بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس الثَّاني والعشرون
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. اللهمَّ اغفرْ لشيخِنا وللحاضرِين والـمُستمعين. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بن ناصر السعدي -رحمَه الله تعالى- في كتابه "فتحُ الرحيمِ الملكِ العَلَّامِ في علمِ العقائدِ والتوحيدِ والأخلاقِ والأحكامِ الـمُستنبطةِ مِن القرآنِ" قال رحمه الله:
الربُّ، وربُّ العالمين.
– الشيخ: يعني يريدُ أنْ يقولَ: اسمانِ معناهُما متقاربٌ، الربُّ سبحانه وتعالى، وربُّ العالمين.
أمَّا ربُّ العالمين فكثيرٌ في القرآنِ، رَبِّ الْعَالَمِينَ، أولُ آية: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1] فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الجاثية:36] فهو كثيرٌ.
أما الربُّ بــ "الــ" فهو قليلٌ، لعلَّهُ إنْ كانَ موجوداً في السُّنةِ بــ "الــ" الرَّبُّ، وإلا في القرآنِ ما في، كلها بالإضافة رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] هكذا هذا الذي في القرآن بالإضافةِ إلى الـمَرْبُوب، {ربِّ البيتِ}: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ [قريش:3] سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ [الصافات:180] فيه: "ربُّكَ" فَلاَ وَرَبِّكَ [النساء:65] كلُّها بالإضافة.
– القارئ: الذي رَبـّى جميعَ المخلوقاتِ بِنِعَمِهِ، وأوجدَها وأعدَّها لكلِّ كمالٍ يَلِيْقُ بها، وأمدَّهَا بِمَا تحتاجُ إليهِ. أعْطَى كلَّ شيءٍ خَلْقَهُ اللائقَ بِهِ، ثمَّ هَدَى كلَّ مخلوقٍ لِمَا خُلِقَ لَه، وَأَغْدَقَ على عبادِهِ النِّعَمِ، ونَمَّاهُم وغَذَّاهُم وربَّاهُم بأكملِ تربيةٍ.
وتربيتُهُ وربوبيتُهُ نوعانِ:
ربوبيةٌ عامةٌ لكلِّ مخلوقٍ بَرٍّ وفاجرٍ، وهو عمومُ الخلقِ والرِّزقِ والتدبيرِ والإنعامِ بكلِّ نعمةٍ، فليسَ لَهُ شريكٌ في شيءٍ مِن ذلكَ.
وتربيةٌ خاصةٌ لأوليائِهِ، رَبَّاهُم فَوفَّقَهُم للإيمانِ بِه والقيامِ بعبوديتِهِ، وغَذَّاهُم بِمَعْرِفتِهِ ونَمَّى ذلكَ بالإنابةِ إليهِ، وأخرجَهُم مِن الظلماتِ إلى النورِ، ويَسَّرَهُم لليُسْرَى، وجَنَّبَهُم العُسْرَى، ويَسَّرَهم لِكُلِّ خيرٍ، وحَفِظَهُم مِنْ كلِّ شرٍّ.
ولهذا كانَتْ أدعيةُ الأنبياءِ وأُولي الأَلبابِ والأصفياءِ الواردةُ في القرآنِ باسمِ الربِّ؛ استحضارًا لهذا الـمَطلبِ، وطلبًا منهم لهذهِ التربيةِ الخاصةِ، فتجدُ مطالبَهُم كلَّها مِن هذا النوعِ، واستحضارُ هذا المعنى عندَ السؤالِ نافعٌ جدًا.
ومِن أسمائِهِ تعالى: الـمـُعِزُّ الـمُذِلُّ، الخافضُ الرافعُ، المعطي المانعُ، المحيي المميتُ، القابضُ الباسطُ.
وهِي مِن الأسماءِ المزدوجةِ المتقابلةِ التي لا يُطْلَقُ كلُّ واحدٍ منها إلا معَ الآخر؛ لأنَّ الكمالَ المطلقَ باجتماعِها.
ووردتْ هذهِ في القرآنِ على وجهِ الإخبارِ عنه بها بالفعلِ؛ لأنَّها مِن مَعَانِي الربوبيةِ، ومِن مَعَانِي الـمُلكِ، فيُغني عنها اسمُ الربِّ والـمَلِكِ، فإنَّ هذه المعاني العظيمةِ مِن معاني الـمَلِكِ، فإنَّ الـمَلِكَ مِن صفاتِهِ أنَّه يُعِزُّ ويُذِلُّ، ويُعطي ويَمنعُ، ويَخفضُ ويَرفعُ، بحسبِ علمِهِ وحكمتِهِ ورحمتِهِ، كما أنَّه يُحيي ويُميت ويُدَاولُ الأيامَ بينَ الخليقةِ.
الودودُ.
– الشيخ: إلى هنا يا شيخ، الله المستعان، كما قالَ الشيخُ ما وردَ بلفظِ الـمُعِزّ، وردَ: يُعِزُّ مَن يشاءُ، ويُذِلُّ مَن يشاءُ، ويُؤتي الملكَ مَن يشاءُ.