الرئيسية/فتاوى/حكم ختم الخطبة بقول فإن كان خيرا فمن الله وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان
share

حكم ختم الخطبة بقول فإن كان خيرا فمن الله وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان

السؤال :

ظهرتْ عادةٌ لدى بعضِ خطباء الجمعة في المساجد أخيرًا؛ أنَّهم يقولون في نهاية الخطبة الأولى: “أقولُ ما سمعتم فإنْ كانَ خيرًا فمِن الله، وإن كانَ غيرَ ذلك فمِن نفسي والشَّيطان”، فهل قولُهم هذا صواب؟ مع أنَّهم يسوقون النّصوص مِن القرآن والسُّنَّة، فهي الغالبة على الخطب، نرجو توجيهكم في هذا السَّبيل، على ما عودتمونا مِن البيان والنّصح، جزاكم الله خيرًا .

الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبي بعده ؛ أمَّا بعد :

فإنّي لا أرى وجهًا لختم الخطبة بقولهم: “أقولُ ما سمعتم فإنْ كانَ خيرًا فمِن الله، وإن كانَ غيرَ ذلك فمِن نفسي والشَّيطان”؛ فإنَّ هذه العبارة ترِدُ في بعضِ مقدمات المؤلفات أو في ختامها، يفعلُ ذلك بعضُ المصنِّفين في الأحكام التي يدخل فيها كثيرٌ مِن الاجتهادات، وما تستتبعه مِن تقريرات واستدلالات، يَعرض فيها الخطأ رواية أو رأيًا، فيطلقون هذه العبارة تواضعًا واحترازًا عن تزكية ما صنَّفوه، وتكون هذه المصنَّفات طويلة مما يُعرِّضها لاحتمال الخطأ فيها، وأما خُطب الجمعة ونحوها: فهي مواعظ وتوجيهات مُستمدَّة مِن أحاديث نبويَّة وآيات قرآنيَّة، ليس فيها اجتهادات مِن الخطيب يُعبّر فيها عن آراء تخصّه، هذا باعتبار الأغلب، وقد يُوجد في الخطباء مَن يعرضُ في خطبته لمسائل خلافيَّة، ويكون له فيها اجتهادٌ، ومع ذلك فلا موجب لختم الخطبة بمثل تلك العبارة التي توجبُ لكثير مِن المستمعين عدم الثقة بِمَا قاله الخطيب؛ لأن العاميَّ يفهم منها أنَّ الخطيب على غير ثقة مما قال.

لذلك؛ أرى أنَّه لا موجب لختم الخطبة بتلك العبارة المذكورة، بل يُستغنى عنها بالدعاء، مثل: اللهمَّ أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطلَ باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضلّ، ومثل: نسألُ الله أن ينفعنا بكتابهِ وسنَّة نبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وأن يهدينا صراطه المستقيم، ونحو ذلك مِن الأدعية.

ويناسبُ هنا ذكرُ ما قاله شيخُ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله، قال رحمه الله: “ولهذا كان الصَّحابةُ إذا تكلَّموا باجتهادهم يُنزّهون شرعَ الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن خطئهم وخطأ غيرهم، كما قال عبدُ الله بن مسعود في المفوِّضة: (أقولُ فيها برأيي؛ فإن يكن صوابًا فمِن الله، وإن يكن خطأ فمني ومِن الشَّيطان، والله ورسولُه بريئان منه)، وكذلك روي عن الصّديق في الكلالة، وكذلك عن عمر في بعض الأمور” الفتاوى الكبرى (3/302). والله أعلم . 

أملاه:

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

لخمس بقين من ذي القعدة الحرام 1436هـ