أنواع العندية الواردة في القرآن٢٢/جمادى الآخرة/١٤٤٦ الموافق ٢٣/ديسمبر/٢٠٢٤

الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فالعنديَّة هي ما يدل عليه الظرف (عند) مضافًا إلى الله تعالى، وقد جاء في القرآن كثيرًا، وتختلف صفة العنديَّة بحسب السياق الذي ورد فيه الظرف؛ ولهذا تبيَّن بعد التَّدبُّر أنَّ العنديَّة أنواع كثيرة: عنديَّة المكان، كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ [الأعراف: 206][1]، وعنديَّة الحكم، كقوله تعالى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا [الأنفال: 55][2]، وقوله: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ [ص: 47]، وعنديَّة الابتداء، كقوله تعالى: وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ [البقرة: 89][3]، وعنديَّة مِلك، كقوله تعالى: تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ [النساء: 94]، وعنديَّة عِلم، كقوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام: 59][4].

وأما ما ذكر السَّائلُ مِن عنديَّة الضَّمان؛ فيمكن أن يُستشهد لها بقوله تعالى: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ [ص: 25]، ويمكن أن تسمَّى عنديَّة العهد والوعد. والله أعلم[5].

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 22 جمادى الآخرة 1446 ه

ـ

[1] وهو من أدلة أهل السنة على إثبات العلو. ينظر على سبيل المثال: الرد على الجهمية للدارمي (ص99-101)، ومجموع الفتاوى (5/165)، (5/226)، والنونية (2/365).

[2] ينظر: تفسير الرازي (15/497).

[3] ينظر: التبيان في إعراب القرآن (1/90).

[4] ينظر: التحرير والتوير (7/270).

[5] ينظر: بيان تلبيس الجهمية (6/256-262).