الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه قال: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها[1]، وثبت في مسند الإمام أحمد والسنن: فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ، فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أَرِمْتَ؟ – يعني: وقد بَليت – قال: إن الله عز وجل حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء[2].
فدلَّ هذا الحديث على أن ليوم الجمعة خاصِّيَّةً في الصلاة على النبي ﷺ، فيُستحب تحري الصلاة على النبي ﷺ في هذا اليوم أكثر من غيره، وقد غلط بعض الناس فظنَّ أن الصَّلاة على الرسول ﷺ أفضلُ من قراءة القرآن يوم الجمعة، ولا ريب أن تلاوة القرآن أفضلُ الذكر[3]؛ لأن لكل قارئ بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها[4]، ومع ذلك فإن التذكير بالفضائل اليومية من ذكرٍ وصلاةٍ على النبي ﷺ ينبغي أن يكون في الدروس والمواعظ العامة، ليكون ذلك معلومًا عند المسلم يتذكره في وقته، كما يتذكر الفرائض والمستحبات، أما التذكير بفضائل الدعاء والذكر والصلاة على الرسول ﷺ في وقتها بالاتصالات والرسائل فليس له ما يشهد له مِن سيرة السلف مِن الصحابة والتابعين، فلم يكونوا يطرقون الأبواب: صلُّوا صلاة الضحى، صلُّوا على النبي في هذا اليوم؛ وعلى هذا فلا أرى العمل بهذه الطريقة من الاتصالات ورسائل الهاتف الجوال، ولو طردنا هذا الأسلوب لقلنا: ينبغي طرق الأبواب على الأصحاب والأقارب والاتصال بهم آخر الليل ليتهجدوا، وكذا في الصباح والمساء، تذكيرًا بأذكار الصباح والمساء، وهذا يصيِّر هذا العمل بدعةً ظاهرةً، لكن يذكَّر بمثل هذه الفضائل في الاجتماعات والمناسبات والدروس والكلمات العامة في المساجد وغيرها.
نسأل الله أن يلزمنا هداه وهدي نبيه ﷺ، ويوفقنا للسنة، ويجنبنا البدعة. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 1 رجب 1446هـ
[1] أخرجه مسلم (854) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] أخرجه أحمد (16162)، وأبو داود (1047)، (1531)، والنسائي (1374)، وابن ماجه (1085)، (1636) من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه. وصححه ابن خزيمة (1733)، وابن حبان (910)، وينظر: جلاء الأفهام (ص77)، وصحيح سنن أبي داود (962).
[3] ولشيخنا فتوى في الموقع الرسمي في بيان ذلك، وعنوانها: ” هل الصلاة على النبي يوم الجمعة أفضل من قراءة القرآن “.
[4] أخرجه الترمذي (2910)، الحاكم (2040) وصححاه، وينظر: الصحيحة (660)، (3327).