، وهو مِنْ أعظمِ أسباب نزول العقوبات العامّة، كما أنّهُ مِنْ أسبابِ فساد أمور..
– الشيخ:
لأنّهُ مِن أسباب فشو الفواحش، والزنا، وفشو الفواحش من زنا ودواعيهِ وغير ذلك، فاحشة اللواط، كلها مِنْ أعظم الأسباب لنزول العقوبات، والعقوبات أنواع مختلفة.
– القارئ: كما أنّهُ مِن أسبابِ فساد أمور العامّة والخاصّة، واختلاطُ الرجال بالنساء سببٌ لكثرة الفواحش والزنا، وهو مِن أسبابِ الموت العام، و… للمتّصلة، ولما اختلطَ البَغايا بعسكرِ موسى وفشت فيهم الفاحشة أرسل الله عليهم الطّاعون، فماتَ في يومٍ واحد سبعون ألفاً، والقِصّة مشهورة في كُتب التفاسير.
فَمِن أعظم أسباب الموت العام كَثرةُ الزنا؛ بسببِ تمكين النساء مِن اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرّجات مُتجمّلات، ولو عَلِمَ أولياءُ الأمورِ ما في ذلكَ مِنْ فسادِ الدنيا والرَعية قبلَ الدين، لكانوا أشدَّ شيء منعاً لذلك. انتهى كلامه رحمه الله.
ولهذا حُرِّمت الأسباب المُفضية إلى الاختلاط، وهَتك سُنّة المباعدة بين الرجال والنساء.
ومن الأحكام: تحريم الدخول على أجنبية والخلوة..
– الشيخ:
إلى هنا.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله