الرئيسية/فتاوى/تخصيص ما بين الظهر والعصر يوم الأربعاء بالدعاء
share

تخصيص ما بين الظهر والعصر يوم الأربعاء بالدعاء

السؤال :

هناك ورقة وزِّعتْ في المساجد ذُكِرَ فيها أنَّ مِن السُّنن المتروكة: الدُّعاء بين الظهر والعصر يوم الأربعاء، استدلالًا بحديث يُروى عن جابر -رضي الله عنه- أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- دعا في مسجد الفتح ثلاثًا بين الظهر والعصر يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فعُرِفَ البشرُ في وجهه، فهل الحديث صحيح؟ وهل توزَّعُ الورقة في المساجد؟ جزاكم الله خيرا.   

 

لا أرى توزيع هذه الورقة؛ لضعف إسناد الحديث ونكارة متنه، فقد رواه الإمام أحمد في مسنده عن كثير بن زيد عن عبد الله، [1] و"كثير" مُتكلَّم فيه، قال عنه أبو حاتم: ليس بالقوي، وضعَّفه النّسائي، كما تفرَّد به كثيرٌ عن عبد الله بن عبد الرحمن، وهو مجهول، ومسجدُ الفتح لا يُعرف!، وجاءَ في رواية عند الإمام أحمد أيضًا أنَّه مسجد الأحزاب، [2] بل لا يُعرَفُ في عهد النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- مسجدُ الفتح ولا مسجدُ الأحزاب، قالَ الشيخ حمود التويجري رحمه الله: "لم يثبتْ أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أسَّس في المدينة مسجدًا سوى مسجده ومسجد قباء، ومَن زعم غير هذا فقوله بعيدٌ مِن الصّحة، والذي يظهر أنَّ هذه المساجد كانت مِن إنشاء المفتونين بالآثار، ونسبتها إلى الأكابر ليكون لذلك موقع عند الجهال". [3]   

ونقول: ولو صحَّ الحديث فإنَّه لا يدلُّ على خصوصية للوقت بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء، بل الأشبه أنَّ هذا الدّعاء وقعَ مِن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- اتفاقًا؛ إذ منشأ الإجابة هو الإلحاحُ في الدعاء، ولو صحَّ فهمُ جابر -إن كان هذا ثابتًا عنه- لكان الحديث أدلَّ على خصوصيَّة المكان منه على خصوصية الزَّمان، فإنَّ الحديث ظاهرُ الدلالة على تحرّي المكان، بخلاف دلالته على فضيلة الوقت، فهي غير ظاهرة.

وهناك شيءٌ آخر -يَرِد على متنه أيضًا- وهو أنَّ تخصيص ما بين الظهر والعصر بالفضيلة ليس له نظير فيما نعلم، فإنَّ معظم سنن الذكر والدعاء إنَّما تكون في طرفي النَّهار وآخر الليل وأدبار الصَّلوات. وعلى ذلك: فلا أرى أن توزَّعَ هذه الورقة في المساجد ولا غيرها، والله أعلم.

 

قال ذلك:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 18 ربيع الآخر 1432 هـ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1   المسند (22/425) ط. مؤسسة الرسالة، وقال محققه: (إسناده ضعيف).
2   المسند (23/392) قال محققه: (إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن جابر رضي الله عنه).
3   مجلة البحوث الإسلامية 279-280 العدد الخامس محرم – جمادى الآخرة 1400هـ.