الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فمعلوم أن الهجاءَ ذمٌّ وسبٌّ من الشاعر لمن يهجوه، وقد كان بعض شِعر حسَّان -رضي الله عنه- للكفَّار من الجهاد في سبيل الله بالقول، حتى قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما في المتفق عليه: اهجهم -أو هاجهم- وجبريل معك [1] ، وكان شعر حسَّان أشدَّ على المشركين من وقع النبل، ومعلوم أن من المحرَّمات سبابُ المسلم وغيبته، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: سبابُ المسلمِ فسوقٌ خرَّجه الشيخان [2] ، وقال تعالى: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ[الحجرات:48]، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره الحديث. [3]
ومن المعلوم أن هجاء المسلم يجمع بين سبِّه وغيبته، فهو حرام لو كان المهجوُّ من عموم المسلمين، فكيف إذا كان من الصحابة الذين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم: لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، متفق عليه، وهذا لفظ مسلم؟!. [4]
فمثل الأبيات المذكورة لا تجوز روايتها إلا على وجه الإنكار والذَّمِّ لقائلها إن كان غير مسلم، ولا يجوز التمثُّل ولا الاستشهاد بها إلا في مقام تعليم اللغة العربية ممَّن يصح الاستشهاد بشعره من الفصحاء، وهذا ممَّا درج عليه العلماء من أهل اللغة والمفسرين وغيرهم، ومن ذلك استشهادهم بأبيات من شعر الغَزَل الفاحش، ويُشبه أن يكون هذا من باب الضرورة. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 17 رجب 1444هـ
الحاشية السفلية