جدول المحتويات
القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ.
الشيخ: الدِّينُ الحقُّ يقتضي أنَّ الدِّين فيه حقٌّ وباطلٌ، نعم، فالأديانُ نوعانِ: دينٌ حقٌّ، ودينٌ باطلٌ، والحقُّ واحدٌ، وكلُّ ما سواه فهو باطلٌ، على حدِّ قولِه تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]، فالدِّينُ الحقُّ هو دينُ الإسلامِ الَّذي بعثَ اللهُ به رسلَه، وآخرُ ذلك ما بعثَ اللهُ به خاتمَ المرسلين محمَّد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فعلى كلِّ مكلَّفٍ أنْ يتبعَ الدِّينَ الحقَّ ويُعرضَ عن كلِّ ما سواه.
القارئ: شيخنا أنتم طلبْتُم في الدَّرس الماضي مراجعةَ قولِ الشَّيخِ: "وجعلَ الشَّجرَ يسلِّمُ عليهِ إذا مرَّ بهِ، وجعلَ الحيوانَ يشهدُ لهُ بالرِّسالةِ بصوتٍ يسمعُهُ النَّاسُ، فيقولُ: أشهدُ أنَّكَ رسولُ اللهِ".
الشيخ: قلنا يُراجَع في هذا، راجعْتُم؟
القارئ: نعم شيخنا، أحدُ الإخوةِ المحقِّقين جزاه اللهُ خيرًا، كتبَ في هذا.
الشيخ: اقرأْ عبارةَ الشَّيخِ أوَّلًا ثمَّ اقرأِ التَّعليقَ.
القارئ: قالَ الشَّيخُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
شيخنا أنتم سألْتُم عن قولِهِ: "أشهدُ أنَّكَ رسولُ اللهِ" أي: الحيوانُ الَّذي يقولُ هذا.
الشيخ: نعم.
القارئ: شيخنا أنا الآنَ أقرأُ لكم فقط الحديث أصلُه في المسندِ، أقرأُ لكم الإسنادَ كلَّه.
الشيخ: اقرأْ اقرأْ يا ابنَ الحلالِ.
القارئ:
أخرجَهُ الإمامُ أحمدُ في مسندِهِ قالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ، فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ، تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَجَبِي ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ، يُكَلِّمُنِي كَلَامَ الْإِنْسِ، فَقَالَ الذِّئْبُ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ؟ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ، حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُودِيَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لِلرَّاعِي: أَخْبِرْهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: صَدَقَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ .
الشيخ: هذا يستشهدُ به بعضُ أهلِ العلمِ إلى بعضِ ما وُجِدَ في هذا العصرِ من الوسائلِ الَّتي تُستنطَقُ وتُسجِّلُ، وهذا من آياتِ اللهِ الَّتي يجعلُها تصديقًا لما أخبرَ به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتكونُ عَلَمًا من أعلامِ النُّبوَّةِ
القارئ: شيخنا الحديث أيضًا في غيرِ كتابٍ، هو في التِّرمذي وعندَ الحاكم.
الشيخ: نعم نعم اقرأْ بس [فقط].
القارئ: أقرأُ تعليقَ الأخِ المحقِّق الشَّيء الَّذي كتبَه؟
الشيخ: اقرأ الحديثَ الآنَ.
القارئ: الحديثُ هذا، في مسندِ أحمدَ، ولهُ طريقٌ، هذا الطَّريقُ شيخَنا هوَ الطَّريقُ الصَّحيحُ، يعني إسنادُهُ رجالُهُ ثقاتٌ، لكنْ هناكَ حديثٌ عن أحمدَ حديثُ شهرِ بنِ حوشبٍ عن أبي سعيدٍ أو أبو هريرةَ لكنْ في إسنادِهِ مقالٌ.
الشيخ: اقرأ اللَّفظَ بس [فقط] وخلك من...
القارئ: الحديثُ هذا هو انتهى.
الشيخ: طيب الحديث أنت تقولُ فيه [هنالك] روايةٍ أخرى.
القارئ: روايةُ التِّرمذيِّ اختصرَها لم يذكرْ إلَّا: (لا تقومُ السَّاعةُ...) فقط ما ذكرَ القصَّةَ.
الشيخ: ما ذكرَ قصَّةَ الذِّئب؟
القارئ: ما ذكرَ القصَّة، وطريقُ أحمدَ الآخر موجودٌ، أقرأُه؟
الشيخ: نعم اقرأْ.
القارئ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ ذِئْبٌ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى انْتَزَعَهَا مِنْهُ، قَالَ: فَصَعِدَ الذِّئْبُ عَلَى تَلٍّ، فَأَقْعَى وَاسْتَذْفَرَ، فَقَالَ: عَمَدْتَ إِلَى رِزْقٍ رَزَقَنِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْتَزَعْتَهُ مِنِّي. فَقَالَ الرَّجُلُ: تَالَلَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ذِئْبًا يَتَكَلَّمُ قَالَ الذِّئْبُ: أَعْجَبُ مِنْ هَذَا رَجُلٌ فِي النَّخَلَاتِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ، يُخْبِرُكُمْ بِمَا مَضَى وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ. وَكَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ وَخَبَّرَهُ، وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّهَا أَمَارَةٌ مِنْ أَمَارَاتٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، قَدْ أَوْشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ فَلَا يَرْجِعَ حَتَّى تُحَدِّثَهُ نَعْلَاهُ وَسَوْطُهُ مَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ .
الشيخ: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، تعليق الباحثِ؟
القارئ: نعم شيخَنا، قالَ هنا في موضوعِ الذِّئب: وقد شهدَ للرَّسولِ بالرِّسالة وحكى قصَّتَهُ أبو هريرةَ وأنسُ بنُ مالكٍ وابنُ عمرَ، ورواها أحمدُ بإسنادٍ جيِّدٍ والحاكمُ وصحَّحَ الحديثَ.
طبعًا شيخنا التِّرمذيُّ روى القصَّةَ، والحاكمُ له روايتانِ روايةٌ بالقصَّةِ وروايةٌ بغيرِها.
الشيخ: بعده، بعده.
القارئ: قالَ:
جاءَ فيها أنَّ ذئبًا أخذَ شاةً، ذكرَ الحديثَ ثمَّ قالَ بعدَها: وروى قصَّةَ الذِّئبِ البخاريُّ في "تاريخيهِ"، وأبو نعيمٍ في الدَّلائلِ، وإسنادُهُ ليسَ بالقويِّ. ورواها البيهقيُّ في الدَّلائلِ، وسعيدُ بنُ منصورٍ في سننِهِ، كما رواها البغويُّ وأحمدُ والبزَّارُ وغيرُهما بسندٍ صحيحٍ عن أبي هريرةَ، انتهى.
الشيخ: يختلفُ عمَّا ذكرَه الشَّيخُ بأنَّ الذِّئبَ لم يباشرْ خطابَ الرَّسولِ بالإقرارِ لهُ بالرِّسالةِ، وإنَّما أخبرَ الرَّاعي، هذا هو الحديثُ، يعني الذِّئبُ لم يخاطبِ الرَّسولَ بالشَّهادةِ له بالرِّسالةِ، وعبارةُ الشَّيخِ تشعرُ بهذا أو هيَ صحيحةٌ، ولعلَّ الشَّيخَ نظرَ إلى أنَّ كلامَ الذِّئبِ يتضمَّنُ الشَّهادةَ للرَّسولِ بالرِّسالةِ، صحيحٌ، الحديثُ فيه الدَّلالةُ على أنَّ الذِّئبَ عرفَ أنَّ محمَّدًا رسولٌ وشهدَ له بالرِّسالةِ لكن ليسَ كلامُه وخطابُه معَ الرَّسولِ بل معَ الرَّاعي، والنَّتيجةُ واحدةٌ، النَّتيجةُ أنَّ الذِّئبَ أقرَّ برسالةِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلا إشكالَ في كلام الشَّيخ باعتبارِ النَّظرِ للمعنى.
القارئ:
لكنْ ذكرَ كلامَ القسطلانيِّ في المواهبِ اللَّدنيَّةِ ذكرَ الزَّرقانيُّ في شرحِها قالَ: هذهِ الحوادثُ بتوضيحٍ، قالَ: وليسَ في أدلَّتِها ما يوجبُ علينا تصديقَها كعقيدةٍ وإنْ كانَ خرقُ العادةِ للأنبياءِ والأولياءِ جائزًا، لكنْ لا يجوزُ أنْ ننسبَ إلى الرَّسولِ إلَّا ما وثقْنا مِن صدقِهِ حتَّى لا نقعَ تحتَ طائلةِ حديثِ: مَن كذبَ عليَّ متعمِّدًا... ، فأيش قولُكم في هذا؟ هل تصديقُ هذا أو عدمُ تصديقِهِ فيهِ إشكالٌ؟ أو عليهِ شيءٌ؟
الشيخ: إذا صحَّ سندًا أقولُ: حكمْنا به. تفضَّلْ، صلْ كلامَك، صلْ كلامَ الشَّيخ، اقرأ الأصلَ.
القارئ: الأصلُ، القديم أو الجديد؟ الماضي أم الَّذي نبدأُ به اليومَ؟
الشيخ: اقرأْ كلامَ الشَّيخِ الَّذي انتهيْتَ عندَه في الماضي.
القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ العمرُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
الشَّيءُ الَّذي مِن أجلِهِ خلقَ اللهُ بني الإنسانِ والجنَّ
الشيخ: هذا عنوانٌ؟
القارئ: نعم.
الشيخ: تفضَّلْ.
القارئ:
شيخَنا، السُّخطُ، ضُبِطَت السُّخْطُ والسَّخَطُ، أيُّهما أرجحُ عندَكم؟
الشيخ: كلاهما صحيحٌ، السَّخَطُ والسُّخْطُ.
القارئ: قالَ رحمَهُ اللهُ:
البعثُ بعدَ الموتِ والحسابُ والجزاءُ على الأعمالِ والجنَّةُ والنَّارُ.
الشيخ: كأنَّه انتهى ما يتعلَّقُ؟
القارئ: هذا عنوانٌ جديدٌ.
الشيخ: كأنَّه انتهى ما يتعلَّقُ بمعرفةِ اللهِ وحقِّه على عبادِه، فاللهُ تعالى الَّذي خلقَنا وخلقَ كلَّ شيءٍ له حقٌّ على العبادِ، وحقُّه على عبادِه كما قالَ النَّبيُّ لمعاذٍ: حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وليتَ الشَّيخَ ذكرَ هذا الحديثَ لأنَّه في صميمِ الموضوعِ، والآيةُ تدلُّ على أنَّ العبادةَ هي الغايةُ من خلق الثَّقلينِ: الجنِّ والإنسِ، أي: الحكمةُ، فنسألُ: لِمَ خلقَ اللهُ الجنَّ والإنسَ؟ نقولُ: خلقَهم ليعبدوه وحدَهُ لا شريكَ لهُ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وهذا أسلوبُ حصرٍ، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، وهذه هي الحكمةُ من إرسالِ الرُّسلِ وإنزالِ الكتبِ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، فاللهُ غنيٌّ عن العباد، ما خلقَهم ليستعينَ بهم، ما خلقَهم ليطعموهُ أو يرزقوه أو يتقوَّى بهم من ضعفٍ أو يتعزَّزَ بهم من ذلَّةٍ إنَّما خلقَهم ليعبدوه، وقد بيَّنَ في آياتٍ أخرى أنَّه خلقَ هذا الوجودَ كلَّه بأسرِه لحكمةِ الابتلاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]، جاءَ في ثلاثِ آياتٍ من القرآنِ.
القارئ:
[مصير الروح]
[جزاء المؤمنين وجزاء الكافرون في الآخرة]
الشيخ: إلى هنا، قفْ عليهِ.
هذا هو الأصلُ الخامسُ من أصولِ الإيمانِ: وهو الإيمانُ بالبعثِ بعدَ الموتِ، ويُعبَّرُ عنهُ بالإيمانِ باليومِ الآخرِ، فإنَّه لا يومَ بعدَه فهو يومٌ مستمِرٌّ على أهلِ الجنَّةِ والنَّارِ، والإيمانُ باليومِ الآخرِ، يقولُ ابنُ تيميةَ: إنَّه يشملُ كلَّ ما يكونُ بعدَ الموتِ، الإيمانُ بكلِّ ما يكونُ بعدَ الموتِ.
فيدخلُ فيه أحوالُ أهلِ القبورِ من فتنةِ القبر وعذاب القبرِ ونعيمِ القبرِ داخلٌ في حكمِ الإيمانِ باليومِ الآخرِ، لأنَّ دارَ البرزخِ هي تابعةٌ لدار الجزاءِ، فالدُّورُ ثلاثٌ: دارُ الدُّنيا وهي دارُ العملِ والابتلاءِ، ودارُ البرزخِ وهي ما بينَ الموتِ والبعثِ ويَلْقى فيها المكلَّفون شيئًا من جزاءِ أعمالِهم إمَّا خيرٌ وإمَّا شرٌّ.
فممَّا يجبُ الإيمانُ به بما أخبرَ اللهُ به ورسولُه ممَّا يكون بعدَ الموتِ وقبلَ البعثِ، فالقيامةُ قيامتان: القيامةُ الكبرى وهي البعثُ بعدَ الموتِ الَّتي يقومُ فيها جميعُ الأوَّلين والآخرين يقومون لربِّ العالمين، أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:4-6]، والقيامةُ الصُّغرى هي الموتُ فمن ماتَ قامَتْ قيامتُه، لأنَّه بالموتِ يُشرِفُ على النَّتيجة على نتيجةِ عملِه، يشرفُ ويطلعُه اللهُ على مصيرِه، مصيرُه الجنَّةُ أو النَّارُ، حتَّى أنَّه في قبره يُرَى مقعده من الجنَّة ومقعده من النَّار، فيقالُ للمؤمن: هذا مقعدُك في الجنَّة، وهذا مقعدُك في النَّار أبدلَكَ اللهُ به مقعدًا في الجنَّة، والكافرُ بالعكس، قالَ في الحديثِ: فيراهما جميعًا .