بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس الثّاني عشر
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، اللهم اغفرْ لشيخنا وللحاضرِين والمُستمعين، قال الشيخ عبد الرحمنُ بنُ ناصر السَّعدي -رحمه الله تعالى وأسكنَه فسيح جناته-
– الشيخ: آمين، اللهمَّ اغفرْ له.
– القارئ: في كتابه " فتحُ الرحيمِ الملكِ العلَّام في علمِ العقائد والتوحيدِ والأخلاقِ والأحكامِ المُستنبطة من القرآن"، قالَ -رحمه الله تعالى- عند فصلِ: عند قوله: الحكيم
– الشيخ: قال "فصلٌ" هو؟!
– القارئ: لا، يُعدِّدُ الأسماءَ
– الشيخ: إي، ما تقول "فصل"
– القارئ: نعم، الحكيم
– الشيخ: يعني ما في "فصل"؟
– القارئ: لا
– الشيخ: إي، خلاص
– القارئ: الحكيمُ:
وأمَّا الحكمةُ في شرعِه وأمرِه، فإنَّه -تعالى- شرعَ الشَّرائعَ وأنزلَ الكتبَ، وأرسلَ الرُّسلَ ليعرِفَه العبادُ ويعبدُوه، فأيُّ حكمةٍ أجلُّ من هذا، وأيُّ فضلٍ وكرمٍ أعظمُ من هذا
– الشيخ: لا إله إلا الله.
– القارئ: فإنَّ معرفتَه -تعالى- وعبادتَه وحدَه لا شريكَ له، وإخلاصَ العملِ له، وحمدَه وذِكرَه، وشكرَه والثناءَ عليه أفضلُ العطايا منه لعبادِه على الإطلاقِ
– الشيخ: نسأل الله من فضله، نسألُ الله أنْ يمُنَّ علينا وعليكم بهداه حتى نكون حامدين شاكِرين مُستجيبِين طائِعين، لا إله إلا الله.
– القارئ: وأيُّ فضلٍ وكرمٍ أعظمُ من هذا.
فإنَّ معرفتَه تعالى وعبادتَه وحدَه لا شريكَ له، وإخلاصَ العمل له، وحمدَه وذِكرَه، وشكرَه والثناءَ عليه أفضلُ العطايا منه لعبادِه على الإطلاقِ، وأجلُّ المناقبِ لمن يمنُّ الله عليه بها، وأكملُ السعادةِ والفلاحِ والسرورِ للقلوبِ والأرواحِ، كما أنَّها هي السببُ الوحيدُ للوصولِ إلى السَّعادةِ الأبديَّةِ، والفلاحِ السَّرمديِّ.
– الشيخ: فالعلمُ والإيمانُ هو فضلُ الله يُؤتيه من يشاءُ، العلمُ والإيمانُ هو فضلُ اللهِ يُؤتيه من يشاءُ، والله ذو الفضلِ العظيم يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [البقرة: 105]، وهذا الفضلُ يُؤدِّي إلى فضلٍ آخر: وهو المغفرةُ والجنةُ، مغفرتُه، سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد: 21].
– القارئ: فلو لمْ يكُنْ في أمرِه وشرعِه إلا هذهِ الحكمةَ التي هي أصلُ الخيراتِ، وأكملُ اللذَّات، وأكبرُ الوسائلِ والمقاصدِ، ولأجلِها خُلقَت الخليقةُ، ولأجلِها حقُّ الجزاءِ، ولأجلها خُلِقَت الجنةُ والنارُ، ولأجلِها جرتْ على الخليقةِ أحكامُ الملكِ الجبَّارِ الشرعيةُ والجزائيةُ لكانَت كافيةً شافيةً.
هذا؛ وقد اشتملَ شرعُه على كلِّ خيرٍ، فأخبارُه تملأُ القلوبَ علمًا وعقائدَ صحيحةً، وتستقيمُ بها القلوبُ ويزولُ انحرافُها، ويحصلُ لها من المعارفِ أفضلُ الغنائمِ والمكاسبِ. وأوامره كلُّها منافعٌ ومصالحٌ، وتُثمِرُ الأخلاقَ الجميلةَ، والمناقبَ الثمينةَ، والأعمالَ الصَّالحةَ، والهدْيَ الكاملَ، والأجرَ العظيمَ، والثوابَ الجسيمَ. ونواهيه كلُّها مُوافِقةٌ للعقولِ الصحيحةِ، والفِطرِ المُستقيمةِ، لأنَّها لا تنهى إلا عمَّا يضرُّ الناسَ في عقولِهم، وأخلاقِهم، وأعراضِهم، وأبدانِهم، وأموالِهم.
وبالجملة: فالمصالحُ الخالصةُ أو الرَّاجحةُ تأمرُ بها، والمفاسدُ الخالصةُ أو الراجحةُ تُنهَى عنها، فهو الحكيمُ في خلقِه وأمرِه. وكذلك أحكامُ الجزاءِ على الأعمالِ في غايةِ المُناسبةِ، والمُوافِقة للحكمةِ جملةً وتفصيلًا، واللهُ أعلم.
– الشيخ: هذا أصلٌ من أصول الاعتقادِ وهو الإيمانُ بحكمةِ الله، سواءً أدركناها أو لم نُدركها، وإنْ أدركنا شيئًا فهو يسير في جنبِ حكمته العظيمةِ الواسعةِ، فهو العزيزُ، وهو الحكيمُ -سبحانه وتعالى- له الحكمةُ البالغة في شرعه وقدَره، فعلى العبد أن يُؤمن بأنَّ الله حكيمٌ، فكلُّ ما أشكلَ عليك فأحِله على حكمة الله، الله حكيمٌ، وإنْ لم نُدركْ عينَ الحكمة في هذا الشأنِ، في [توجد] أشياءٌ كثيرة نُدرك حكمتَها في الخلْقِ والشَّرعِ، وأشياءٌ لا حدَّ لها لا نُدركُ حِكمتَها.
فتدبَّرْ هذا في خلقِك أيها الإنسان، في [توجد] أشياء ظاهرة تظهرُ لك الحكمةَ في كيانِك وفي […..]، سبحانَ الله العظيم!
لا إله إلا الله، وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: 21] فكِّرْ في تركيبِكَ، في أعضائِك، في أجزائِك، في قِواكَ الظاهرة وقِواك الباطنة، لا إلهَ إلا الله، دعْ سائرَ المخلوقاتِ من قريبٍ، فكِّرْ في نفسكَ تجد العجبَ العُجاب، في خِلقتِك، وفي تكوينِك، ولو دخلْنا في هذا للتفكُّرِ فيه لطالَ الوقتُ، ولا ينقضي العجبُ! ولا ينقضي التفكيرُ في أسرارِ حكمةِ الله –تعالى- نعم، إلى هنا يا أخي، وأيش بعده؟
– القارئ: السميعُ البصيرُ، العليمُ الخبيرُ
– الشيخ: إلى هنا.