(4) الفصل الأول: معرفة الله الخالق العظيم (من صفات الله تعالى)

القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. اللَّهمَّ ارحمْنا وشيخَنا والحاضرينَ.

الشيخ: هذه الجملةُ الَّتي هي عنوانُ كتابِ الشَّيخِ "الدِّينُ الحقُّ" هذه كلمةٌ لها جلالةٌ وهو أنَّ الدِّينَ الَّذي يدينُ به النَّاسُ نوعانِ: دينُ حقِّ، ودينُ باطلٍ، على كلِّ عاقلٍ يسألُ ويبحثُ عن الدِّين الحقِّ، فإنَّ أكثرَ الأديانِ باطلةٌ، بل كلُّها باطلةٌ إلَّا واحدًا، على حدِّ قولِه تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ  [آل عمران:85].

إذًا فالدِّينُ الحقُّ هو دينُ الإسلامِ الَّذي هو لا يرضى اللهُ دينًا سواهُ، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ  [آل عمران:19]، وهو دينُ الرُّسلِ كلِّهم من أوَّلِهم إلى آخرِهم، دينُهم الإسلامُ، فاسمُ "الإسلامِ" يأتي عامًّا ويأتي خاصًّا، فتارةً يُرادُ به شريعةُ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وتارةً يرادُ به دينُ الرُّسلِ كلِّهم، فمثلًا قولُهُ تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ  هذا شاملٌ لكلِّ ما بعثَ اللهُ به رسلَه، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا..، وقولُه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ  الإسلامُ في هذا الحديثِ ما جاءَ به محمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاتمُ النَّبيِّين، وقولُهُ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا  [المائدة:3]، أيضًا هذا من الإطلاقِ الخاصِّ.

 القارئ: قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ حمَّادٍ العمرُ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "الدِّينُ الحقُّ":

[من صفات الله تعالى]

ومِن صفاتِ اللهِ تعالى أنَّهُ: الأوَّلُ بلا بدايةٍ، وحيٌّ دائمٌ، لا يموتُ ولا ينتهي، وغنيٌّ قائمٌ بذاتِهِ، لا يحتاجُ إلى غيرِهِ، وواحدٌ لا شريكَ لهُ

الشيخ: هذا تحتَ أيِّ عنوانٍ؟

القارئ: شيخنا بعدما انتهى من البراهين.

الشيخ: بعدَها.

القارئ: مباشرةً.. ومِن صفاتِ اللهِ تعالى، بعدَ البراهينِ العشرةِ.

الشيخ: يعني هذا دخولٌ في معرفةِ اللهِ؛ لأنَّه بدأَ.. وقلنا فيما مضى أنَّه بنى هذا الكتابَ على الأصولِ الثَّلاثةِ: معرفةِ اللهِ، ومعرفةِ نبيِّه، ومعرفةِ دينِ الإسلامِ، فالآنَ كأنَّه شروعٌ في معرفةِ اللهِ، التَّعريفُ بأسمائِه وصفاتِه.

القارئ: شيخنا في الفصلِ الأوَّلِ: "معرفةُ اللهِ الخالقِ العظيمِ"، وبعدَ البراهينِ العشرةِ بدأَ بهذا.

الشيخ: بس [لكن] هذا هو شرحٌ للأصلِ الأوَّلِ، شرحٌ للأصلِ الأوَّلِ وتفصيلٌ.

[الأول والآخر:]

القارئ:

ومِن صفاتِ اللهِ تعالى أنَّهُ: الأوَّلُ بلا بدايةٍ، وحيٌّ دائمٌ، لا يموتُ ولا ينتهي.

الشيخ: هذا معنى اسمِه الأوَّل والآخر، اسمانِ جاءَا متقابلانِ، هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ  [الحديد:3]، فهوَ الأوَّلُ الَّذي ليسَ قبلَه شيءٌ، فهو قديمٌ أزليٌّ، والأزلُ هو الماضي بلا نهايةٍ [لعلَّ الشَّيخَ قصدَ: بلا بدايةٍ]، كما أنَّ الأبدَ هو المستقبلُ بلا نهايةٍ، فهو تعالى الأوَّلُ الَّذي لا بدايةَ له، والآخرُ الَّذي لا نهايةَ له، ويعبِّرُ عن هذا الطَّحاويُّ بقوله: "قديمٌ بلا ابتداءٍ، دائمٌ بلا انتهاءٍ"، فهذا ممَّا يدخلُ في معرفةِ اللهِ، الإيمانُ بأنَّه تعالى لا بدايةَ لوجودِه، ولا نهايةَ لوجوده، فهو قبلَ كلِّ شيءٍ وبعدَ كلِّ شيءٍ، والرَّسولُ فسَّرَ هذين الاسمين بقولِه: اللَّهمَّ أنتَ الأوَّلُ فليسَ قبلَكَ شيءٌ، وأنتَ الآخرُ فليسَ بعدَكَ شيءٌ .

[الغني:]

القارئ:

وغنيٌّ قائمٌ بذاتِهِ، لا يحتاجُ إلى غيرِهِ.

الشيخ: غنيٌّ، من أسمائِه الغنيُّ، فهوَ غنيٌّ بوجودِه وبذاتِه لا يحتاجُ إلى شيءٍ، فليسَ مفتقرًا إلى غيرِه في وجودِهِ ولا في كمالِه ولا في شيءٍ من صفاتِه ولا أفعالِهِ، غنيٌّ عن كلِّ ما سواه، غنيٌّ...، هذا الَّذي نسمِّيه "الغنيُّ المطلَقُ"، يعني: عن كلِّ ما سواه، فلا يفتقرُ إلى غيره في وجودِه، فهو الأوَّلُ الَّذي لم يلدْ ولم يُولَدْ، وهو الغنيُّ في صفاتِه فلا يفتقرُ إلى غيرِه يعطيه شيئًا من كمالِه، بل كمالُه ذاتيٌّ له، كمالُه من لوازمِ ذاتِه.

[الواحد:]

القارئ:

وواحدٌ لا شريكَ لهُ.

الشيخ: واحدٌ لا ثانيَ معَه في ذاتِه ولا في أفعالِه ولا في إلهيَّتِه ولا في ربوبيَّتِه، واحدٌ، واسمُه "الواحدُ" جاءَ في القرآنِ كثيرًا مقرونًا بالواحدِ القهَّارِ {الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ويرادفُه أو يقاربُه الأحدُ في سورةِ الإخلاصِ.

 القارئ:

وواحدٌ لا شريكَ لهُ، قالَ اللهُ تعالى: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ  [الإخلاص:1-4].

الشيخ: هذه سورةُ الإخلاصِ الَّتي كانَ يقرأُ بها ذلكَ الرَّجلُ أمير السَّريَّة، وكانَ يختمُ بها قراءتَه، فسُئِلَ الرَّسولُ عن ذلك، فقالَ: سلوهُ لِمَ فعلَ ذلكَ؟ ؛ قالَ: إنَّها صفةُ اللهِ وأنا أحبُّها، فهي صفةُ اللهِ، وتُسمَّى سورةُ الإخلاصِ؛ لأنَّها مُخْلَصَةٌ لصفةِ الرَّبِّ تعالى، ليسَ فيها ذكرٌ لغيره، ليسَ فيها ذكرٌ لغيره قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ... .

 القارئ:

معنى الآياتِ: لمَّا سألَ الكفَّارُ خاتَمَ المرسلِينَ عن صفةِ اللهِ أنزلَ اللهُ عليهِ هذهِ السُّورةَ، وأمرَهُ فيها أنْ يقولَ لهم: اللهُ واحدٌ لا شريكَ لهُ، اللهُ هوَ الحيُّ الدَّائمُ المدبِّرُ، لهُ وحدَهُ السِّيادةُ المطلَقةُ على الكونِ والنَّاسِ وكلِّ شيءٍ، وإليهِ وحدَهُ يجبُ أنْ يرجعَ النَّاسُ في قضاءِ حاجاتِهم.

الشيخ: هذا راجعٌ...، هذا الكلامُ متَّصلٌ باسمِه الصَّمد، الشَّيخُ أجملَ في التَّعبير وهو يتكلَّمُ عن معنى السُّورة لكن إجمالًا، فهذه العباراتُ ترجمةٌ لمعنى الصَّمد، قيلَ: إنَّه الَّذي تصمدُ إليه الخلائقُ في حوائجِها، وفُسِّرَ بأنَّه الكاملُ في جميعِ الصِّفاتِ، السَّيِّدُ الكاملُ في سؤددِه، في عملِه، في قدرتِه، في حكمتِه، في عزَّتِه.

 القارئ:

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، ولا يصحُّ أنْ يكونَ لهُ ابنٌ أو بنتٌ أو أبٌ أو أمٌّ، بل نفى عن نفسِهِ ذلكَ كلَّهُ أشدَّ النَّفيِ في هذهِ السُّورةِ وفي غيرِها؛ لأنَّ التَّسلسُلَ والولادةَ مِن صفاتِ المخلوقِ، وقد ردَّ اللهُ على النَّصارى قولَهم: المسيحُ ابنُ اللهِ، وعلى اليهودِ قولَهم: عزيرٌ ابنُ اللهِ، وعلى غيرِهم قولُهم: الملائكةُ بناتُ اللهِ، وشنَّعَ عليهم هذا القولَ الباطلَ.

[الخالق:]

وأخبرَ أنَّهُ خلقَ المسيحَ عيسى -عليهِ السَّلامُ- مِن أمٍّ بلا أبٍ بقدرتِهِ، مثلَما خلقَ آدمَ أبا البشرِ مِن ترابٍ، ومثلَما خلقَ حوَّاءَ أمَّ البشرِ مِن ضلعِ آدمَ، فرآها إلى جنبِهِ، ثمَّ خلقَ ذرِّيَّةَ آدمَ مِن ماءِ الرَّجلِ والمرأةِ.

الشيخ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ  [الأنعام:2]، يقولُ تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ  [المؤمنون:12]، هذا آدمُ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ  [المؤمنون:13]، هذا صفةُ خلقِ الذُّرِّيَّةِ، الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ  [السجدة:6-8]، فهكذا كانَ خلقُ بني آدمَ.

القارئ:

فقد خلقَ كلَّ شيءٍ في البدايةِ مِن العدمِ؛ وجعلَ بعدَ ذلكَ لمخلوقاتِهِ سنَّةً ونظامًا لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يغيِّرَهما سواهُ.

الشيخ: سبحانَ الله العظيم، يعني سننٌ كونيَّةٌ، سننٌ كونيَّةٌ في خلقِ الإنسانِ وخلقِ الحيوانِ وخلقِ النَّباتِ، سننٌ كونيَّةٌ، وجعلَ الأشياءَ يتولَّدُ بعضُها من بعضٍ، الحيوانُ والنَّباتُ جعلَ لهذه...، ولهذا الخلق أسبابٌ، فلخلقِ الإنسانِ أسبابٌ، ولخلقِ النَّبات أسبابٌ، ولخلقِ المخلوقاتِ الأخرى لها أسبابٌ، واللهُ خالقُ الأسبابِ والـمُسبَّبَاتِ، يعودُ الخلقُ كلُّه إليه. اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ  [الزمر:62].

 القارئ:

وإذا أرادَ أنْ يغيِّرَ مِن هذا النِّظامِ شيئًا غَيَّرَهُ كما يشاءُ، كما أوجدَ عيسى -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- مِن أمٍّ بلا أبٍ، وكما جعلَهُ يتكلَّمُ وهوَ في المهدِ.

الشيخ: هذا خلافُ السُّنَّةِ الكونيَّةِ، السُّنَّةُ الكونيَّةُ أنَّ الوليدَ الطِّفلَ لا يتكلَّمُ، فهذه الَّتي يسمِّيها العلماءُ "خوارق" خوارق العاداتِ، هذه هي الخوارقُ هي آياتٌ دالَّةٌ على قدرة الرَّبِّ وكمال تصرُّفِه في هذا الوجودِ فهو القادرُ على خرقِ العادةِ، كانشقاقِ القمرِ خارقٌ، الأصلُ أنَّ القمرَ شيءٌ واحدٌ متَّصلٌ مصمتٌ فانشقاقُه خارقٌ للعادة، وذلكَ بقدرته ليكونَ معجزةً لنبيِّنا محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 القارئ:

وكما جعلَ عصا موسى -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- حيَّةً تسعى، ولَمَّا ضَرَبَ بها البحرَ انشقَّ فصارَ سُوقًا عبرَ منهُ هوَ وقومُهُ، وكما شقَّ القمرَ لخاتمِ المرسلينَ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وجعلَ الشَّجرَ يسلِّمُ عليهِ إذا مرَّ بهِ، وجعلَ الحيوانَ يشهدُ لهُ بالرِّسالةِ بصوتٍ يسمعُهُ النَّاسُ، فيقولُ: أشهدُ أنَّكَ رسولُ اللهِ.

الشيخ: في [يوجد] تخريج والَّا شيء؟

القارئ: ما في [لا يوجد] شيء.

الشيخ: راجع يا أبا فيصل.

القارئ: نعم إنْ شاءَ اللهُ.

الشيخ: راجعْ قصَّةَ الحجرِ الَّذي كانَ يسلِّمُ على الرَّسولِ ويشهدُ له بالرِّسالة.

[العلو والاستواء والسمع والبصر والقدرة والإرادة وغيرها من الصفات الذاتية والفعلية:]

القارئ:

وأُسرِيَ بهِ على البُرَاقِ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى، ثمَّ عُرِجَ بهِ إلى السَّماءِ ومعَهُ الـمَلَكُ جبرائيلُ حتَّى وصلَ فوقَ السَّماءِ فكلَّمَهُ اللهُ سبحانَهُ وتعالى.

الشيخ: يعني فوقَ السَّمواتِ، أي: فوقَ السَّماء السَّابعة تجاوزَ السَّبعَ الطِّباقَ.

القارئ:

حتَّى وصلَ فوقَ السَّماءِ فكلَّمَهُ اللهُ -سبحانَهُ وتعالى- وفرضَ عليهِ الصَّلاةَ، وعادَ إلى المسجدِ الحرامِ في الأرضِ، ورأى في طريقِهِ أهلَ كلِّ سماءٍ، وذلكَ كلُّهُ في ليلةٍ واحدةٍ قبلَ طلوعِ الفجرِ، وقصَّةُ الإسراءِ والمعراجِ مشهورةٌ في القرآنِ وأحاديثِ الرَّسولِ وكتبِ التَّاريخِ.
ومِن صفاتِ اللهِ تعالى: السَّمعُ والبصرُ، والعلمُ والقدرةُ، والإرادةُ، يسمعُ ويرى كلَّ شيءٍ، لا يحجبُ سمعَهُ ورؤيتَهُ حجابٌ.
ويعلمُ ما في الأرحامِ، وما تُخفيهِ الصُّدورُ، وما كانَ وما سيكونُ، وهوَ القديرُ الَّذي إذا أرادَ شيئًا قالَ لهُ: كنْ فيكونُ.
ومِن صفاتِهِ الَّتي وصفَ بها نفسَهُ المقدَّسةَ: الكلامُ بما يشاءُ متى شاءَ: وقد كلَّمَ موسى -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وكلَّمَ خاتمَ الرُّسلِ محمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والقرآنُ كلامُ اللهِ حروفُهُ ومعانيهُ، أنزلَهُ على رسولِهِ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فهوَ صفةٌ مِن صفاتِهِ، وليسَ مخلوقًا كما يقولُ المعتزلةُ الضَّالُّونَ.
ومِن صفاتِ اللهِ تعالى الَّتي وصفَ بها نفسَهُ ووصفَهُ بها رسلُهُ: الوجهُ واليدانِ، والاستواءُ والنُّزولُ والرِّضى والغضبُ.

الشيخ: هذه صفاتٌ ذاتيَّةٌ وفعليَّةٌ، منها ذاتيَّةٌ: كاليدينِ والوجهِ، وفعليَّةٌ كالاستواءِ والنُّزولِ، فما كانَ بمشيئتِه فهو صفةٌ فعليَّةٌ، وما لم تتعلَّقْ به المشيئةُ صفةٌ ذاتيَّةٌ.

القارئ:

فهوَ يرضى عن عبادِهِ المؤمنينَ، ويغضبُ على الكافرينَ، وعلى مرتكبي موجباتِ غضبِهِ، ورضاهُ وغضبُهُ كباقي صفاتِهِ، لا تشبهُ صفاتُ المخلوقِ ولا تُؤوَّلُ ولا تُكيَّفُ.

وثبتَ في القرآنِ والسُّنَّةِ أنَّ المؤمنينَ يرونَ اللهَ.

الشيخ: إلى هنا، إلى هنا.

القارئ: بقيَتْ ثلاثةُ أسطرٍ ينتهي البابُ.

الشيخ: ينتهي الفصلُ؟

القارئ: نعم.

الشيخ: تفضَّلْ.

[رؤية الله عز وجل:]

القارئ:

وثبتَ في القرآنِ والسُّنَّةِ أنَّ المؤمنينَ يرونَ اللهَ تعالى عيانًا بأبصارِهم في عرصاتِ القيامةِ وفي الجنَّةِ، وصفاتُ اللهِ تعالى مفصَّلةٌ في القرآنِ العظيمِ، وأحاديثِ الرَّسولِ الكريمِ محمَّدٍ -عليهِ أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ-، فلتُراجَعْ.

الشيخ: انتهى؟

القارئ: نعم.

الشيخ: هذا واضحٌ في ترتيب الشَّيخِ بأنَّه هو مضمونُ التَّعريفِ باللهِ، فذكرَ ما ذكرَ أخذًا من الكتابِ والسُّنَّةِ، فالكتابُ والسُّنَّةُ تضمَّنَتا التَّعريفَ باللهِ، فإنَّ الرُّسلَ جاؤُوا...، بعثَهم اللهُ بثلاثةِ أنواعٍ من العلومِ: معرفةِ اللهِ، معرفةِ الدِّينِ دينه الَّذي بعثَ به رسلَه، وتعريف النَّاسِ بمآلِهم ومصيرِهم، فهذه أنواعُ العلمِ الشَّرعيِّ: العلمُ باللهِ بأسمائِه وصفاتِه، والعلمُ بشرعِه أوامرِه ونواهيه وأحكامِ الحلالِ والحرامِ، والعلمُ بجزاءِ الأعمالِ وهي العلومُ الَّتي قالَ فيها ابنُ القيِّمِ:

والعـــــلمُ أقســـــامٌ ثلاثٌ مــا لها     مِن رابعٍ والحقُّ ذو تبيانِ

علمٌ بأوصـــــــــافِ الإلهِ وفعـــــلِهِ     وكذلــــــــكَ الأسماءُ للرَّحمنِ

والأمرُ والنَّهيُ الَّذي هوَ دينُهُ    وجــــزاؤُهُ يـــــومَ المعادِ الثَّاني

فالشَّيخُ ضمَّنَ هذا الفصلَ ما يتعلَّقُ بالأصلِ الأوَّلِ، وهو معرفةُ اللهِ بأسمائِه وصفاتِه، رحمَه اللهُ، وجزاهُ اللهُ خيرًا.

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة