الرئيسية/فتاوى/حكم من اضطربت وترددت في دورتها بين الحيض والاستحاضة والنفاس

حكم من اضطربت وترددت في دورتها بين الحيض والاستحاضة والنفاس

السؤال :

دم النفاس كان ٢٦ يومًا ثم توقَّف، ورأيت الطُهر، وصرت أصلي، وبعده بأربعة أيام نزل مرة واحدة دمٌ أحمر، وتوقف، واستمريت بالصلاة، ولا اعتبرته شيئًا، وبعد دم النفاس بثمانية أيام، نزل مني دمٌ كثيفٌ يختلف عن دورتي الطبيعية في الشكل، وسألت طبيبةً برسالة، فقالت: هذه دورة، وتركت الصلاة، واستمرتْ يمكن أحد عشر يومًا، سبعة أيام منها تقريبا أكيدة، والبقية أصلي واغتسل، تنقطع ويرجع لي شيء خفيف مرة في اليوم.

بعد أحد عشر يومًا هذه مررت بأحد عشر يومًا طُهر، ثم رجعت الدورة مرة ثانية، وكانت هذه الدورة نفس دورتي المعهودة إلا أنها تقريبًا أحد عشر يومًا، ثمانية أيام منها أكيدة، والباقي كأنها استحاضة، تركت الصلاة في الأكيد، والباقي أصلي كل صلاة، وأغتسل أحيانًا شكًّا بالطهر‏، بعد ثلاثة أيام من الطهر أو أربعة رجع ينزل مني شيء خفيف بُنِّي، ثم ازداد عندي بُنِّي وأحمر، وزادت الكمية، صارت مثل كمية الدورة، ومثل آلام الدورة، سألت الطبيبة برسالة، فقالت: غالبا دورة، لكن أنا حاليا أتوضأ لكل صلاة، احترت! لأن دورتي قبل الحمل مرة بالشهر ومن ٦-٨ أيام، ثم بعد الولادة ما صرت أميّز بينهم، فهل أقضي صلوات الدورة الأولى؛ لأنها كانت غريبة؟ أم أنها إما نفاس أو دورة؟

وكذلك الدورة الثالثة بدايتها كانت غريبة، لكن الآن شبيهة بأيام الدورة الوسطى، فهل استمر في الصلاة؟ أم الجميع ما عليَّ صلاة فيهم؟ ‏

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فنسأل الله أن يثيبك على اهتمامك بأمر دينك، وهذه الأحوال “أمرٌ كتبه الله على بنات آدم”، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة المخرَّج في الصحيحين[1]، وقد فهمتُ من عرضكِ أنَّكِ اجتهدتِ كثيرًا، إما بالصلاة أو بترك الصلاة، واتقيتِ الله حسبما تستطيعين، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا ‌اللَّهَ ‌مَا ‌اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، والذي ظهر لي -والله أعلم- أنه ليس عليك قضاء ما صليتِ فيما تظنين أنه استحاضة، بل هذا هو الأصل: أن المستحاضة تصلي، وليس عليك قضاء ما تركت من الصلاة فيما تظنين أنه حيض، فهذا هو الواجب، وهو ترك الصلاة في حال الحيض، وهذه الحال التي ذكرتِ حالُ اضطرابٍ وترددٍ بين الحيض والاستحاضة ودم النِّفاس، وشريعة الإسلام مبنيَّة على اليسر، ولله الحمد، يُرِيدُ ‌اللَّهُ ‌بِكُمُ ‌الْيُسْرَ ‌وَلَا ‌يُرِيدُ ‌بِكُمُ ‌الْعُسْرَ [البقرة: 185]، وقال تعالى: وَمَا ‌جَعَلَ ‌عَلَيْكُمْ ‌فِي ‌الدِّينِ ‌مِنْ ‌حَرَجٍ [الحج: 78]، فلا تلتفتي إلى كل ما سبق، بل استقبلي أمرك في الأيام القادمة، حسبما تقتضيه أحوالك من حيض أو استحاضة. نسأل الله أن يمنَّ عليك باستقرار الأمر، وجريانه على الأحوال الطبيعية، والشؤون العادية. والله أعلم.

 

 

أملاء:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 15 ذي الحجة 1444هـ

 

[1] أخرجه البخاري (294)- واللفظ له-، ومسلم (1211).