بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس التَّاسع عشر
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللهمَّ اغفرْ لشيخِنا وللحاضرينَ والمستمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ ناصرٍ السعديّ رحمه الله تعالى وأسكنَه فسيحَ جناتِهِ
– الشيخ: آمين، آمين، اللهمَّ اغفر له.
– القارئ: في كتابه "فتحُ الرحيمِ الملِكِ العلَّامِ في علمِ العقائدِ والتوحيدِ والأخلاقِ والأحكامِ المستنبطةِ مِن القرآنِ"، قالَ رحمَه الله: الواحدُ الأحدُ الفَرْدُ
– الشيخ: هذهِ مِن أسماءِ اللهِ، الواحدُ: وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرعد:16]، والأحدُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وكلاهُما يدلُّ التوحيدُ وأنه لا شريكَ لَه ولا شبيهَ، وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة:163] فهو واحدٌ في إلهيَّتِهِ وربوبيتِهِ وأسماءِهِ وصفاتِهِ، لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، فهذانِ مِن أسمائِه الحسنى فهو "الواحدُ الأحدُ".
أمَّا "الفَرْدُ" فهو بمِعنى الواحدِ، لكنَّه لا أعلم أنه يعني وردَ إطلاقُ الفَرْدِ على الله، لكنَّه معناهُ صحيح، ويدلُّ على معناهُ الواحد والأحد؛ ولهذا جمعَها الشيخُ، الواحدُ الأحدُ الفَرْدُ، وكذلكَ الوِتْرُ هذا جاء، (إنَّ اللهَ وِتْرٌ يحبُّ الوِتْرَ)، فهو وِتْرٌ.
– القارئ: أيْ: هو الواحدُ المتفرِّدُ بصفاتِ المجدِ والجلالِ، المتوحِّدُ بنعوتِ العظمةِ والكبرياءِ والجمالِ، فهو واحدٌ في ذاتِهِ، وواحدٌ في أسمائِهِ لا سَمِيَّ لَه، وواحدٌ في صفاتِهِ لا مثيلَ لَهُ، وواحدٌ في أفعالِهِ لا شريكَ لَهُ ولا ظهيرَ ولا عَوينَ، وواحدٌ في أُلُوهيَّتِهِ فليسَ لَهُ نِدٌّ في المحبةِ والتعظيمِ، ولا لَهُ مَثيلٌ في التَّعبُّدِ لَهُ والتَّألُّهِ، وإخلاصُ الدينِ لَهُ.
– الشيخ: الله أكبر، ومِن هذهِ المعاني قالَ العلماءُ: إنَّ التوحيدَ ثلاثةُ أنواعٍ:
توحيدُ الإلهيةِ: وهو اعتقادُ أنَّ اللهَ هو الإلهُ المستحِقُّ للعبادةِ وحدَهُ دُونَمَا سِواهُ.
توحيدُ الربوبيةِ: وهو الإيمان بأنه -تعالى- ربُّ كلِّ شيءٍ ومَلِيكُهُ دُونَمَا سِواهُ، فهو المالِكُ ومَنْ سِواهُ مَمْلُوكٌ، وهو الخالِقُ ومَنْ سِواهُ مخلوقٌ، وهو الربُّ ومَن سِواه مَرْبُوبٌ، وهو الإلهُ ومَنْ سواهُ عبيدٌ.
وتوحيدُ الأسماءِ والصفاتِ: وهو أنَّه -تعالى- لا سَمِيَّ لَه، ولا شبيهَ لَه بشيءٍ مِن أسمائِه وصفاتِه.
فهذهِ أنواع التوحيد، و "لا إله إلا الله" تتضمَّنُ الثلاثةَ، "لا إله إلا الله" تتضمَّنُ أنواعَ التوحيدِ الثلاثةِ، وإنْ كانَ المقصودُ الأولُ منها هو: توحيدُ الإلهية.
– القارئ: وهو الذي عَظُمَتْ صفاتُهُ ونُعُوتُهُ حتى تفرَّدَ بكلِّ كمالٍ، وتعذَّرَ على جميعِ الخَلقِ أنْ يُحِيطُوا بشيءٍ مِنْ صفاتِهِ أو يُدركُوا شيئًا مِن نعوتِهِ.
– الشيخ: لا إله إلا الله، آمنتُ باللهِ ورسلِهِ.
– القارئ: فضلاً عَنْ أنْ يماثلَهُ أحدٌ في شيءٍ منها.
فأحديَّتُهُ تعالى تدلُّ على ثلاثةِ أمورٍ عظيمةٍ:
أولاً: نفيُ الـمِثْلِ والنِّدِّ والكفؤِ مِن جميعِ الوجوهِ.
ثانياً: وإثباتُ جميعِ صفاتِ الكمالِ بحيثُ لا يفوتُهُ منها صفةٌ ولا نَعْتٌ دالٌّ على الجلالِ والجمالِ.
ثالثاً: وأنَّ لَهُ مِن كلِّ صفةٍ مِنْ تلكَ الصفاتِ أعظمَها وغايتَها ومُنْتَهَاهَا وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى [النجم:42]
ثمَّ قالَ رحمه الله تعالى:
الصمدُ، أيْ: السَّيِّدُ العظيمُ الذي قدْ كَمُلَ في علمِه
– الشيخ: إلى هنا يا شيخ.