القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا رسول الله وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن اتَّبعَ هداهُ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمن بن حماد العمر -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "الدين الحق":
سابعًا: في السياسةِ الخارجيةِ:
[الدعوة إلى الإسلام]
أمرَ اللهُ المسلمينَ وولاةَ أمورِهِمْ أنْ يَدعُو غيرَ المسلمينَ إلى الإسلامِ، ليُنقذُوهُمْ بِهِ مِن ظلماتِ الكفرِ إلى نورِ الإيمانِ باللهِ، ومِنْ شقاءِ الانغماسِ في مادّيَّاتِ هذهِ الحياةِ الدُّنيا، والحرمانِ مِن السعادةِ الروحيةِ التي يَنعمُ بها المسلمونَ حقًّا.
فأمرُ اللهِ هذا للمسلمِ هو أنْ يكونَ إنسانًا صالحًا ينفعُ جميعَ بني الإنسانِ بصلاحِهِ، ويَسعى لإنقاذِ البشرِ جميعًا، بخلافِ المناهجِ البشريَّةِ، فإنَّها تطلبُ مِن الإنسانِ أنْ يكونَ مواطنًا صالحًا فقطْ، وهذا مِن الأدلةِ على فسادِها ونقصِها، وعلى صلاحِ الإسلامِ وكمالِهِ.
[إعداد القوة]
وأمرَ اللهُ المسلمينَ أنْ يُعِدُّوا لأعداءِ اللهِ ما استطاعُوا مِن قوةٍ،
طالب: مواطنًا صالحًا؟
الشيخ: هذه الأنظمة..
الطالب: يعني ليس مصلِحًا؟
الشيخ: إي نعم، مواطنًا صالحًا ولا يريدون إلا ما يتعلَّق بالوطن.
القارئ:
وأمرَ اللهُ المسلمينَ أنْ يُعِدُّوا لأعداءِ اللهِ ما استطاعُوا مِن قوةٍ؛ ليَحمُوا بها الإسلامَ والمسلمينَ، وليُرْهِبُوا بها عدوَ اللهِ وعدوَّهُم، كما أباحَ اللهُ للمسلمينَ أنْ يَعقدُوا المعاهداتِ معَ غيرِ المسلمينَ إذا دَعَا الأمرُ إلى ذلكَ على ضوءِ الشريعةِ الإسلاميةِ، وحرَّمَ اللهُ على المسلمينَ نقضَ العهدِ الذي يُبْرِمُونَهُ معَ عدوِّهم إلا إذا بدأَ العدوُّ بنقضِهِ، أو فعلَ ما يُوجِبُ ذلكَ، فإنَّهم يُشعرونَهُ بالنقضِ.
وقبلَ بدءِ القتالِ معَ غيرِ المسلمينَ أمرَ اللهُ المسلمينَ أنْ يدعُوا أعداءَهم إلى الدخولِ في الإسلامِ أولًا، فإنْ أبَوا طلبُوا منهمُ الجزيةَ والخضوعَ لحكمِ اللهِ، فإنْ أبَوا كانَ القتالُ حتى لا تكونَ فتنةٌ ويكونَ الدِّينُ كلُّهُ للهِ.
وفي حالِ القتالِ حرَّمَ اللهُ على المسلمينَ قتلَ الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ والرهبانِ الذين في معابدِهم، إلا مَنْ يشتركُ معَ المقاتلينَ برأيٍ أو فعلٍ، وأمرَهم أن يُعامِلُوا الأسرى بالإحسانِ، ومِن هذا نفهمُ أنَّ الغزوَ في الإسلامِ لا يُرادُ بهِ السيطرةُ والاستغلالُ، وإنما يُرادُ به نشرَ الحقِّ ورحمةَ الخلقِ، وإخراجَ الناسِ مِن عبادةِ المخلوقِ إلى عبادةِ اللهِ الخالقِ.
ثامناً: في الحريةِ...
الشيخ: الله المستعان، هذا في الحقيقة تلخيصٌ للسياسةِ الشرعيةِ الخارجيةِ، دعوةٌ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، وبقتالِ أعداءِ الله، والمرادُ مِن الجهادِ هو أيضًا إدخالُهم في دِينِ الله، أُمرتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حتى يَشهدوا أنَّ لا إله إلا الله إذن الغايةُ هو إصلاحُهم وإدخالُهم في دائرة الدِّينِ الحقِّ الذي تترتَّبُ عليه سعادةُ الدنيا والآخرة، وتضمَّنَتْ أحكامُ الشريعةِ في الجهادِ في سبيل الله الإحسانُ وعدمُ العدوانِ، وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] حتى في القتالِ للقتالِ حدود، كما نبَّهَ الشيخُ على أنه يحرمُ قتلُ النساءِ والذريةِ في الجهاد.
القارئ:
ثامناً: في الحريةِ:
[في حرية العقيدة]
حريةُ العقيدةِ: أعطى اللهُ في دينِ الإسلامِ لِمَنْ يدخلُ تحتَ حكمِهِ مِن غيرِ المسلمينَ حريةَ العقيدةِ بعدما يتمُّ بيانُ الإسلامِ له، وبعدما يُدعَى إليهِ، فإنِ اختارَ الإسلامَ ففيهِ سعادتُهُ ونجاتُهُ، وإنِ اختارَ البقاءَ على دينِهِ فقدِ اختارَ لنفسِهِ الكُفْرَ والشقاءَ والعذابَ في النارِ، ويكونُ بهذا قَدْ قامَتْ عليهِ الحجَّةُ وليسَ لَهُ عذرٌ أمامَ اللهِ تعالى، وحينئذٍ يتركُهُ المسلمونَ على عقيدتِهِ على شرطِ أنْ يَدفعَ الجزيةَ عَن يدٍ وهوَ صاغرٌ، ويخضعَ لأحكامِ الإسلامِ، ولا يتظاهرَ بشعائرِ كفرِهِ أمامَ المسلمينَ.
[حكم المرتد]
أمَّا المسلمُ فلا يُقبَلُ منهُ بعدَ الدخولِ في الإسلامِ الرِّدَّةُ عنهُ، فلو ارتدَّ فإنَّما جزاؤُهُ القتلُ، وذلكَ لأنهُ قدْ أصبحَ بِرِدَّتِهِ عَن الحقِّ بعدَ معرفتِه غيرَ صالحٍ للبقاءِ، إلا أنْ يتوبَ إلى اللهِ -تعالى- ويرجعَ إلى الإسلامِ، وإنْ كانتْ ردَّتُهُ بارتكابِ ناقضٍ مِن نواقضِ الإسلامِ فيتوبُ مِن ذلكَ الناقضِ بتركِهِ وبُغْضِهِ واستغفارِهِ اللهَ تعالى.
ثم قال رحمه الله:
ونواقضُ الإسلامِ كثيرةٌ: أشهرُها:...
الشيخ: لعلَّكَ تقفُ عليه، قفْ على هذا...