الرئيسية/شروحات الكتب/عقيدة السلف للصابوني/(10) قوله “ويؤمنون بالحوض والكوثر وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(10) قوله “ويؤمنون بالحوض والكوثر وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب”

بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (عقيدة السَّلف وأصحاب الحديث) للإمام الصّابوني
الدّرس العاشر

***    ***    ***    ***

– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، قال الإمام أبو عثمان الصّابوني -رحمه الله تعالى وغفرَ له ولشيخِنا والحاضرين ولجميعِ المسلمين-:

ويؤمنونَ بالحوض، والكوثر، وإدخالِ فريقٍ مِن المُوحّدين الجنّة بغيرِ حسابٍ، ومُحاسبة فريق منهم حسابًا يسيرًا، وإدخالِهم الجنةَ بغير سوءٍ يمسُّهم، وعذابٍ يلحقُهم، وإدخال فريقٍ من مُذنبيهم النّار، ثم إعتاقهم وإخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إلى الجنةِ ولا يُخلَّدُونَ في النار، فأمّا الكفارُ فإنّهم يُخلَّدُون فيها ولا يخرجون منها أبدًا، ولا يتركُ الله فيها من عصاةِ أهل الإيمان أحدًا. ويشهدُ أهلُ السنةِ أنَّ المؤمنينَ يرونَ ربّهم -تباركَ وتعالى- بأبصارِهم..

– الشيخ: لا إله إلا الله، هذه الجملة نبَّهَ فيها المؤلف على بعضِ اعتقادِ أهلِ السّنةِ والجماعة، وأنَّه مِن اعتقادِ أهلِ السّنة والجماعة الإيمانُ بالحوضِ المورود لنبينا -عليه الصّلاة والسّلام- الذي استفاضَت فيه الأحاديثُ، وتضمنت صفةُ الحوض مساحتَه وشرابه وآنيته، وأنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- يقومُ على الحوضِ، ويَرِدُ عليه المؤمنون المُتَّبِعونَ لسنّته، وأنه يَرِدُ عليه أقوامٌ ويُذادونَ عنه، جاءت الأحاديثُ وأنَّه يُسكَب فيه مِيزابان من الكوثرِ وهو النهرُ العظيم الذي أعطاه اللهُ لنبيه: إنا أعطيناك الكوثر [الكوثر:1]

فأهلُ السُّنَّةِ يُؤمنون بذلك، أمّا حقائقُ هذه الأمورِ فلا تتخيَّلُها عقولنا بهذه الدنيا، ولا نُدرِكُ حقائقَها إلا إذا وَرَدْنَاها -إن شاءَ الله- برحمتِه -سبحانه وتعالى- اللهُ المُستعان.

كذلك يؤمنون بأنَّ عُصاةَ المؤمنين -وإن دخلوا النارَ- فإنَّهم لا يُخلَّدُونَ فيها خلافًا للخوارج والمعتزلةِ، بل هم أصلًا تحت مشيئةِ الله، إن شاءَ الله غفرَ لهم، وإن شاءَ عذَّبَهم وإذا عذبهم فإنه تعالى يُخرجهم من النار ولا يُخلِّدُهم، فإنه لو خلَّدَهم لسوَّاهم بالكافرين، فلا يبقى في النار أحدٌ من أهلِ التوحيدِ، كما دلَّتْ على ذلك السنةُ الصّحيحةُ، وأطبقَ على ذلك أهلُ السّنّة والجماعةِ.

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليك، ويشهدُ أهل السّنّة أنَّ المؤمنين يرون ربَّهم -تبارك وتعالى- بأبصارِهم وينظرون إليه على ما وردَ به الخبرُ الصّحيحُ عن رسولِ الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قوله: (إنّكم ترونَ ربّكم كما ترونَ القمرَ ليلةَ البدر) والتشبيهُ وقعَ للرؤيةِ بالرؤية، لا للمرئيِّ بالمرئيِّ، والأخبارُ الواردة في الرؤية مُخرَّجَةٌ في كتابِ الانتصارِ بطرقها.

ويشهدُ أهلُ السّنّة أنَّ الجنةَ والنارَ مخلوقتان..

– الشيخ: كذلك مِن عقيدةِ أهلِ السّنّة والجماعة الإيمانُ برؤيةِ المؤمنين ربَّهم يومَ القيامة، وقد دلَّ على ذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23] وقالَ في الكافرين كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ [المطففين:15] ومن أدلةِ ذلك لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]

وتواترت السّنةُ عن النبيِّ -عليه الصّلاة والسّلام- الدَّالَّةُ على رؤية المؤمنينَ لربِّهم حتى أنه -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنّكم سترونَ ربَّكم كما ترونَ الشّمس ليس دونها سحابٌ، أو كما ترون القمر ليلةَ البدرِ لا تُضامُون في رؤيته) وهذا التّشبيهُ مِن تشبيهِ الرؤيةِ بالرؤية، رؤيةِ المؤمنين ربَّهم يومَ القيامة كرؤيتهم للشمسِ والقمر، من جهة أنّها رؤية بصريةٌ، ورؤية مُيسَّرةٌ واضحة، لا يحتاجون إلى تكلُّفٍ وترائي. وكذا يرونه رؤيةً لا يلحقهم فيها ضيمٌ ولا ضررٌ ولا ضيقٌ، بل يرونه -سبحانه- وينعمون برؤيته، لا إلهَ إلا الله.

– القارئ: ويشهدُ أهلُ السّنّة أنَّ الجنّة والنارَ مخلوقتان، وأنَّهما باقيتان لا يفنيانِ أبدًا، وأنَّ أهل الجنّة لا يخرجونَ منها أبدًا، وكذلك أهلُ النّار الذين هم أهلُها خُلقوا لها، لا يخرجون منها أبدًا، وأن المُنادي ينادي يومئذٍ: (يا أهلَ الجنّة خلودٌ فلا موتٌ، ويا أهلَ النّار خلودٌ ولا موتٌ) على ما وردَ به الخبر الصحيحُ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.

ومن مذهبِ أهلِ الحديث..

– الشيخ: وكذلك مِن مذهب أهلِ الحديث أهلِ السّنّةِ والجماعة الإيمانُ بوجود الجنةِ والنار خلافًا للمعتزلةِ، يعني أنهما الآن موجودتان، وقد دلَّتْ على ذلك أدلةٌ كثيرةٌ في القرآنِ وفي السنةِ، ومن ذلك أحاديثُ عذابِ القبر ونعيمِه، وأن المؤمن يُفتَحُ له بابٌ إلى الجنة، وأنَّ الكافر يُفتَحُ له باب إلى النارِ، وما أشبهَ ذلك وفي القرآن: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ [النحل:28] الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32] وفي الظالمين وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [الأنعام:93]

كذلك قوله تعالى في فرعون وقومه النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]

– القارئ: أحسن الله إليك، ومن مذهبِ أهلِ الحديث: أنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ ومعرفةٌ..

– الشيخ: قفْ على هذا.

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة