الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(13) تتمة القاعدة الحادية عشرة: قوله “ومِن ذلك الأمرُ بالجهاد والحثّ عليه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(13) تتمة القاعدة الحادية عشرة: قوله “ومِن ذلك الأمرُ بالجهاد والحثّ عليه”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الثّالث عشر

***     ***     ***     ***
 
– القارئ: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السّعدي -رحمهُ الله تعالى-: أصولٌ وقواعدُ في التفسير، القاعدة الحادية عشرة:
– الشيخ: الحادية ولا الثانية عشرة؟
– القارئ: الحادية عشرة ما كملنا الثانية عشرة ما كملناها يا شيخ..
– الشيخ:
ما كملناها، طيب
– القارئ: قال رحمهُ الله تعالى: ومِنْ ذلكَ الأمرُ بالجهادِ، والحثُّ عليه، مِنْ لازمِ ذلكَ الأمرُ بكلِّ ما لا يَتِمُّ الجهادُ إلّا بهِ، من تعلُّم الرمي.
– الشيخ:
رأس القاعدة الحادية عشرة، رأسها
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، كما أنَّ المُفسِّر للقرآن يُراعي ما دلّت عليهِ ألفاظهُ مُطابِقة، وما دخلَ في ضِمْنها.
– الشيخ:
… ومن ذلك

– القارئ: نعم، أحسن الله إليك، ومِنْ ذلكَ الأمُر بالجهادِ، والحثِّ عليهِ، مِنْ لازمِ ذلك الأمرُ بكلِّ ما لا يتمُّ الجهادُ إلّا به، مِنْ تعلّم الرمي والركوب.
– الشيخ:
على كل حال هذه قاعدةٌ أصوليّة صحيحة "أنَّ ما لا يتمُّ الواجبَ إلّا بهِ فهو واجب"، فإذا أمرَ الله بشيء دلَّ على وجوبهِ ووجوب كل ما يتوقَّفُ عليهِ ذلك؛ لأنَّ العبدَ مأمور بالقيامِ بِما أمرهُ الله به، وهذا لا يتحقَّقُ إلّا بفعلِ الأمورِ التي يتوقّف عليها هذا الشيء، من الصلاة، الصلاة ما تتحقّق إلّا بالسعي إليها، فالسعي إليها هذا مِنْ وسائلِ الصلاة، فالأمرُ بالشيء أمرٌ بِما يتوقَّفُ عليهِ.

– القارئ: أحسن الله إليك، وعملِ آلاتهِ وصناعاته، معَ أنَّ ذلك كلّه داخلٌ دخولَ مطابقةٍ في قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [لأنفال: 60] فإنّها تتناولُ كلَّ قوّة عقلية وبدنية، وسياسية ونحوها.
ومن ذلكَ أنَّ الله استشهدَ بأهلِ العلم على توحيدهِ، وقرنَ شهادتهم بشهادتهِ، وشهادة ملائكتهِ. وهذا يدل على عدالتهم وأنهم حجة.

– الشيخ: يُشير إلى قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ [آل عمران:18] فالله تعالى شهدَ لنفسهِ بالتفرُّد بالإلهية، و أخبرَ عن شهادة الملائكة، وأولو العلم، قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18]

– القارئ: أحسن الله إليك، وهذا يدلُّ على عدالتهم وأنّهم حُجّةٌ مِنَ الله تعالى على مَنْ كذّب بمنزلة آياتهِ وأدلتهِ.
ومِنْ ذلكَ سؤالُ عبادِ الرحمن ربّهم أنْ يجعلهم للمتقين إمامًا، يقتضي سؤالهم اللهَ جميع ما تتمُّ الإمامة في الدينِ به، مِنْ علومٍ ومعارفَ جليلة وأعمالٍ صالحة وأخلاقٍ فاضلة؛ لأنَّ سؤالَ العبدِ لربّهِ شيئاً سؤالٌ لهُ، وما لا يتمُّ إلّا به، كما إذا سألَ اللهَ الجنة، واستعاذَ بهِ مِنَ النّار، فإنه يقتضي سؤالُ كلَّ ما يقرّب إلى هذه ويبعِّد مِنْ هذه.
– الشيخ:
كما لو دعا الإنسان اللي ما تزوج قال اللهم ارزقني الذرية الصالحة، لازم هذا الدعاء مِنْ لازِمِه أنه يسأل الله الزوجة؛ لأنَّ الحصول على الذريّة لا يكون إلّا بالنكاح، ولا عيبَ على الإنسانِ وهو لمْ يتزوّج إذا قال: اللهم ارزقني الذريّة الصّالحة، فإنَّ دعاؤهُ يتضمّن سؤال الله الزوجة الصّالحة.
 
– القارئ: أحسن الله إليك، ومن ذلك: أنَّ الله أمرَ بالصّلاح والإصلاح، وأثنى على المُصلحين، وأخبرَ أنّهُ لا يُصلحُ عملَ المفسدين، فيُسْتدل بذلكَ على أنّ كلَّ أمرٍ فيهِ صلاحٌ للعبادِ في أمرِ دينهم ودنياهم، وكلَّ أمرٍ يُعينُ على ذلك فإنّهُ داخلٌ في أمرِ الله وترغيبهِ، وأنَّ كلَّ فسادٍ وضررٍ وشرٍّ، فإنّهُ داخلٌ في نهيهِ والتحذير عنه، وأنّهُ يجبُ تحصيلُ كل ما يعودُ إلى الصّلاح والإصلاح، بحسبِ استطاعة العبد، كما قال شعيب -عليه الصلاة  السلام-: إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ [هود:88] 
ومِنْ ذلكَ قوله تعالى: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:47] حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ [لأنفال:65] يقتضي الأمر بكل ما لا تَتِمُّ البشارة إلّا به، والأمرُ بكلِّ ما فيهِ حثٌّ وتحريض وما يتوقّفُ على ذلك، ويَتْبَعُهُ مِنَ الاستعدادِ والتمرّن على أسبابِ الشجاعة، والسعي في القوة المعنويّة مِنَ التآلف واجتماعِ الكلمة ونحو ذلك.
– الشيخ:
إلى هنا يا شيخ
– القارئ: أحسن الله إليك.
– الشيخ:
الله المستعان، هذا كُلّه راجع إلى أنَّ اللفظ يدلُّ ثلاثَ دلالات:
دلالة المطابقة: وهو دلالتهُ على كلِّ معنى، كلِّ ما وُضِعَ لهُ، دلالة تضمُّن: وهو دلالتهُ على بعضِ ذلكَ، ودلالة التزام: وهو دلالتهُ على ما لابدَّ منهُ لتحقيقِ هذا المعنى، فالأمرُ بالشيء نهيٌ عن ضدّهِ، والنهي عن الشيء أمرٌ بضدِّه.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه