الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبي بعده، أمَّا بعد:
فأقول: إنَّ كفرَ الجحودِ هو ضربٌ مِن كفرِ التَّكذيب، فالتَّكذيبُ يكونُ ظاهرًا وباطنًا، وتارةً يكونُ باطنًا لا ظاهرًا، وهو كفرُ الجحود، كما قال تعالى: فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ -أي: في بواطنهم- وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام:33]، وكقوله عن فرعون: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14].
ولعلَّ ابنَ القيِّم أفردَ كفرَ الجحودِ بالذّكرِ والبيانِ لأنَّه أغلظُ نوعي التَّكذيب، مع العلمِ بأنَّ ما ذكرهُ مِن أنواع الكفرِ الخمسة بينها تلازمٌ؛ فإنَّ كفرَ الجحودِ هو مِن كفرِ الإباء والاستكبار، كما يُشيرُ إليه قولُه تعالى في فرعون وقومه: ظُلْمًا وَعُلُوًّا، وقال تعالى: وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ [العنكبوت:39].
هذا وبعد مراجعةِ كلامِ ابنِ القيِّم تبيَّنَ أنَّه أفردَ كفرَ الجحودِ لحاجته إلى التَّفصيل؛ لأنَّه نوعان: عامٌّ وخاصٌّ، والله أعلم.
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في الثاني عشر من ذي القعدة 1437هــ