بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس التّاسع والعشرون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمنا الله وإياه- في كتابه "حراسة الفضيلة":
وهذه الوسائل الواقية: فعلية، وقولية، وإرادية.
– الشيخ: الله أكبر
– القارئ: وهي، أولاً: تطهير الزناة والزواني بالعقوبة الحدية، ثانياً: التطهير..
– الشيخ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] هذا فيه تطهير للزاني وللزانية، فإنَّ الحدودَ كفّارة، الحدود كفّارة لأصحابها، وفي ذلك زجر لمَنْ لم يُبتلى بذلك، تخويف إذا فكرت النفس الأمارة بالسوء تذكرت العقاب العاجل والعقاب الآجل، الله أكبر نعم ثانياً..
– القارئ: ثانياً: التطهر باجتناب نكاح الزانية وإنكاح الزاني، إلا بعد التوبة ومعرفة الصدق فيها..
– الشيخ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3] فيَحرُم تزويج الزاني الذي عُرِف منهُ الزنا وظهرَ منهُ الزنا، وكذلك تزوِّج الزانية، وفي هذا زجرٌ في هذا تأديبٌ لهما وزجرٌ عن فِعْلِهما، نعم وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
– القارئ: وهاتان وسيلتان واقيتان تتعلقان بالفعل..
– الشيخ: هاتان وسيلتان واقيتان؛ لأن العلاجات تارةً عِلاجات وقائية وعلاجات أشياء ترجع إلى الحُمْية، هاتان الوسيلتان فيهما وقاية لمن لم يزن وفيها علاج للزاني، فالواقع أن هاتان الوسيلتان هما واقيتان لمن لم يزنِ وعافاهُ الله، فيها حُمية؛ لأنَّ في ذلكَ زجر، وهما أيضاً من جهة الزاني فيهما علاج ووقاية مِنْ أمر المستقبل.
– القارئ: ثالثاً: تطهيرُ الألسنةِ عَن رمي النّاس بفاحشةِ الزنا، ومَن قال ولا بيِّنة فيُشرع حدُّ القذف في ظهره.
– الشيخ: هذا الثالث، هم: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور:4]، فمنْ قذفَ غيرهُ بالزنا فعليهِ البيّنة أو الحدُّ في ظهرهِ، وهو ثمانونَ جلدة كما في هذه الآية، والشيخ مِنْ حُسن أدبهِ قال: "فمَنْ قال" وحذف المقول يعني مَنْ قال: أنَّ فلانا زان، أو قال: يا زان، أو ما أشبه ذلك، يعني فمَنْ قال فحدٌّ في ظهرهِ إلّا أن يُقيم البيّنة على قولهِ.
– القارئ: رابعاً: تطهيرُ لسانِ الزوج عَنْ رمي زوجتهِ بالزنا ولا بيّنة، وإلّا فاللعان..
– الشيخ: نعم كذلك الرجل إذا قذفَ زوجتهُ بالزنا فلابدَّ أنْ يُقيمَ البيّنة وإلّا الحد في ظهره ثمانين جلدة كغيرهِ، أو اللعان الذي ذكرهُ الله في أربع آيات: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النور:6-7] هذا مِن طرفِ الرجل، ثم ترد المرأة: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ[النور:8-9]
– القارئ: خامساً: تطهيرُ النفوسِ وحجبُ القلوبِ عَنْ ظن السّوءِ بمسلم بفعل الفاحشة.
– الشيخ: هذا أيضاً يشيرُ إلى ما جاءَ في قولهِ: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور:12]، فالأصل حُسن الظن بالمسلم، فيجب أنْ يكونَ الإنسانُ بعيداً عن الظنون التي لا أصلَ لها ولا بيّنة عليها، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12]
– القارئ: سادساً: تطهيرُ الإرادةِ وحَجْبِها عَن محبّة إشاعة الفاحشة في المسلمين، لِما في إشاعتها مِن إضعافِ جانبِ مَن يُنْكِرها، وتقوية جانب الفسقة والإباحيين، ولهذا صار عذاب هذا الصنفُ..
– الشيخ: الصنفِ
– القارئ: هذا الصنفُ أشدُّ مِن غَيرهِ، كما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19]
ومحبةُ إشاعةِ الفاحشة تنتظمُ جميعَ الوسائلِ القبيحة إلى هذه الفاحشة، سواءً كانت بالقولِ، أم بالفعلِ، أم بالإقرارِ، أو ترويجِ أسبابها، وهكذا.
وهذا الوعيدُ الشديدُ ينطبقُ على دعاةِ تحريرِ المرأة في بلادِ الإسلام مِنَ الحجاب، والتخلّص مِنَ الأوامرِ الشرعية الضابطةِ لها في عِفَّتِها، وحِشْمَتها وحَيائِها. سابعاً..
– الشيخ: إلى هنا
هذا أيضاً مِنَ الوسائل الواقية مِنَ الزنا؛ الوعيد الشديد على مُحبّي شُيوع الفاحشة، فالذين يُحبونَ أنْ تشيعَ الفاحشة في الذين آمنوا مِنْ أعظمِ النّاس في المسلمين جُرماً يُحبّون الشر في المسلمين يُحبّون أنْ تشيعَ وتذيع وتنتشر الفاحشة في أوساط المسلمين، يُحبّون أنْ تشيعَ الفاحشة في الذين آمنوا، قال الله: لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19]
فالذينَ يُحبّون أنْ ينتشرَ الزنا ويُسمحُ بهِ، وتُعطّلُ حدودهُ، أو يحب أيضاً شيوع وسائلهِ بأنواعها المختلفة فلهم ما يستوجبون مِن هذا الوعيد الشديد، يُحبّون تبرّج النّساء، سُفور النّساء، الاختلاط يُحبّون مثلاً: ظُهورَ النّساء في وسائلِ الإعلام، في القنوات، في الإذاعات، كلّهم لهم نصيبٌ مِن قولهِ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19] ولا حول ولا قوة إلا بالله، والذين يدعون إلى هذه الوسائل ويروّجونها ويُشيّعونها لهم مثلُ آثامِ مَن كانوا سبباً في ضلالهِ وفي عِصيانهِ وفي مقارفتهِ للفاحشة، لهم مثل آثامهم؛ لأنهم هُم المُتسبّبونَ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، نعم إلى هنا.