الرئيسية/فتاوى/حكم الجمع بين القراءات المختلفة في الصلاة

حكم الجمع بين القراءات المختلفة في الصلاة

السؤال :

سماحة شيخنا: قد سمعتُ أحد المشايخ في مجلسٍ من المجالس ينقل عنكم اختياركم جوازَ التلفيق بين القراءات في الصلاة، فيقرأ في الركعة آيةً برواية حفص، ثم التي تليها برواية قالون، ثم التي تليها برواية الدوري، وهكذا. فهل ما أفاد به هذا الناقل عنكم صوابٌ؟ متعنا الله ببقائكم، ونفعنا بعلومكم، وجزاكم عن الإسلام وأهله خير الجزاء وأوفاه.

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فأقول: نعم؛ إني أرى ذلك، وأفعله أحيانًا في الصَّلاة في الآية الثالثة من سورة الفاتحة، فأقرأ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] على قراءة نافع وابن عامر وغيرهما[1]، لكني أقول: إنَّ ذلك جائز، وهو الجمع بين القراءات، مالم يترتب عليه إشكالٌ في ترتُّب المعاني بين الآيات، أو فساد المعنى في الآية الواحدة؛ كمن يقرأ: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ [البقرة:37] بالرفع فيهما أو بالنصب، آخِذًا رفعَ (آدم) من قراءة غير ابن كثير، ورفعَ (كلمات) من قراءة ابن كثير[2]، أو إشكالٌ عند المستمعين الذين اعتادوا قراءة من القراءات، ولا يعرفون تعدُّد القراءات.

 وهذا الذي رأيتُه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-[3]، فقد سُئل عن رجل يصلي بقوم، وهو يقرأ بقراءة الشيخ أبي عمرو، فهل إذا قرأ لورش أو لنافع باختلاف الروايات -مع حمله قراءته لأبي عمرو- يأثم، أو تنقص صلاته، أو تُردّ؟ فأجاب: “يجوز أن يقرأ بعضَ القرآن بحرف أبي عمرو، وبعضَه بحرف نافع، وسواء كان ذلك في ركعة أو ركعتين، وسواء كان خارج الصلاة أو داخلها. والله أعلم” اهـ. من مجموع الفتاوى[4].

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 3 جمادى الآخرة 1446هـ

 

[1] وهي قراءة الجمهور، واختارها الطبري. ينظر: المبسوط في القراءات العشر (ص86)، وتفسير الطبري (1/151).

[2] ينظر: المبسوط في القراءات العشر (ص129).

[3] ووجَّه شيخنا -سدده الله- كلامًا آخر لشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13/14) وفيه: “‌وأما جمعها (أي: القراءات السبع) ‌في ‌الصلاة ‌أو ‌في ‌التلاوة فهو بدعة مكروهة”، فقال شيخنا: مراده ما يفعله بعض القرَّاء فيقرأ الكلمة الواحدة، ويعيدها ويكررها بقراءات مختلفة.

[4] (22/445). وينظر: أحكام القرآن لابن العربي (2/613)، والنشر في القراءات العشر (1/18-19).