الرئيسية/فتاوى/حكم أخذ المتطوع للهدايا والمكافآت من المؤسسات الدعوية
share

حكم أخذ المتطوع للهدايا والمكافآت من المؤسسات الدعوية

السؤال :

كثير من المؤسسات الدعوية والتطوعية تهدي لمن يتعاون معهم في إلقاء المحاضرات أو تنظيم الدورات، ممن لا يأخذ مقابلًا لعمله الدعوي أو التطوعي= تهدي لهم هدايا في ختام مواسم العمل أو ختام المشاريع. الهدايا أحيانا تكون رمزية؛ يعني مبالغها قد لا تتجاوز خمسين ريالًا، تقل أو تزيد، وقد تكون دروعًا وغيرها.

  1. ما حكم أخذها لمن لم يشترطها؟
  2. لو كانت الهدايا تُقدَّم من إدارة المؤسسة لموظفيها المميَّزين، أو للمتعاونين الذين يأخذون مكافآت على أعمالهم التطوعية؛ لتشجيع الباقين على المشاركة والعمل، هل هذه الهدايا سائغة؟ وهل يأخذها المتطوع؟
  3. هل يختلف الحكم لو كانت موارد المؤسسة المالية قائمة على التبرعات ودعم المحسنين؟
  4. في الحالة السابقة، قد تكون الهدايا مقدَّمة من أحد الداعمين لهذا الغرض، هل يختلف الحكم؟
  5. قد تكون الهدايا رمزية جدًا، كشهادة تقدير، وقد تكون عَيْنية كشيء يستخدم في المنزل: صينية أو كاسات رخيصة الثمن، وقد يكون كتابًا، وقد يكون مجموعة كتب، فهل يختلف حكم أخذها بكونها ثمينة أو لا، أو كونها دينية أو دنيوية؟
  6. على فرض جواز أخذها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لِعُمر ما جاءك من غير إشراف نفس… فخذ، فالمرة الأولى تأتي بغير إشراف النفس، فهل المرات التالية تنزع عنها هذه الصفة، كونه صار يتوقع الهدية؟ أو لكونها صارت عُرفًا في مؤسسته وعادة؟
  7. هل قبول هذه الهدايا يؤثر في إخلاص الداعية أو المتطوع؟
  8. هل يقلل أجره لو قُبل عمله؟
  9. هل الورع تركها، وما دليل ذلك؟
  10. وهل ننصح من اعتاد أخذها بعدم أخذها؟
  11. إذا جرى عُرْف المؤسسات على هذا الإهداء، فهل يباح لنا مجاراتهم في مؤسساتنا أو الأفضل تغيير هذا العرف؟
  12. هل يقاس أخذ الهدية من المؤسسة التي قام الشخص بتقديم محاضرة أو عمل تطوعي معها على حديث: من شفع لأخيه شفاعة فأهدى إليه هدية فقبلها فقد أتى بابا من أبواب الربا [1] ، وفي رواية: فهو سحت [2]  لأنه إنما عمل العمل لله.

وعذرا للإطالة! لكن الأمر عمَّ كثيرًا، فأردنا الاستفصال من أهل العلم، جزاكم الله خيرا.

 

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 أخرجه أحمد (22251)، وأبو داود (3541) عن أبي أمامة رضي الله عنه. واختُلف في إسناد هذا الحديث؛ فقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1259): "عبيد الله ضعيف عظيم، والقاسم أشد ضعفًا منه"، وقال ابن عبد الهادي في المحرر (877): " والقاسم: مختلف في توثيقه، والترمذي يصحح حديثه". وينظر: الصحيحة (‌‌3465).
2 جاء عن ابن مسعود موقوفًا، أخرجه الطبري في التفسير (8/432) ولفظه: "من شفع شفاعة ليردَّ بها حقًّا، أو يرفع بها ظُلمًا، فأُهدي له فقبل؛ ‌فهو ‌سُحتٌ".

الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فمَن عمل لله عملًا من دعوة إلى الله وغيرها؛ فلا يطلب أجرة عمله إلا من الله، كما أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا [الأنعام:90]، وكما قالت الرسل عليهم السلام لأقوامهم: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: 109]، وعلى هذا؛ فلا يجوز طلب الأجر حينئذ، وإن أُعطي مكافأة كهدية ونحوها من غير سؤال فالأولى ألَّا يأخذه، وعليه أن يستغني بثواب الله؛ فإن أخذ المكافآت والهدايا يفتح عليه باب التعلق بمنافع الدنيا، ممَّا يُضعِف إخلاص عمله لوجه الله، وأمَّا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر: إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مُشرِف ولا سائل، فخذه، وما لا، فلا تُتبعه نفسَك [1] ، فالمراد به ما يُعطاه الإنسان لمحض نفعه، لا في مقابل طاعة عملها لله، لكن إذا كانت الطاعة تستلزم جهدًا بدنيًّا وتفرُّغًا يفوِّت عليه بعض مصالح دنياه؛ فله أن يأخذ ما يعطَى إعانةً له، ممَّا يمكِّنه من القيام بذلك العمل، كما ذكر الفقهاء في حكم تعليم القرآن، وكما ذكروا في حكم أخذ الأجرة على القُرَب، كالأذان والإمامة، واستثنوا من ذلك الرَّزق من بيت المال، فيجوز أخذه، والأولى تركه [2] ، فهذا ما تيسَّر من الجواب على سبيل الإجمال، وبه يتضح ما ورد في السؤال من مسائل تفصيليَّة بتطبيق الجواب المجمل عليها.

وممَّا ينبغي أن يُعلم في هذا المقام أنَّ ما وجب على الإنسان عينًا من فروض الكفايات لم يجز أخذ الأجر عليه، بل عليه أن يؤديه بمحض التقرب إلى الله. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 5 جمادى الآخرة 1444هـ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 أخرجه البخاري (1473) -واللفظ له-، ومسلم (1045).
2 ينظر: المغني (2/70)، (5/23).