القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. اللَّهمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرينَ والمستمعين. قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ حمَّادٍ العمرُ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "دينُ الحقُّ":
[الأدلة على البعث بعد الموت]
قالَ رحمَهُ اللهُ:
قالَ:
ضَبطَ أعمالَ الإنسانِ وأقوالِهِ:
الشيخ: على كلِّ حال، الشيخُ يُبيِّنُ ما جاءَ به القرآن في الأصلِ الخامسِ مِن أصولِ الإيمانِ وهو اليومُ الآخر، ذلك اليومُ الذي تكون فيه الأحداثُ العظيمةُ التي أعظمُها: البَعْثُ، والبَعْثُ وسيلةٌ إلى ما بعدَه، وسيلةٌ إلى الحسابِ والجزاء ثوابًا وعقابًا، وقد أخبرَ الله بهذا الأمرِ العظيم -أعني: البعث- في آياتٍ كما ذكر الشيخ، وهي أدلَّةٌ خبريَّة اسمُها أدلةٌ خبرية زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن:7]، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون:16،15]، مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55] فهذه أدلةٌ خبريةٌ لا تُقنِعُ الكافرَ بالرسولِ وبالقرآنِ.
لكن في القرآن أدلةٌ عقليةٌ على قدرتِه -تعالى- على البَعْثِ -ولعلَّ الشيخَ سيذكرُها- أدلةٌ عقليةٌ يُحتَجُّ بها على المكذِّبين، منها: الاستدلالُ على البعثِ بالنشأةِ الأولى، وذكرَ الشيخُ مِن شواهدِها قولُهُ تعالى: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:79،78]، ومنها: إحياءُ الأرضِ بعدَ موتِها وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى [فصلت:39]، ومنها: خلقُ السمواتِ والأرضِ وهِيَ أعظمُ، ومِن دليلِ ذلك قوله: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57]، وقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأحقاف:33]، وهذه الأدلةُ الثلاثةُ يأتي ذكرُها في القرآن في مواضعٍ متعددةٍ بأساليبَ منها ما هو مبسوطٌ ومنها ما هو مُوجَزٌ، والحديثُ عن اليومِ الآخرِ والبعثِ والنشورِ والجزاءِ في القرآنِ كثيرٌ واسعٌ، بل في القرآن سُوَرٌ مُخلَصةٌ لهذا المعنى، كسورة القيامة، وسورة الواقعة، وسورة القارعة، وسورة الحاقة، كلُّها سُور مِن أولِها إلى آخرِها في تقريرِ البعثِ، وهذه الحُجَجُ العقليةُ هذه يُرَدُّ بها على المكذِّبينَ الذين يقولون: ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ [ق:33] ويستبعدونَ البعثَ ويَسْتَعْظِمُونَهُ، "كيف نُعادُ بعد أن كنا ترابًا وعظامًا ورفاتًا؟!"
القارئ: قال:
قالَ رحمه الله تعالى:
الشهادةُ:
الشيخ: كأنَّ هذه الشهادة ثمرةٌ لِمَا تقدَّمَ، يعني بعدَ تقريرِ ما تقدَّمَ مِن ربوبيتِهِ -تعالى- وإلهيتِهِ، وتقريرِ الإيمانِ بالرسول -صلى الله عليه وسلم- والبعثِ وَجَبَ على مَن عرفَ هذا أن يشهدَ هذه الشهادةَ، فيشهدُ بأنَّه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأنَّ الساعةَ آتيةٌ، وهذا هو الإقرارُ بالبعثِ، الساعةُ هِي القيامة، فواجبٌ على كلِّ مكلفٍ كلِّ عاقلٍ عرفَ أنَّ الله تعالى خالقَهُ وخالقُ السموات والأرض أن يشهد هذه الشهادة، أشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهاتانِ الشهادتان هما أصلُ الدين.
ولا بدَّ معَ ذلك مِن الشهادة بأصولِ الإيمان ولا سيما اليومِ الآخر، ولهذا يُنَصُّ عليه، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج:7]، وهذا المعنى جرتْ عادةُ السَّلفِ في كتابة هذه الشهادة في وصاياهُم، يقول: هذا ما أوصى بِه فلان وهو كذا وكذا وكذا، وهو يشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وأنَّ الجنةُ حقٌّ، والنارُ حق، والإيمانُ بالجنة والنار داخلٌ في الإيمان باليوم الآخر، وكذلك البعثُ، كلُّه داخل، فإن الإيمانَ باليومِ الآخر: هو الإيمان بكلِّ ما يكون بعدَ الموت.
فلا بد لِمَنْ دخلَ في الإسلام أو أرادَ الدخولَ في الإسلام لا بدَّ له مِنْ هذه الشهادة، فمَن امتنعَ مِن شيء منها لم يكن مُسلمًا، فإن كان أظهرَ الإسلام وامتنعَ مِن شيء من هذه الشهادة صار مُرْتَدًّا.
نعم بعده.
القارئ: دخل الآن الشيخ في الفصل الثاني.
الشيخ: حسبك، عندك عنوان؟
القارئ:
الفصلُ الثاني: معرفةُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم:
الشيخ: "معرفة الرسول"؟
القارئ: نعم.
الشيخ: حسن، قف عليه.